3ساعات كاملة قضتها «المصرى اليوم» داخل غرف التعذيب التى أنشأها أعضاء جماعة الإخوان المسلمين عند أبواب قصر الاتحادية بمصر الجديدة والغرفة المركزية التى تقع أمام البوابة المواجهة لمسجد عمر بن عبدالعزيز بشارع الميرغنى، الغرفة مؤمنة بالكامل بكردون أمنى وحواجز حديدية، وأفراد أمن مركزى يمنعون دخول أى شخص إلا بموافقة أعضاء الجماعة.
بصعوبة شديدة وبعد وساطة زميل بقناة «مصر ٢٥» الفضائية المملوكة للإخوان، تمكنا من دخول الغرفة.. يوجد لواءات وضباط شرطة بملابس عسكرية، وآخرون بزى مدنى من قسم شرطة النزهة، يكتفون بدور المتفرج على ما يجرى من عمليات ضرب وسحل وتعذيب، وتواجد أيضاً قرابة ١٥ شخصاً من الإخوان يميزهم بنيان قوى، ويشرف عليهم ٣ أشخاص ملتحون يرتدون زياً مهندماً، هم من يقررون من يتواجد فى الغرفة، بل قد يطردون أياً منهم حتى لو كان منتمياً للإخوان.
تبدأ عملية التعذيب بالقبض على أحد المتظاهرين المعارضين للرئيس محمد مرسى خلال الاشتباكات، أو عند الاشتباه فى أحد الأشخاص فى المكان الذى لا يشهد أى اشتباكات بعد فصل قوات الأمن المركزى بين المؤيدين والمعارضين، بعدها، يتناوب أعضاء الجماعة ضربه باليد والقدم والعصى فى الوجه والبطن وفى كل أنحاء جسده، ويمزقون ملابسه ثم يذهبون به إلى أقرب غرفة تعذيب فرعية، التى لا يتواجد فيها أفراد أمن مركزى أو أفراد من وزارة الداخلية أو المباحث، ويصعب تحديد عدد هذه الغرف، حيث إنه بمجرد القبض على شخص تنشأ الغرفة فى أقرب مكان بجانب أحد المبانى أو الأسوار، ثم يتم بعد ذلك تفتيش المقبوض عليه ذاتياً والاستيلاء على ما معه من أموال أو هواتف أو بطاقات هوية، قبل البدء فى استجوابه، الذى تتخلله لكمات وصفعات على الوجه من حين لآخر لإجباره على الاعتراف بأنه بلطجى مأجور.. يسألونه عن سبب نزوله وعما إذا تقاضى أموالاً للتظاهر، وهل يتبع الدكتور محمد البرادعى، مؤسس حزب الدستور، أو حمدين صباحى، مؤسس التيار الشعبى، أو الحزب الوطنى المنحل.. وكلما نفى التهم التى يوجهونها إليه، زادوه ضرباً وسباً بالأب والأم.. ويتولى أحد الأعضاء توثيق الاستجواب بكاميرا موبايل، كما يتصلون بقناة «مصر ٢٥» الفضائية كى تأتى للتسجيل معهم باعتبارهم بلطجية تم إلقاء القبض عليهم.
بعد فترة من الاستجواب، يُنقل المقبوض عليه من غرفة التعذيب الفرعية إلى الغرفة الرئيسية، وفى الطريق يتواصل الضرب المبرح والسب بشتى أنواع الشتائم وتمزيق الملابس، وكل من يواجهه أو يقابله فى الطريق من الإخوان «يعطيه ما فيه النصيب» سباً وضرباً، وقد يقيمون حفلاً جماعياً عليه قبل إدخاله الغرفة المركزية وفيها يتولى أحد محامى الإخوان تسلم بطاقات الرقم القومى والأموال وكل ما لديه من متعلقات ويسلمها لرئيس المباحث الموجود فى المكان. وزعم بعض أعضاء الجماعة وجود أسلحة تم تحريزها من المقبوض عليهم وتسليمها لضباط مباحث قسم النزهة لكننا لم نتمكن من التأكد من وجودها.
صرخ أحد الشباب المقبوض عليهم فى وجه أعضاء الجماعة فى الغرفة قائلاً: «أنا شيخ ومربى دقنى، واللى ح يجيب لى حقى منكم الشيخ صفوت حجازى، أنا صديق كل المشايخ، حسبى الله ونعم الوكيل فيكم، إحنا مسلمين زيكم». شاب آخر كان ينزف دماً، قال: «أنا متعلم وعندى عربية، ده شكل واحد بلطجى، حرام عليكم». وثالث من مواليد منطقة السيدة زينب نال قسطاً كبيراً من الضرب واتهمه الأعضاء بأنه تابع لـ«فتحى سرور»، رئيس مجلس الشعب السابق.
بعض الأشخاص المقبوض عليهم كانت حالتهم الصحية متدهورة جداً ولم يتمكنوا من الرد على الأسئلة التى يوجهها لهم من يستجوبونهم، وبعضهم كان الدم ينزف من كل أنحاء جسدهم، وفى حالة إعياء شديدة، دون تقديم أى إسعافات لهم، فقط تمنح لهم زجاجة مياه ليشربوا منها أو يستخدموها لوقف النزيف.
بعد تجمع أكثر من ١٠ أشخاص من المقبوض عليهم، طلب رئيس المباحث وضباط الشرطة المتواجدون فى الغرفة من قيادات الجماعة الثلاثة مساعدتهم فى تأمين المكان وفتح ممر لهم لنقل المقبوض عليهم إلى قسم شرطة النزهة حتى لا يفتك بهم أعضاء الجماعة مرة أخرى، وهو ما تم بالفعل، وبعد ترحيل كل فوج يأتى أشخاص آخرون مقبوض عليهم.
بجانب غرفة التعذيب المركزية، كان هناك ٣ أشخاص يحتجزون فى غرفة الأمن بداخل القصر، عند البوابة الرئيسية بشارع الأهرام، هناك لا يسيطر شباب الإخوان على المكان وانتهى دورهم بتسليم المقبوض عليهم للحرس وتمكنا من تصوير أحدهم، بينما كان الآخران بداخل القصر، ويتهم شباب الإخوان أحدهم بحيازة سلاح وإطلاق النار على عضو بالجماعة، بعض الأشخاص المقبوض عليهم بقوا فى غرف التعذيب الفرعية ولم يتم تسليمهم لضباط المباحث، تركنا المكان وعلى رصيف القصر وجدنا آثاراً واضحة لدماء سالت، حاول البعض وضع التراب عليها لمحوها، لكن أحداً لن يستطيع محو صورة الدم من ذاكرة المصريين لمئات السنين.