x

جمال الجمل ماذا ينقص مصر؟ جمال الجمل الأحد 27-12-2015 22:13


(1)

قبل شهور سألت الأستاذ هيكل: ماذا ينقص مصر لكي تنهض من كبوتها الطويلة؟
قال: الرؤية.
امتدت الجلسة في استكشاف عميق للوجع الوطني والذاتي، بكى قلبي عدة مرات، وأنا أشعر أن المستقبل بعيد رغم قربه، فهو على بعد خطوات، لكنه خلف غلالة شفافة وسميكة، كلما تصورت أنك ستكمشه بأصابعك إذا مددت يدك، تصدم روحك بجدار عنيد، وترتمي في البركة الآسنة وأنت تواصل الصراخ والألم، فنستسلم من جديد لأوهامنا اللذيذة، فالوهم كما يقول أمبرتو إيكو، أكثر عذوبة وألفة من الحياة ووقائعها، لذلك استسهلنا التعامل معها باعتبارها حالة وهمية بالأساس.

(2)
* تسأل المبدعة اللبنانية الجميلة، الصديقة ثناء عطوي: هل قلت لك لماذا يحلم الناس؟
-لا
* ﻷنهم لا يشبعون من الحياة، لذلك يتخيلون أنهم ليسوا نائمين، بل مستيقظون، ويصدقون أن شيئا لم يضع منهم، فكل شىء موجود في الأحلام بطريقة أسهل.

(3)
«أما مازال من حقنا أن نصدق أحلامنا، ونكذب هذا الوطن؟»
* يسأل محمود درويش، فهل لديكم إجابة؟
- يغيب الوطن في أيامنا فيكبر في أحلامنا، ويطاردنا في المنام، حتى نصحو على كوابيس المرحلة الداعرة، نواصل الاستماع إلى معزوفة «الهجايص»، ونشاهد ترنح الخصيان والغواني على لحم الطرقات نحو القصر المضىء بنور العيون.
نخاف، نجوع، ننزف حزنا، ونبكي كي نعود إلى أحلامنا

(4)
نحن ما زلنا هنا/ ولنا أحلامنا الكبرى.. كأنْ نستدرج الذئب إلى العزف على الجيتار في حفلة رقص سنويّة.
ولنا أحلامنا الصغرى.. كأنْ نصحو من النوم معافين من الخيبة.
لم نحلم بأشياء عصيّة/ نحن أحياء وباقون/ وللحلم بقيّةْ.

(5)
ذهبنا إلى جنة الفقراء الفقيرة/ نفتح نافذة في الحَجَر/
لقد حاصرتنا القبائل، يا صاحبي/ ورمتنا المحن/ ولكننا لم نقايض رغيف العدو بخبز الشجر

(6)
وما زال في الدَّرْب دربٌ لِنَمشي ونمشي/ إلَى أين تأخُذُني الأسئلة؟
أَنا مِنْ هُنَا/ وأَنا مِنْ هُناكَ/ وَلَسْتُ هُنَاكَ ولْستُ هُنَا.

(7)
نحن نتاج هذا الواقع، وهذا الزمن الذي تختلط فيه الانهيارات الواضحة بالولادات الغامضة، ولا نتوب عن أحلامنا مهما تكرر انكسارها.

(8)
تعلَّمتُ كل كَلامٍ يليق بِمُفردةِ الدّم كي أَكْسرَ القاعِدة/
تعلَّمتُ كُلَّ الكلامِ وفَككتهُ كَي أُركِّبَ مفردةً واحدة/
هي: الوطن
«هل كان في وِسعنا أَن نحِب أَقل لِنفرح أكثر؟
هل كان في وسعنا أَن نحِب أَقل.. أقل؟»
كم أنت بعيد يا وطني.. كم أنت بعيد أيها الأمل
«ولَكننا سَوف نحيا، لأنَ الحياةَ حياة»
..................................................................................................................
المقال عبارة عن كولاج فني يقدم الحياة على السياسة، شارك فيه: هيكل، محمود درويش، أمبرتو إيكو، ثناء عطوي، والكاتب)

جمال الجمل
[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية