x

سليمان جودة ولو جئتم بمحافظ نيويورك! سليمان جودة الأحد 27-12-2015 21:43


عاشت الإسكندرية شهرين تقريباً بلا محافظ، وكانت الدولة طوال الشهرين تبحث عن محافظ جديد لها، بدلاً من أن تبحث عن الأسباب التى أدت إلى فشل تجربة هانى المسيرى فيها، ولأن الدولة راحت على مدى الشهرين تفتش فى الشكل، ولا تبحث فى المضمون، فلن تختلف الحركة الأخيرة التى جاءت بـ11 محافظاً عن سابقاتها فى حصيلتها النهائية، وأستطيع أن أراهن، منذ الآن، على أننا بعد عدة أشهر من اليوم، وربما عدة أسابيع، سوف نظل نطالب بحركة محافظين جديدة، وسوف نكتشف أن الذين جاءوا فى حركة أمس الأول لم يشفوا غليلنا، ولم يحققوا مطالب أبناء محافظاتهم، كل محافظة على حدة، ليس بسبب عيب فيهم، وإنما فى الأجواء السياسية والقانونية العامة التى يعملون فيها!.. أستطيع أن أراهن، وأن أكسب رهانى مع أى أحد!

وإذا أردتم أن تختبروا صدق كلامى فاسألوا المهندس محمد عبدالظاهر، محافظ الإسكندرية الجديد، فهو صاحب تجربة فى الإسكندرية نفسها، من قبل، وهو صاحب تجربة فى المحليات عموماً وهو رجل فاهم.. وكم نادى من قبل بأن عمل المحافظ لينجح يحتاج إلى كذا، وإلى كيت.. تحديداً، وأنه دون ذلك لا نجاح لأى محافظ، ولكنه فى كل الأحوال كان كمن يخاطب نفسه!

إن أول الذين أدركوا أصل مشكلة المحافظ فى مصر، كان هو السادات العظيم، وكان أن قرر فى أيامه تحويل المحافظ إلى رئيس جمهورية فى محافظته، وكانت هذه هى البداية حقاً، لولا أنها كانت كبداية فى حاجة إلى أن تتحول من خيال فى عقل السادات الداهية إلى واقع قانونى وسياسى على الأرض.. واقع يمنح المحافظ صلاحيات حقيقية تجعله يستطيع أن يعمل.. واقع يمنحه المسؤولية الكاملة، لنحاسبه فيما بعد عما فعله، وعما قام به فى مكانه بهذه المسؤولية.. واقع يجعل المحافظ صاحب قرار «حقيقى» فى الإقليم الذى يديره، وليس مجرد صورة، أو مجرد صاحب منصب، أو مجرد اسم فى مكتب!

لم يحدث شىء من هذا، وظلت رغبة السادات فى أن يكون المحافظ اسماً على مسمى مجرد فكرة عظيمة فى رأس الرئيس الراحل، إلى أن مات بها، وكان الأمل، ولايزال أن يأتى من بعده رجال يسألون أنفسهم عن السبب الذى دعاه إلى أن يفكر فى أن يجعل المحافظ رئيس جمهورية فى محافظته، وعما هو مطلوب حقاً لتحويل هذه الرغبة إلى واقع حتى على الأرض.. ولكن أحداً لم يسأل، ولم يفعل!

أتمنى النجاح من أعماقى لكل محافظ من الـ11 محافظاً الجدد، وللقدامى كذلك، ولكن المسائل لا تؤخذ أبداً بالأمانى، من جانبى، أو من جانب القائمين على الأمر فى البلد، ولو جئتم بحاكم نيويورك ذاته فى مكان أى واحد فيهم فلن يؤدى وجوده بيننا إلى شىء.. أى شىء.. لأننا لانزال مصممين على أن الحكاية هى مجرد مجىء شخص فى مكان شخص.. أما الواقع المتوارث الذى يعمل فيه فإننا نتجنبه بكل تخلفه، ونتركه على حاله، لأنه لا أحد يريد أن يتعب نفسه ويفكر.. لا أحد.. فكيف ننجح، كيف؟!.. إننى لا أهنئ الـ11 رجلاً الجدد، ولكنى أشفق عليهم.. أشفق عليهم لأن ما كان من واقع يسبقهم هو ذاته الكائن، ولا شىء قد تغير!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية