x

جمال الجمل قرون جاتسبي (حكايات من زمن المهرجانات-4) جمال الجمل السبت 26-12-2015 23:40


(1)

هيا بنا نواصل الابتذال..

لن أكتب عن «كتلة المستقلين» التي يتزعمها «العظيم» توفيق عكاشة، ولا عن عصابة «إعلاميي 30 يونيو» التي شرع في تدشينها «العظيم» مرتضى قلب الأسد، ولا عن خلطة «التحالف الإسلامي»، ولا إقدام إثيوبيا على تغيير مجرى نهر النيل ليمر عبر سد النهضة، ولا عن أسرار أزمة محافظ الشرقية، ولا عن مغزى عودة المستشار عدلي منصور إلى الاتحادية زائرا، ولا عن فخامته ولا جلالته ولا سموه، ولا معاليه، ولا .............

(2)

سأواصل الحديث عن «جاتسبي العظيم»، حتى بعد أن تيقنت أنه لم يكن عظيما يوما، فاللقب كان تعبيرا عن حالة المبالغة و«النفخ» التي تسود في مراحل الانحطاط، كما نتوسع نحن في استخدام ألقاب من نوع يا باشا، يا زعيم، يا نجم، أو سعادتك، جنابك، أو حتى «يا روح أمك» التي اشتهر بها «جاتسبي مصر العظيم» وأشباهه من أعضاء رابطة الفيللا البيضاء والأيام السوداء.

(3)

جميعهم بلا استثناء مثل «جاتسبي»، جاءوا من غابة الماضي المشبوه، ليتصدروا المشهد، رافعين رايات الشهرة والثروة والسلطة، ظناً أن بريق الضوء وألقاب العظمة المصطنعة تكفي لغسل أوساخ الماضي!

(4)

يقول التاريخ إن جاتسبي دعي ذات ليلة إلى الساحل الشمالي، حيث حضر حفلة مبهرة في قصر «بيكون تاورز»، فأصابته نوبة دوار تمنى خلالها أن يستمر (ولو ضمن الخدم) في بلاط «السادة اللامعين»، وكانوا مجموعة من تجار السلاح والتهريب، ونساء الصفقات المشبوهة، ووزراء، ومسؤولين بارزين في أجهزة أمنية علنية وسرية، وفي هذه الحفلة التقطه أحدهم، ووضعه لفترة تحت الاختبار، وبعد أسابيع قليلة، تأكد من وضاعته الكاملة، فدعاه إلى حفلة سرية في قلعة «أوهيكا» وبشره باختياره للمشاركة في أول صفقة من صفقات «الحظ السعيد»، وكما تقول الصور شائعة الانتشار: شوهد جاتسبي يقبل يد سيده، في أكثر من موقف، وفي أكثر من مكان، بل وبأكثر من اسم، وأكثر من وجه له ولسيده أيضا..!

(5)

مرت السنوات، وفوجئ الناس أن «جاتسبي» صار «عظيما»، لم يعرف أحد سر هذه العظمة، لكن الإعلام كان يكرر ذلك كثيرا، وكانت صورته تملأ الصحف، وكانت الناس تهابه، وامتلأ ساحل الرذيلة بنماذج متنوعة من «جاتسبي العظيم»، وأيضا لم نعرف: عظيم في ماذا؟، أو عظيم لماذا؟

(6)

كتب واحد من السذج: لا أعرف ما إذا كان الإعلام يُسقِط خيالاته على جاتسبي فيراه عظيما حقا، لأنه صار مذيعا مشهورا، ورئيسا لتحرير صحيفة كبيرة، ورئيسا لأحد الأندية الرياضية، بل ورجل صناعة «يفوت في الحديد»!، أم أنه يسخر منه ومن ماضيه المشبوه المرتبط بصفقات الفساد، وتهديد الناس بالفضائح، وهي الطريقة التي تم تسريبها بمعرفة جهاز الفضائح الرسمي، ليتم نشرها في المجتمع عن طريق سياسة «الخصخصة»، فقد صار لكل جاتسبي عصا سحرية للسيطرة، وإن تنوع شكل العصا من «سي دي»، إلى «صندوق أسود» إلى صحيفة ورقية أو موقع الكتروني، أو ميكروفون يتبول فيه على قارعة الطرق العامة.

(7)

يحكى أن جاتسبي كان يحدث سيده الغامض، الذي عاتبه على كلمة تشبه الحق قالها يوما، فرد جاتسبي «المرح»: أصلي بضرب وألاقي يا عمرو، لازم نعمل شوية كده عشان الناس تصدقنا، وبعدين نمرر اللي إحنا عاوزينه..!

وحدث أن جاتسبي آخر منهم، تزوج قطة شيرازية لزوم وجاهة البيزنس، وأوعز للإعلام الجاتسبي أن يبالغ في الحديث عن غرامه بها، حتى صار رومانسيا جدا، ومنفتحا على الآخر، وتصادف أن سيده القديم مات، وجاء سيد جديد من قبيلة الشناكل، فطرق جاتسبي بيت كاهن الشناكلة، وسأله متوسلا: هو إزاي يا سيدنا أبقى شنكل ابن شنكل؟

قال له الكاهن: طلق القطة الشيرازية، فطلقها الشاب الجاتسبي وابتسامته تصل حتى أذنيه، من دون أن يتذكر صوره الرومانسية وقصص الغرام!

يومها سألت واحدا من علماء الكائنات الطفيلية، عن أبرز سمات فصيلة الجاتسبي، فقال لي: أهم صفة مشتركة بين مسوخ الجاتسبي هي استئصالهم المبكر لمنظومة الإحساس، بالإضافة إلى ملمح «القرون»، فمهما كان عمر الواحد فيهم أو اسمه أو جسمه، فإن سرعان ما ينبت له «قرون» تساعده على الاستشعار الدقيق لاتجاهات ورغبات السيد، وكان الجاتسبي منهم يعتبر موقع السيد هو «القبلة»، وتوجيهاته هي «الكلام المقدس»، وفضلاته هي «النعمة»، و..

وهذا لم يمنع أن الجاتسبي كثيرا ما يختلفون على اتجاه القبلة، ويتلاعبون بالكلام المقدس، ويتصارعون على النعمة، وهذا طبيعي لا ختلافهم في نوع، ومقاس وترددات قرونهم، التي لم تعد للاستشعار وفقط.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية