x

حسابات «أنابيب الغاز» تشعل القتال في حلب انتظارا لحسم الصراع السوري

صراع على توريد الغاز إلى أوروبا بين السعودية وقطر وتركيا ضد إيران والعراق وروسيا والأسد
السبت 30-04-2016 14:19 | كتب: محمد البحيري |
ضحايا الغارات الجوية على مدينة حلب بسوريا، 29 أبريل 2016. ضحايا الغارات الجوية على مدينة حلب بسوريا، 29 أبريل 2016. تصوير : وكالات

يستعر القتال على حلب بين مختلف أطراف الأزمة السورية في الأيام الأخيرة، بشكل أثار اندهاش الكثيرين، مجمعين على سؤال واحد: ما أهمية حلب التي تجعل الجميع يقاتلون عليها بشراسة؟

تستمد حلب أهميتها من موقعها الاستراتيجي، فضلا عن كونها ذات أهمية رمزية كبيرة، فهي من أقدم مدن العالم، وثاني أكبر المدن السورية، وكانت أكبر المراكز الاقتصادية والمدينة السياحية الأولى في البلاد، وكانت الموقع المفضل للعديد من البعثات الدبلوماسية لفترة طويلة من الزمن.
ومعظم سكان المدينة عرب من المسلمين السنة، مع أقلية سنية كردية وتركمانية، إلى جانب أكبر جالية مسيحية في سوريا، وأقليات شيعية وعلوية.
ويمكن اعتبار محافظة حلب وريفها في الشمال السوري مركزاً يضم معظم التشكيلات والقوى العسكرية المتقاتلة على الأرض السورية، إذ يسيطر تنظيم داعش على أجزائها الشرقية وصولاً إلى مدينة مارع والحدود التركية، بينما تسيطر القوات الكردية على الجزء الغربي انطلاقاً من عفرين وصولاً إلى مطار منغ العسكري وتل رفعت. في حين تسيطر قوات النظام وحزب الله والميليشيات الشيعية على أجزاء من الريف الشمالي انطلاقاً من السجن المركزي والمدينة الصناعية، وصولاً إلى نبل والزهراء.

ضحايا الغارات الجوية على مدينة حلب بسوريا، 29 أبريل 2016.

وتكمن أهمية مدينة حلب في أنها تشكل امتداداً من ناحية الشمال الشرقي والغربي لتركيا. كما تعتبر أحد أهم حصون المعارضة المعتدلة.
ويسعى النظام السوري بشدة إلى السيطرة على حلب لضبط الحدود السورية- التركية، التي باتت بوابة لآلاف من قوات المعارضة بمختلف أنواعها والتي تدخل عبر تركيا، ما يعني قطع الامدادات التركية للميليشيات المعارضة.
ويرى بعض المراقبين أنه إذا تمكنت القوات الحكومية السورية من السيطرة الكاملة على حلب، ستتغير موازين القوى لصالح النظام السوري، خاصة إذا حقق انتصارا رمزيا على داعش وشقيقاتها هناك، لأنه سيحسن صورة الأسد أمام العالم.
كما أن الانتصار في حلب سيقوي الموقف الداخلي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين داخل بلاده، في ظل الأزمة الاقتصادية وتراجع العملة المحلية، والتشكيك في جدوى الاستثمار في الحملة الروسية في سوريا.
وتعد حلب أحد معقلين كبيرين للمعارضة على الحدود الشمالية مع تركيا، والمعقل الآخر هو إدلب. وتعتمد المعارضة في الشمال بشكل كبير على تأمين المساعدات والإمدادات عبر تركيا إلى حلب وإدلب من خلال معبري باب السلامة وباب الهوى على الترتيب. ومع قطع طريق الإمدادات في حلب لا يبقى للمعارضة سوى طريق إدلب للحصول على الإمدادات مع العلم بأن جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة تتمتع بنفوذ كبير في إدلب مقارنة بحلب. ويأتي ذلك في ظل تقارير عن معاناة المعارضة نقصا شديدا في إمدادات الأسلحة اللازمة لخوض معركة حيوية بهذا الحجم تحت القصف الروسي.

ضحايا الغارات الجوية على مدينة حلب بسوريا، 29 أبريل 2016.

وسوف تعتبر السعودية سقوط حلب في يد النظام انتصارا جديدا لإيران وحزب الله في سوريا.
أما تركيا فسيؤدي سقوط حلب إلى وضعها في مواجهة مباشرة مع روسيا والنظام السوري، ما يعني وصول الحرب فعليا إلى الأراضي التركية عبر تطويق حدودها بحزام علوي كردي، خاصة في ظل المحاولات التي تشير إلى سعي روسيا لاستقطاب حزب الاتحاد الديموقراطي السوري المعادي لتركيا.
ويرى البعض أن حلب من أهم أسباب الحرب السورية أساسا، خاصة حين يربطها بالصراع على الطاقة عموما، والغاز تحديدا. ومن ذلك ما كتبه البروفيسور روبرت تيلور، أستاذ الاقتصاد البريطاني، في مقال بمجلة القوات المسلحة الأمريكية تحت عنوان «صراع الأنابيب في سوريا»، تحدث فيه تيلور عن عرض قدمته قطر لدمشق عام 2009 لمد خط أنابيب يحمل الغاز القطري والسعودي، ويمر عبر سوريا في حلب متجها إلى تركيا ثم أوروبا، لكن سوريا فضلت توقيع اتفاق مع إيران لمد خط أنابيب عبر العراق لتزويد أوروبا بالغاز الإيراني، والذي سيكون بمقدوره تصدير 20 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً. وهو ما يعتبره تيلور تفسيرا للجهود القطرية السعودية الحثيثة لاسقاط النظام السوري، علما بأن قطر تمتلك 14% من الاحتياطي العالمي للغاز، إلا أن إيران تمتلك ثاني أكبر احتياطي من الغاز في العالم بعد روسيا.
ومن هذا المنطلق ايضا يأتي التدخل الروسي في القتال، لكون روسيا تحتكر تزويد أوروبا بالغاز عبر شركة «غاز بروم» العملاقة، وهو ما يجعل أوروبا تبحث عن بدائل للغاز الروسي في ظل الأزمة الأوكرانية، التي ترتب عليها قيام أوكرانيا بقطع الغاز الروسي عن أوروبا، وخلق أزمة طاقة في الدول الأوروبية.
وفي المقابل ستحصل تركيا على امتيازات اقتصادية وسياسية كبيرة من المشروع القطري السعودي، كونها ستصبح المعبر الأساسي لإيصال الغاز إلى أوروبا.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية