- أعجبنى وزير الإسكان الدكتور مصطفى مدبولى فى أن يعلن عن مشروعه الإسكانى الجديد الذى يخدم به سكان الصعيد، وهو مشروع الإسكان الاجتماعى بنظام التمليك التأجيرى.. لأول مرة تمنحك وزارة الإسكان شقة بإيجار شهرى وبعد ثلاثين عاما تصبح مالكا لهذه الشقة.. ميزة وزير الإسكان أنه بدأ فى إجراء دراسات على الطبيعة لكى يحدد القيمة الإيجارية لكل شقة فى المشروع الإسكانى الجديد بعد الأخطاء التى وقعت فيها الوزارة وكانت سببا فى مقاطعة له.. أنا شخصيا كنت مع هؤلاء الشباب الذين صدموا فى الأسعار فلم يكن مقبولا أن تخصص الوزارة مساكن لهم ويتحمل الشاب قسطا شهريا لا يقل عن ثلاثة آلاف جنيه فى حين القطاع الخاص أسعاره أقل بكثير من أسعار الحكومة.. الوزير بسياسته الجديدة كتب لنفسه بطاقة صداقة مع أبناء الصعيد المهمشين فى محاولة منه لكسب صداقتهم وتلبية احتياجاتهم.
- سألت الدكتور مصطفى مدبولى هل مشروع الإسكان الاجتماعى الجديد هو مصالحة من الوزارة للمواطنين. قال الرجل.. هو تجربة جديدة وجريئة لا تحقق ربحا لا لخزينة الدولة ولا لوزارة الإسكان لقد راعينا البعد الاجتماعى والدخول الضعيفة وبالذات لأبناء الصعيد فقررنا ألا تزيد القيم الإيجارية عن مائتين وعشرين جنيها بعد أن كانت ضعف هذا المبلغ وسوف تسدد على ثلاثين عاما تنتقل بعدها ملكية الشقة للمستأجر وأغلقنا الباب والثغرات حتى لا تستغل فى التربح بتطبيق القانون وحبس كل من يثبت تنازله عن الشقة بالبيع أو الإيجار وسحب الشقة منه لهذا قررنا أن نبدأ ببناء ٢٠٠ ألف وحدة سكنية ٤٠ فى المائة منها للشباب.
- أنا مع وزير الإسكان فى أن هذا المشروع هو أكبر مشروع إسكانى فى تاريخ الوزارة فالوزارة تستثمر العائد من حصيلة الإيجار فى بناء وحدات جديدة وطالما بدأ فى الصعيد فما المانع من تطبيقه فى المدن الجديدة.. الوزير على حق أن الصعيد كان محروما من المشاريع الوطنية ومثل هذا المشروع فيه انتعاشة لأصحاب الدخول الصغيرة.. وهنا يحضرنى سؤال هل مثل هذه المشاريع سيكتب لها الاستمرار فى حالة تغيير الحكومة، مؤكد لا، لأنها مرتبطة بوجود الوزير فكم من مشاريع إسكانية كانت فى الأحلام لكنها ماتت بتغيير الوزراء.. ودخلنا فى الأوهام نبيع للشباب بيوتا على ورق.. ما من وزير إسكان إلا وتجد فى برنامجه حزمة من المشاريع الوهمية، هذه الحزمة لشريحة الشباب فى محاولة لاكتساب الرضا منهم ولأنها تخرج عليهم بأسعار تعجيزية يعدل الشباب ويلتقط الوزير أنفاسه وكأنه أدى واجبه ليطرح حزمة أخرى باسم سكان العشش والمقابر وحتى اليوم لم يتغير الحال، والشهادة لله منذ مجىء الوزير الدكتور مصطفى مدبولى والرجل يرفض سياسة الضحك على الذقون لأنه واضح والدليل أنه صدق فى وعده مع أبنائنا فى الخارج يوم طرح لهم قطعا من الأراضى فى المدن الجديدة، لقد كان عادلا مع أبناء الوطن الذين ساندوا بلدهم وهم فى الغربة لم يحرمهم من تحقيق أحلامهم فى بناء بيت لكل منهم.
- على أى حال أرجو أن يتنبه وزير الإسكان للمستقبل وتكون اختياراته للأراضى التى يقام عليها هذه المشاريع فى العشوائيات وليست فى الأماكن التجارية حتى نغلق المنافذ فى تحويل الشقق السكنية إلى بوتيكات كما حدث فى شارع جامعة الدول العربية بالمهندسين.. العمارات التى أقامتها محافظة الجيزة والأوقاف فى الستينيات كانت القيمة الإيجارية للشقة تبدأ من خمسة جنيهات وبعد عشرين سنة انتقلت ملكيتها لشاغليها وتم بيعها كمحلات وبوتيكات بما يقرب من مليون جنيه للشقة وفى بعض الأماكن وصلت إلى اثنين مليون..
- السؤال.. هل ستتكرر هذه التجربة ويتحول السكن العائلى إلى محال تجارية.. مؤكد أن الذى يحدث فى مصر من الممكن أن يحدث فى الصعيد الذى هو على أبواب التحضر وفى عهد السيسى يشهد اهتماما كبيرا لدرجة أن أسعار السكن ارتفعت وأصبحت قريبة من أسعار القاهرة. لقد زحف العمران إلى القرى والنجوع ولا نستبعد من إقامة مشاريع عملاقة فيه أكبر من التى نراها فى المدينة الصناعية فى العاشر من رمضان أو أكتوبر..
- على أى حال عقلية ذات علم ورقى كأقلية الدكتور مصطفى مدبولى لا يمكن أن تفوته التجارب السابقة وإن كنا نتطلع إلى الأحسن القادم.. وهذا هو ما ننتظره منه كوزير للإسكان.