x

محمود مسلم الإفراط فى الود..أول طريق الديكتاتورية محمود مسلم الإثنين 11-05-2015 21:44


تأتى سقطة المستشار محفوظ صابر، وزير العدل، ضد البسطاء وأبناء الطبقة الفقيرة، ضمن مسلسل «الفراغ السياسى» الذى تعيشه مصر فى الفترة الأخيرة، مما أدى إلى انتشار حالة من السيولة يدفع ثمنها الرئيس السيسى من شعبيته ومصداقيته لدى الناس و«الغلابة فى القلب منهم»، حيث مازال الجهاز الإدارى مترهلاً وفاسداً دون خطوات فعلية لتطويره، كما غاب مبدأ الثواب والعقاب، ولا يعرف أحد حتى الآن معايير اختيارات الوزراء والمحافظين، مما يساهم فى تسرب شائعات كثيرة حول علاقاتهم بأقارب كبار المسؤولين.. ولو حاسب أحد وزيراً أو محافظاً على تصريحاته ما انفلت وزير العدل بهذه العبارات مع الإعلامى رامى رضوان فى برنامج البيت بيتك، خاصة أن «محفوظ»، الذى فضلوه وزيراً على المستشار أحمد الزند، لم يقدم على مدى عام إنجازاً يستحق الإشادة فى مشاكل العدالة الكثيرة، سواء تأخر القضايا أو مشاكل الوزارة، ففشل مهنياً، وهو الآن سقط سياسياً.

ولأن مصر لا تعرف معاقبة المسؤول إلا بإقالته فقط، مهما ارتكب من أخطاء، فيما لا يحاسب من رشحه، ولا أعرف كيف لحكومة مشكوك فى جديتها تسمح لوزرائها بترشيح المحافظين الجدد الذين تنتشر حكايات فشلهم على المقاهى ليلاً. لم تستثمر الحكومة فرصة الزخم الشعبى والدولى بعد المؤتمر الاقتصادى، وكما تأخرت من قبل فى إعداد قانون الاستثمار لعدة أشهر فإنها حتى الآن لم تنجز لائحته على مدى شهرين، بالإضافة إلى الفشل الدائم والممتد فى إقرار قانون الدوائر الانتخابية. فلو كان فى مصر برلمان لتصدى لأزمة وزير العدل، وسحب الثقة منه مع العديد من الوزراء الفاشلين، بدلاً من أن يتحمل الرئيس عبء كل شىء.

فهل يعلم الرئيس أن وزير الزراعة يعطل مشروعات لشركة المراعى السعودية، بالتعاون مع شركة بيبسى العالمية بحوالى 5 مليارات دولار تم توقيعها فى المؤتمر الاقتصادى؟! وكلما مروا على الوزير قال لهم «فوتوا علينا الأسبوع المقبل»، بينما يهتم الوزير بحركات «الشو» الإعلامية، سواء بالجولات الميدانية على نهج كل وزراء الحكومة، أو الجلوس على المصطبة فى قريته بالجلابية، وسط كاميرات الصحف والفضائيات.

سألنى الإعلامى يوسف الحسينى، فى إحدى حلقات برنامجه: هل هناك تناغم بين الرئيس والحكومة، أم أن هناك فرق سرعات كبيراً؟ فأجبت أن التناغم مفقود بين أعضاء الحكومة من الأساس، ولا توجد رؤية تجمعهم، وهناك تفاوت كبير فى الأداء بينهم، ومعظمهم مغيبون عن طبيعة المرحلة التى تخوض فيها مصر حرباً على 3 جبهات لأول مرة فى تاريخها وإذا كان الرئيس يرفع شعار مواجهة الفقر فهم يعملون على مكافحة الفقر!.

ينجح الرئيس فى الملفات الخارجية المعقدة، وفى المشروعات القومية الداخلية، لكنه لم ينجح حتى الآن فى خلق منظومة تنقذ البلاد من كبوتها، ومازال اعتماده الرئيسى على جهده، بالإضافة إلى دور الجيش فى التنمية وجهود فردية أخرى لم تصل إلى درجة المؤسسية، لكن الأمر يحتاج إلى تفعيل مبدأ الثواب والعقاب، وإطلاق برامج لاكتشاف الكفاءات، وضخ دماء جديدة ذات ثقافة علمية منفتحة على الخارج فى الجهاز الإدارى للدولة، مع تدريب الكوادر الحالية، على أن تواكب ذلك برامج للوعى فى الإعلام والتعليم والثقافة حتى تكون مصر كلها على قلب رجل واحد.. فاهم.. وواعٍ.. وشجاع.. وكفء.

أخشى أن يتحول الرئيس إلى ديكتاتور بعد موجات الأدب والليونة والتوجيه غير المباشر، فى ظل ضغط شعبى جارف يطالبه بالحسم والمواجهة وسرعة اتخاذ القرارات والانفتاح والحوار مع الجميع. وإذا كان الرئيس أفشل حتى الآن حملات تحويله إلى زعيم ومنقذ، حيث قال فى حواره مع العمال فى عيدهم: «ياريت نغير لغة الخطاب السياسى، وبلاش كلمات مثل الزعيم والمنقذ والقائد وغيرها»، فإنه مطالب الآن بمواجهة حملات تحويله إلى ديكتاتور من خلال إفراطه فى الليونة وعدم الحسم.. وعموماً فإن المواجهة تبدأ بإعمال الدستور والقانون، وليس بالإفراط فى الود الذى يعتبر أول الطريق إلى الديكتاتورية.


[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية