x

الجيش التونسي يلاحق فلول النظام المخلوع ويعتقل العشرات من حرس «بن علي»

الأحد 16-01-2011 14:43 | كتب: عنتر فرحات, وكالات |
تصوير : أ.ف.ب

 

في الوقت الذي نجح فيه الجيش التونسي في فرض سيطرته الفعلية وإعادة الهدوء نسبياً إلى العديد من المحافظات التونسية وأحياء العاصمة، بعد انتشار قواته لمواجهة أعمال السلب والتخريب التي شهدتها البلاد خلال اليومين الماضيين، عقب هروب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي إلى السعودية، واصلت القوات ملاحقة أنصار الرئيس المخلوع، واعتقلت أكثر من 50 من قوات الحرس الجمهوري وقيادات الأمن والشرطة.

وبينما استأنف رئيس الوزراء المنتهية ولايته محمد الغنوشي مشاوراته لتشكيل حكومة إنقاذ وطني مع قوى المعارضة، بدأت تلوح في الأفق أزمة نقص المؤن والوقود والمواد الغذائية بسبب تقييد حركة المرور وحالة الطوارئ العامة وحظر التجوال المفروض على البلاد.

وشهدت غالبية أحياء العاصمة، الأحد، ومعظم المدينة، عودة الهدوء بفعل انتشار الجيش وقيام المواطنين بتشكيل لجان شعبية لحماية أنفسهم من العصابات المسلحة وقيادات الشرطة ومعارضي النظام الجديد من أنصار الرئيس المخلوع، الذين جابوا العديد من المناطق في أحياء لترويع المواطنين بإطلاق النار عليهم ومهاجمة المنازل والمحلات.

وواصلت قوات الجيش ملاحقة فلول الحرس الشخصي للنظام السابق، وأفاد مصدر صحفي بأن الجيش التونسي اعتقل نحو 50 من الأمن الرئاسي (الحرس الشخصي) لـ«بن علي» عندما كانوا يحاولون الهروب نحو ليبيا على متن سيارات لا تحمل لوحات معدنية، وأوضح أن عدداً منهم، نقلوا إلى المستشفى إثر إصابتهم جراء تعرضهم إلى أعيرة نارية خلال مواجهات مع الجيش الذي أحكم السيطرة عليهم».

وأضاف المصدر أن نحو 10 آخرين من حرس الرئيس المخلوع فروا إلى الجبل هاربين على متن سيارات وأن الجيش يتعقبهم، مشيراً إلى أن العديد من «رموز النظام البائد» حاولوا الفرار إلى ليبيا إلا أن رجال الأمن وسكان المناطق الحدودية المتاخمة لليبيا ألقوا القبض عليهم.

ويقول مراقبون، إن الحرس الشخصي للرئيس التونسي أصيب بحالة ارتباك كبير بعد فرار الرئيس للخارج، فيما يتهمه آخرون بتخطيط وتنفيذ عمليات «النهب والتخريب وترويع الأهالي» التي تشهدها حالياً عدة مرافق خاصة وعامة في البلاد.

وكان شهود عيان أدلوا بروايات نقلاً عن مصادر في مدينة بنقردان الواقعة قرب ليبيا، أن مواطنين ألقوا القبض على مدير الأمن الرئاسي السابق الجنرال «علي السرياتي» الذي يعتقد أنه ضالع في تنظيم العناصر الأمنية المسلحة التي شنت حملة ترويع ضد المواطنين، بينما نفى سليم شيبوب، صهر الرئيس المخلوع أن يكون قد اعتقل أثناء محاولته الفرار إلى ليبيا، فيما ذكر شاهد عيان، رواية تفيد بأن اثنين آخرين من عائلة زوجة الرئيس المخلوع وهما حسام الطرابلسي وزوجته اعتقلا.

في الوقت نفسه، ذكرت قناة «نسمة» الفضائية التونسية الخاصة، أن عماد الطرابلسي، ابن شقيق زوجة الرئيس المخلوع، وأحد أبرز المتهمين بالفساد، قتل متأثراً بجروح أصيب بها إثر طعنه بسكين بعد نقله إلى المستشفى العسكري بالعاصمة تونس، متأثراً بإصابته بطعن بالسكين ليصبح أول ضحية من أقارب الرئيس المخلوع ، وبحسب ما تناقله الشارع التونسي، فإن الطرابلسي قد يكون تعرض للطعن في إطار تصفية حسابات بينه وبين أحد مساعديه السابقين، وتمكن عماد الطرابلسي من جمع ثروة من العمل في العقارات وقطاع التوزيع مع شركات فرنسية وكانت أساليبه موضع استنكار رجال الأعمال غير أنهم كانوا لا يجرؤون على مواجهته.

ومازالت الدبابات والعربات المدرعة تجوب شوارع وسط العاصمة وإن كانت بعدد أقل حتى صباح الأحد، لملاحقة العصابات المسلحة والمخربين الذين يروعون المواطنين، بعد ليلة ثانية حلقت فيها المروحيات العسكرية على علو منخفض في سماء العاصمة في حين تواصل اللجان الشعبية المشكلة لحفظ الأمن لحراسة الممتلكات، بينما قتل المصور الفرنسي لوكا مبروك دوليجا إثر إصابته الجمعة الماضي بقنابل مسيلة للدموع خلال الاحتجاجات.

وأفادت وكالة الأنباء الألمانية، بأن الجيش تبادل إطلاق النار لمدة عشر دقائق مع عناصر مسلحة في ضاحية الكرم الغربي القريبة من ضاحية قرطاج حيث قصر الرئاسة مساء أمس الأول، ووقع اشتباك آخر بين الجيش ومسلحين في ضاحية باردو غربي العاصمة، وشنت دوريات عسكرية مطاردات لسيارات كان يستقلها مسلحون طوال ليل السبت، ونجحت في إلقاء القبض على عدد من المخربين من أتباع النظام السابق مما أثار استبشاراً لدى المواطنين، كما حذر الجيش السكان في ضاحية المرسى من مسلحين على متن سيارات مستأجرة لا تحمل لوحات تنفذ هجمات على المواطنين، وتبادلت قوات الشرطة والجيش إطلاق النار مع مسلحين خارج وزارة الداخلية، حسب تقارير إعلامية، وقالت وكالة أنباء أسوشيتد برس إن مراسلين شاهدوا جثتين ملقاتين على الطريق، لم تعرف هويتهما، وأفادت قناة «نسمة» التونسية أن بعض الأعمال التجارية والبنايات المرتبطة بعائلة بن علي وعائلته تعرضت لأعمال العنف، وتم إلقاء القبض على مدير عام السجون بتهمة إطلاق سراح مئات السجناء من عدة سجون لإحداث البلبلة.

وفي تطور جديد بسبب حالة الفوضى التي شهدتها البلاد خلال الأيام الماضية ، اشتكى العديد من المواطنين من نقص الغذاء والمؤن في المحلات التجارية والمطاعم التي أغلق العديد منها نتيجة الطوارئ وحظر التجول وخشية نهبها، كما اشتكوا نقص إمدادات الوقود في محطات البنزين ونفدت الأطعمة من المطاعم واصطفت طوابير طويلة لشراء آخر أكياس البطاطس والبسكويت المتبقية في مقاصف المطار، واستنجد مواطنون بالجيش لإنتاج الخبز وتوزيع البقالة، واعترفت الحكومة بوجود نقص مؤكدة سعيها لمواجهة المشكلة.

في الوقت نفسه، تزايدت المخاوف من أن تتحول الأزمة السياسية التي شهدتها تونس إلى أزمة اقتصادية بسبب الخسائر المتوقعة في مجال السياحة هم الأنشطة الاقتصادية ومصادر الدخل في البلاد، بعد أن أعادت شركات السياحة ووكالات السفر الأوروبية آلاف السائحين الذين اختاروا الشواطئ التونسية لقضاء عطلاتهم، وتم إلغاء رحلات وحجوزات فنادق لعدة أيام قادمة وسط حالة من الترقب بعد نزول الجيش إلى الشوارع للسيطرة على الوضع الأمني بينما تولى رئيس البرلمان الحكم.

ويرى الخبراء أن تراجع السياحة سيؤثر على مستقبل 350 ألف شخص يعملون في هذا المجال بما يعادل 10 % من القوة العاملة، بينما تقطعت السبل بمئات المسافرين في مطار تونس ، بعد أن منعوا من الخروج ليلا بسبب الحظر التجول، وقال أحد الجنود إن «الوضع متوتر للغاية ، لن يغادر أحد المطار».

وبالتزامن مع الأوضاع الأمنية، تواصل القيادة السياسية الجديدة في تونس مشاوراتها مع قوى المعارضة والأحزاب المعترف بها لتشكيل حكومة إنقاذ وطني ترسم خريطة طريق الإصلاحات السياسية لمرحلة ما بعد «ثورة الياسمين»، في محاولة لفرض الأمن ومواجهة حالة الفلتان التي شهدته البلاد، وعقد رئيس الوزراء المنتهية ولايته محمد الغنوشي، اجتماعات مع أحزاب المعارضة وممثلي المجتمع المدني والاتحاد العام التونسي للشغل والرابطة التونسية لحقوق الإنسان ومجلس عمادة المحامين، وقال زعيم المعارضة نجيب الشابي، الذي شارك في المشاورات الأولية أنه قد تجري انتخابات رئاسية تحت رقابة دولية في غضون 6 أو 7 أشهر، مؤكدا الحاجة لإجراء إصلاحات عميقة، بينما قال مصطفى بن جعفر، رئيس حزب التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، إن المباحثات مستمرة لوضع أسس العملية الديمقراطية وطي صفحة نظام فاشل مضيفا أن التجمع الدستوري الديمقراطي حزب الرئيس الهارب لن يتم إقصاؤه من العملية السياسية حتى لا يتزعزع استقرار البلاد ولتفادي السيناريو العراقي، ومن جهته، قال راشد الغنوشي، وهو زعيم حزب النهضة الإسلامي المحظور والذي يعيش في لندن إنه مستعد للانضمام إلى أي اتئلاف حكومي، مؤكدا أن التونسيين نجحوا في المهمة السهلة، وأن عليهم مواجهة الأصعب وهو التخلص من أنصار النظام السابق.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية