(١) كان من المعلوم حسب لائحة التنظيم الداخلى للجماعة أن عضو مجلس الشورى الذى يحصل فى انتخابات أعضاء مكتب الإرشاد على ٥٠٪ + ١ من جملة أصوات الناخبين، فإنه يصعد إلى عضوية المكتب، أما الذين يحصلون على ٤٠٪ + ١ فقط فهؤلاء لا يتم تصعيدهم إلا فى حالة ما إذا توفى أو استقال عضو مكتب.. وفى آخر انتخابات تكميلية جرت فى مايو/ يونيو ٢٠٠٨، حصل عصام العريان على ٤٠٪ + ١.. وعندما أعلنت النتيجة التى فاز فيها الكتاتنى، أسامة نصر، محيى حامد، وسعد الحسينى، غضب الشيخ القرضاوى لذلك غضبا شديدا وقال: كيف يرسب العريان فى الانتخابات، بينما يضم المكتب الموقوذة والمتردية والنطيحة؟!
وعندما تقدم الشيخ محمد عبد الله الخطيب باستقالته من عضوية المكتب فى أكتوبر ٢٠٠٨، نظرا لظروفه الصحية، فرح المرشد عاكف لذلك فرحا شديدا، فقد كانت هذه فرصة لتصعيد عصام العريان.. ولما كانت اللائحة تقضى بأن يشكل مجلس الشورى أو مكتب الإرشاد، لجنة لمراجعة العضو الذى تقدم باستقالته، فقد تشكلت لجنة من عضوى المكتب؛ محمود عزت ومحمد بديع للقيام بهذه المهمة..
وذهب الرجلان إلى الشيخ الخطيب وأقنعاه بسحب الاستقالة، لأنه فى حالة قبولها، سوف يتم تصعيد عصام العريان مكانه، وهو الأمر الذى لا يريده أعضاء المكتب، خاصة محمود عزت، ومحمد بديع، ومحمد مرسى، وجمعة أمين، ومحمود غزلان، وغيرهم.. المهم أن الشيخ «الخطيب» استجاب لهما واتصل بالمرشد يبلغه بأنه يسحب الاستقالة.. وجن جنون المرشد، وعلم أن وراء ذلك الموقف «عزت» و«بديع»، فعنفهما تعنيفا شديدا على ما فعلاه، وقال: سوف أتحمل المسؤولية شخصيا وأقبل استقالة الرجل، فقلت: ليس هذا من حقك، وإنما هو من حق مجلس شورى الجماعة.. ظل عاكف يتحين الفرصة تلو الأخرى، إلى أن توفى الأستاذ محمد هلال، عضو المكتب، فى ٢٣ سبتمبر ٢٠٠٩..
لم أكن موجودا وقتها بالقاهرة.. وفى أول جلسة لمكتب الإرشاد، آثار المرشد «عاكف» قضية تصعيد عصام العريان إلى عضوية المكتب، لكنهم رفضوا (بالمخالفة للائحة)، وقالوا لابد من إجراء انتخابات (!).. ولأن المرشد يعلم أنهم سوف يزوّرونها حتى لا يصعد العريان، فقد ظل يرجوهم ويلّح عليهم، لكنهم رفضوا.. فما كان منه إلا أن ترك المكتب وخرج غاضبا إلى بيته، وهو عازم على ألا يرأس مكتب الإرشاد بعد ذلك..
بعد مرور فترة، اتصل بى عاكف للحضور إلى القاهرة، وأرسل إلى بديع والكتاتنى يستحثنى على الحضور لرئاسة جلسات المكتب.. وقد كان..
(٢) وعندما علمت أن ثمة تدبيرا يجرى فى الخفاء من هؤلاء الثلاثة (عزت - مرسى - حامد) وآخرين، لاختيار المرشد الجديد، وذلك قبل إجراء الانتخابات بأربعة أشهر، صارحت «عاكف» بالأمر، فلم يصدق.. وعندما علم أن الجماعة تدار من وراء ظهره، كأنما أصابه مس من الجنون.. وقد أكدت له أنى لا أريد أن أكون مرشدا، واشترطت عليه ألا يترك المنصب فى يناير ٢٠١٠، كما كان يريد، وأن يستمر مرشدا عاما آخر حتى يتسنى لنا معالجة كل أوجه الخلل بالجماعة، رحب بذلك وقال: أنا موافق.. وأريدك أن تضع يدك فى يدى لننجز ذلك.. قلت: هل نوثق ذلك كتابة؟ قال: عيب..هذا كلام رجال..
بعد أسبوع واحد فقط، فوجئت به يقول لى: أنا خلاص «ماشى» فى يناير.. قلت: والعهد الذى كان بيننا، وكلام الرجال، أين ذهب؟ قال: خلاص بقى.. قلت: هل تظننى أهطلا أو متخلفا عقليا؟ قال: إيه لازمة الكلام ده؟ قلت: لأنك كذبت علىّ.. قال وقد نفذ صبره: وبعدين؟ قلت: أنا حزين.. لكنى حزين لأجلك.. وتركته ومضيت، وأنا غير مصدق لما حدث.. بعدها بيومين، كان عندى فى مكتبى عصام العريان وأسعد زهران، وجاءنا «عاكف» ليشرب القهوة كالعادة.. لم أعره أى التفات، وعندما همّ بالخروج، استوقفته ودار بيننا نقاش حاد انتهى باتهامى له بالكذب، والغش، والمراوغة، والخداع.. لم يتحمل «العريان» ذلك وخرج من المكتب مسرعا.. أما أسعد زهران، فتسمر فى مكانه من الدهشة والذهول.