x

كبير باحثي الحريات الدينية بمعهد هدسون: كنائس مصر في أمريكا زادت إلى 230 كنيسة

الأقباط لن ينسوا للإخوان الاعتداء على الكاتدرائية أثناء حُكم مرسي.. والبابا تواضروس يقود ثورة إصلاح حقيقية داخل الكنيسة
الخميس 30-06-2016 22:06 | كتب: محمد ماهر |
صامويل تادرس كبير باحثي الحريات الدينية في معهد هدسون بأمريكا صامويل تادرس كبير باحثي الحريات الدينية في معهد هدسون بأمريكا تصوير : اخبار

تعد مراكز ومعاهد الأبحاث أو بيوت الخبرة في الولايات المتحدة، المحرك الرئيسي لسياسات الإدارات الأمريكية قاطبة، لا سيما في القضايا الخارجية والتي عادة لا تستحوذ على اهتمام كبير لدي الرأي العام الأمريكي، ويقال أن مراكز الأبحاث أو « «Think tanks هي عقل أمريكا الحقيقي الذي يمد السياسيين وصناع القرار بكل ما يحتاجونه من معلومات ودراسات وتحليلات إستراتيجية قبُيل اتخاذ أي قرار.

معهد هدسون في واشنطن، القريب من نخبة صنع القرار في الحزب الجمهوري، تأسس في عام 1961، ولا يقتصر نشاطه البحثي على الولايات المتحدة فحسب بل يتسع ليشمل العالم كله، سواء على المستويات العسكرية والاستراتيجية أو السياسية والدينية، وتعد تقاريره ودراساته أحد روافد المعلومات الرئيسية لصانع القرار الأمريكي، ويضم عددا من كبار المسئولين السابقين في الإدارات الأمريكية الجمهورية ضمن فريقه البحثي.

«المصري اليوم» التقت صامويل تادرس، الباحث المصري وكبير باحثي المعهد للحريات الدينية، والمحاضر في «مدرسة الدراسات الدولية المتقدمة» في جامعة جونز هوبكنز، والذي سبق وشارك في عدة جلسات استماع بالكونجرس حول حالة الحريات الدينية في مصر، حيث أكد أن أوضاع الحريات الدينية في مصر تدهورت بشدة منذ ثورة يناير، مشيرا إلى انه بالرغم من إظهار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تعاطفا وتسامحا كبيرا للأقباط بزيارته للكاتدرائية المرقسية ثلاث مرات في عامين، إلا أن مشاكل الأقباط ما زالت على وتيرتها بسبب الإدارات المحلية.

وقال تادرس إن البابا تواضروس يقود ثورة حقيقية داخل الكنيسة لكن ما زال الوقت مبكرا لمقارنته بالبابا شنودة.

وإلى نص الحوار..

  • كيف ترى وضع الحريات الدينية الآن في مصر بشكل عام؟

ما زالت الحريات الدينية في مصر تعاني من الإطار القانوني الحاكم للحريات الدينية بما يتضمنه من قيود كما كانت في السابق، وما زالت إدارة ملف الحريات الدينية في يد أجهزة الأمن، ودعني أؤكد لك انه بالرغم من تباين الأنظمة المختلفة على مصر بعد ثورة 25 يناير إلا أن الحريات الدينية لم تشهد أي تطور ايجابي بل على العكس تماما الوضع تدهور أكثر من ذي قبل، حيث تكررت ظاهرة تهجير الأقباط كحل للمشاكل الطائفية ضمن حلول ما يعرف بالمجالس العرفية، وتكررت الاعتداءات على الكنائس والممتلكات القبطية بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ المعاصر لمصر، وبعد أن كنا نرى حالة أو حالتين لاتهامات بازدراء الأديان في العام الواحد، رصدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية نحو 100 حالة بعد الثورة، كما ان فكرة إعداد قانون لبناء الكنائس مازال حتى الآن حبيس الأدراج رغم طرحه منذ عدة سنوات.

صامويل تادرس كبير باحثي الحريات الدينية في معهد هدسون بأمريكا

  • ماذا عن غير الأقباط ؟

بالنظر إلى وضع الأقليات الأخرى كالشيعة والبهائيين فأن وضع الأقباط مقارنة بهم يبدو جيدا، فعلى الأقل تعترف الدولة بالتواجد القبطي باعتباره مكونا أساسيا في المجتمع، بينما لا تعترف وتتجاهل الأقليات الأخرى.

  • لكن إلا تتفق مع وجهة النظر بأن وضع الأقباط أفضل حالا الآن من فترة حكم الإخوان؟

تدهور وضع الأقباط لم يبدأ مع صعود الإخوان للسلطة بل أن نقطة التحول الرئيسية حدثت مع ثورة يناير، وإحساس الإسلاميين بان لحظة التمكين قد حانت، وأن الطريق بات ممهدا أمامهم لإقامة الدولة الإسلامية في مصر وفرض وجهة نظرهم وساعد هذا طبعا انهيار الأمن عقب ثورة يناير، ولم تعد ظاهرة الاعتداء على الكنائس نمطا فرديا بل ضربت موجة الاعتداءات قلب القاهرة في إمبابة والمقطم بعد أن كانت منحصرة في الصعيد والمحافظات غير الحضرية.

وصحيح انه مع وصول الإخوان للحُكم ازداد الوضع تدهورا ولأول مرة في التاريخ تشهد الكاتدرائية المرقسية، حيث رفات مارمرقس الرسول، تلميذ المسيح، وحيث مقر بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، اعتداءات وتحت سمع وبصر الشرطة في 7 أبريل 2013 شاهدها العالم أجمع على شاشات التلفزيون بينما محمد مرسي، الذي كان رئيسا آنذاك، لم يفعل شيئا.

  • وماذا عن وضع الأقباط في عهد السيسي؟

طبعا هناك تطور إيجابي لا سيما على المستويات العليا، حيث قام البابا تواضروس بتأييد ثورة 30 يونيو وما ترتب عليها، كما زار الرئيس السيسي الكاتدرائية المرقسية ثلاثة مرات في عامين؛ منهما مرتين للتهنئة بعيد الميلاد وهي خطوة مهمة جدا اذا ما وضعنا في الاعتبار أن الرئيس الأسبق حسني مبارك بكل سنوات حكمه الـ30 لم يقم بزيارة الكاتدرائية إلا ثلاثة مرات وكلها كانت للعزاء في وفاة شخصيات مسيحية عامة. وهو ما يشير بوضوح إلى أن رأس الدولة المصرية متعاطف مع الأقباط، بالإضافة إلى الرد المصري على قتل العمال الأقباط في ليبيا على يد تنظيم داعش، أظهر إرادة سياسية قوية تجاه ما حدث.

  • البعض يرى انه كان من الأفضل للكنيسة عدم التورط في الصراع السياسي باعتبارها مؤسسة دينية في المقام الأول فما رأيك؟

من الجهة اللاهوتية والدينية لا شك أن هذا صحيح لان الدور الاصلي للكنيسة يتمثل في خلاص النفس البشرية لإتباعها، لكن واقعيا، تتعامل الكنيسة باعتبارها مؤسسة وطنية من مؤسسات الدولة كالأزهر والقضاء والجيش والشرطة.

وفي هذا الإطار لا يُنظر لمواقف البابا تواضروس المؤيدة لعزُل مرسي باعتبارها كانت خيارا مطروحا ضمن عدة خيارات يملك الأقباط رفاهية الاختيار بينهما، ودعني أؤكد لك أن خيارات الكنيسة تأثرت بشدة بالتجربة المريرة التي عانى فيها الأقباط أثناء حُكم الإخوان، وبالرغم من حرق نحو 100 كنيسة ومبنى كنسي، عشية فضٌ اعتصام رابعة، وهي الهجمة الأكبر في تاريخ المسيحية في مصر منذ القرن الرابع عشر الميلادي، والتي شملت حرق كنيسة العذراء التاريخية في قرية دلجا بمركز دير مواس بالمنيا والتي يرجع بنائها للقرن الرابع الميلادي ، إلا أن الأقباط ينظرون إلى أن الثمن الذي دُفع أفضل في كل الأحوال ممن كان يهدد بذبح الأقباط من على منصة اعتصام رابعة والجامعة.

  • كيف تنظر لمواقف البابا تواضروس في إدارة الكنيسة؟

البابا تقلد منصبه البابوي في ظروف في غاية الحساسية في تاريخ مصر، وهو يتعامل باعتباره مصري فخور بوطنه، فجملته الشهيرة «وطن بلا كنائس .. أفضل من كنائس بلا وطن» تعكس توجهه ببساطة حيث يرى انه اذا ما كانت الكنيسة مؤسسة دينية يجب أن تنأى بنفسها عن الصراعات السياسية لكنها في ذات الوقت مؤسسة وطنية مصرية يجب أن يكون لها دور وطني، اما في إدارة الملفات الكنسية يبدو البابا شخصا منفتحا حيث قاد تغيرات جديدة داخل الهياكل الكنسية فقام بالانفتاح على دير أبومقار وتلاميذ الأنبا متى المسكين بعد سنين طويلة من عدم التفاهم مع إدارة الكنيسة إبان اعتلاء البابا شنودة الكرسي البابوي، كما أبعد الأنبا بيشوي من سكرتارية المجمع المقدس، كما يعيد ضبط العلاقة مع كنائس المهجر بشكل يتيح للأخيرة مساحة استقلالية أكبر، وبشكل مختصر استطيع أن أقول لك أن البابا الذي لم يمض عدة سنوات على اعتلاءه الكرسي البابوي يقود ثورة تغيير حقيقية داخل الكنيسة.

  • وماذا عند مقارنته بالبابا شنودة؟

ما زال الوقت مبكرا جدا لمقارنة البابا تواضروس بالبابا شنودة، فالأخير أمضى 40 عاما في البابوية، وأعاد تأسيس الكنيسة الأرثوذكسية، واستلم الكنيسة وبها 20 أسقفا بينما تركها وبها نحو 100 أسقف، وتوسعت الكنيسة شرقا وغربا ولأول مرة يصبح للكنيسة الأرثوذكسية المصرية هذا الانتشار العالمي الكبير، وعند المقارنة مع البابا شنودة يجب أن نتساءل عن أي بابا شنودة يجب أن نقارن البابا تواضروس، حيث يجب أن نضع في الاعتبار إننا أمام نموذجين من البابا شنودة؛ نموذج البابا الذي يصطدم مع رأس الدولة أبان حكم السادات ونموذج للبابا الذي يتماهي مع الدولة تماما فالبابا شنودة كان له موقف معارض من 25 يناير ولذلك يجب أن نفصل بين النموذج الأول والنموذج الثاني عند المقارنة مع البابا تواضروس، وفي كل الأحول كما قلت لك ما زال الوقت مبكرا جدا لمقارنة البابا تواضروس بالبابا شنودة.

صامويل تادرس كبير باحثي الحريات الدينية في معهد هدسون بأمريكا

  • وماذا عن السماح للأقباط مؤخرا بزيارة القدس؟

رسميا لم يتم السماح.. كل ما هنالك أن منع الأقباط من السفر للقدس لتأدية المناسك الدينية بزيارة قبر السيد المسيح وكنيسة القيامة في بيت لحم، كان راجعا لموقف شخصي للبابا شنودة ضد إسرائيل وخوفا من اتهام الأقباط بالخيانة، لكن لا أساس لاهوتي للقرار، كما التزمت الكنيسة بموقف البابا، وهو ما جعل البابا شنودة يكتسب شعبية بعد ذلك في عدد من الدول العربية المناهضة لاتفاقية السلام مع إسرائيل كما أطلق عليه بابا العرب، وبوفاته لم يعد هناك تحمس كنسي لتطبيق المنع بنفس الحزم.

  • لكن البعض نظر إلى زيارة البابا تواضروس للقدس لتشييع جثمان الأنبا إبراهام مطران القدس بأنها أعطت ضوء اخضر للأقباط لزيارة القدس؟

البابا نفسه لا ينظر للخطوة بانها كذلك حيث سبق وقال أن الزيارة تأتي تكريما للمطران الراحل، ومن جهة آخري تؤكد الزيارة على أن الإدارة الكنسية تولي أهمية خاصة لممتلكاتها في القدس والتي تقدر بـ 15 كنيسة وديرا لم تتركها الكنيسة حتى في أسوأ الظروف، لكن واقعيا نعم الزيارة ستعطي الأقباط ضوء أخضر لزيارة القدس، حيث سيتساءل البعض إذا ذهب البابا للقدس فلماذا لا نذهب نحن أيضا؟!

  • وماذا عن موقف النظام من زيارة الأقباط للقدس؟

فعليا النظام لم يكن العائق أمام الأقباط لزيارة القدس، انما كان البابا شنودة، ودعني أؤكد لك أن حج الأقباط المصريين للقدس لم يتوقف حتى أثناء سريان قرار البابا بعدم الذهاب هناك، وهذا بسبب عدة عوامل منها؛ أن عدد المسيحيين في الخارج تضاعف خلال السنوات الأخيرة وأصبح هناك واقع جديد فهولاء لم تعد تعنيهم الحسابات السياسية لإدارة الكنيسة، بالإضافة إلى رغبة كبار السن من الأقباط في زيارة قبر السيد المسيح كهدف أخير قبل الرحيل وهكذا.

صامويل تادرس كبير باحثي الحريات الدينية في معهد هدسون بأمريكا

  • ماذا تقصد بتضاعف عدد المسيحيين في الخارج.. هل هي مؤشرات؟

عادة الدول الغربية لا تحتفظ بإحصائيات طبقا لديانة المهاجرين لديها، لكن إذا ما نظرت للتوسع في كمية الكنائس المصرية في الخارج ستدرك أن عدد المسيحيين المصريين خارج مصر وصل إلى مليون وهناك إحصائيات غير رسمية تقدر أعداد المسيحيين بـ 900 ألف والأرقام في تنامي والظاهرة محل رصد.

  • هل تتحدث هنا عن هجرة للمسيحيين من مصر؟

بشكل عام أعداد المصريين الراغبين في الهجرة في تنامي مرعب بسبب العوامل الاقتصادية والسياسية، وليس خافيا على أحد أن المصريين من أكثر الجنسيات التي تحاول الفوز في قرعة الهجرة العشوائية الأمريكية lottery، لكن نسبة المسيحيين الذين أقدموا على الهجرة خلال السنوات الأخيرة تبدو نسبة مخيفة ايضا، ودعني أوضح أن هناك مستويان من الهجرة .. هجرة داخلية وهجرة خارجية؛ الداخلية وهي التي تنامت خلال التسعينات من صعيد مصر للقاهرة والإسكندرية بعد هيمنة الجماعات الإسلامية على القرى والنجوع في صعيد مصر، وأصبحنا نرى أحزمة كاملة في القاهرة لتجمعات مسيحية في عين شمس والمرج والمقطم للأقباط الذين هاجروا من الصعيد، وعن الهجرة الخارجية تم رصد حالات هجرة لمسيحيين في دول لم يكن يسمع أحد بالهجرة اليها مثل روسيا وبولندا وجورجيا، وفي الولايات المتحدة مثلا كان لدينا نحو 202 كنيسة قبطية مصرية لخدمة الجالية القبطية المصرية عند وفاة البابا شنودة في 17 مارس 2012، والآن نحن بصدد 230 كنيسة، فلك أن تتخيل حجم الزيادة، وعلى المستوى الشخصي كنيستي في واشنطن كانت تخدم 3000 قبطي في 2010، الآن تخدم نحو 5000.

  • سبق واقترحت في جلسة استماع بالكونجرس أن تكون المعونة الأمريكية لمصر لامركزية لتشجيع المحافظات والمحليات على تعزيز الحريات الدينية.. إلى أين وصل هذا المقترح؟

شاركت في جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية بالشرق الأوسط بالكونجرس، في ديسمبر 2013 وقدمت مقترحا عن كيفية تعزيز الحريات الدينية في مصر، وتضمن المقترح تشجيع الحكومة على استحداث قوات شرطية محمولة جوا تكون مهمتها الأساسية التدخل سريع عند حدوث نزاع طائفي على أن تقوم الولايات المتحدة بتمويل وتدريب هذه القوات، إنشاء مكتب في الرئاسة على تواصل مباشر مع الكنيسة مثل خط ساخن يتيح للرئاسة معرفة أي مشكلة طائفية فور وقوعها بسبب تقاعس الإدارات المحلية في إبلاغ المسئولين الكبار في الدولة للتغطية على تقاعسهم، كما اقترحت أن تتم مكافأة المحافظات التي تشهد اعتداءات طائفية أقل بمشروعات تنموية من جانب هيئة المعونة الأمريكية في مصر ضمن برامج المعونة الاقتصادية السنوية، بينما يتم حجب المعونات عن المحافظات التي تشهد اعتداءات، والمقترح ما زال تحت الدراسة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية