فى مثل هذا اليوم سقطت دولة الخوف، وانهارت دولة المرشد.. لا أنسى ذلك اليوم، ولا أنسى كيف كنت أستعد له قبلها بشهور.. أعددت كوفية وعلماً وكارتاً أحمر، ورتبتُ أمورى.. كنت أقول باقى من الزمن ساعات.. كان هناك من يتشكك ولا يصدق، وربما يضحك.. الإخوان قالوا إنهم جاءوا ليحكموا أبد الدهر.. نزلنا الميادين بالملايين نهتف: يسقط يسقط حكم المرشد، وفى 30 يونيو تحققت إرادة الشعب فعلاً!
حين كتبتُ فى مارس 2013 «كلمة السر يوليو» تلقيت اتصالات من أسماء سياسية بارزة.. بعضهم قال معقول هيمشوا؟.. طب إزاى؟.. قلت إن الثورة سوف تكون أشد من 25 يناير فى مواجهة الإخوان.. كان هناك من أحس باليأس من عمل شىء.. الأمريكان يوفرون الغطاء السياسى للإخوان، وقطر فتحت خزائنها، وتركيا تعمل المستحيل.. كتبت فى اليوم التالى «سنة واحدة تكفى».. وتجدد الأمل فى نفوس اليائسين!
أذكر أن البعض سألنى: هل عندك معلومات، أم أنها قراءة للأحداث؟.. قلت معلومات منين؟.. من هو مصدر المعلومات فى قصة كهذه؟.. بالتأكيد هى قراءة مبنية على فهم طبيعة المصريين، وكيف شعروا بالاختناق من ممارسات الإخوان، فضلاً عن إحساس عام بأن مصر فى طريق الخطر، وفقدان هيبة الدولة.. لم تعد مصر كما كانت، ولم تعد هذه هى مصر التى نعرفها.. وخرجت الملايين، حتى الذين لم يخرجوا أبداً!
كان الإحساس بالخوف يملأ القلوب.. مشهد الدقون فى استاد القاهرة، وفى احتفالات أكتوبر أشعل النار فى الصدور.. كيف يصبح القتلة والسفاحون فى صدارة المشهد؟.. سقطات يومية يمارسها الإخوان.. إحساس بالعجرفة لا مثيل له.. حصار لكل المؤسسات والمحاكم وأقسام الشرطة.. تصريحات مرسى تثير السخرية.. كانت الثورة مازالت ساخنة، فقررنا استرداد الثورة المسروقة.. وكانت كلمة السر 30 يونيو!
مرة أخرى توحدت الصفوف لإنقاذ البلاد.. سياسياً هناك رموز تدير جبهة الإنقاذ.. شعبياً هناك شباب يقود حملات التمرد وينظمها.. هناك إعلام أصبح لديه هدف واحد.. دولة الخوف لابد أن تسقط.. مصر لابد أن تعود.. ولو إلى الشكل الذى كانت عليه قبل يناير.. جماعات الظلام كانت تتحكم فى مفاصل الدولة.. البلتاجى يريد أن يكون وزير داخلية مرة، ومرة أخرى يريد أن يكون مديراً للمخابرات، الدنيا بقت بزرميييط!
تخيلوا، عندما يكون مرسى فى الاتحادية، والبلتاجى فى المخابرات، ومعرفش مين فى البرلمان، وأبصر مين فى الجيش، وسخام مين فى العدل؟!.. يا انهار أزرق.. مصر بقت جحيم.. طبعاً عارفين سخام مين ومعرفش مين وأبصر مين.. ودى تبقى مصر؟.. هكذا كانت قراءة لم تخطئها عين مصرى.. الحكاية مش معلومات بس.. أما اختيار اليوم نفسه لأنه اليوم الذى تولى فيه مرسى.. يومها قلنا: اركن يمينك وهات الرخص!
أشهرنا الكارت الأحمر فى وجه مرسى.. الانتخابات وحدها لا تكفى.. الممارسة هى الأصل.. أن تحصل على رخصة لا يعنى أن تدوس البشر.. اركن يمينك وانزل.. يهدد البلتاجى، وصفوت حجازى، وتلطم أم أيمن.. لا شىء يفيد.. لا أمريكا تملك أن تعيده ولا قطر.. دفعنا الثمن حتى تعود مصر.. واليوم نحتفل بعودتها.. حمدالله ع السلامة!