كما كان هناك ربيع عربى، هناك أيضاً ربيع أوروبى.. وربما يكون قد بدأ الآن، بعد طلاق بريطانيا للاتحاد الأوروبى.. المشكلة أننا نطلق عليه اسماً على غير مسمى.. لا أعرف إن كان ما جرى يدخل فى إطار الربيع من وجهة نظر البيت الأبيض، أم أنه الخراب بعينه، والخريف والانهيار بكل ما تحمله الكلمة من معنى؟.. على أى حال هو كابوس يهدد أحلام الوحدة، خاصة الحلم العربى الذى تغنينا به!.
قرأت تصريحات الدكتور نبيل العربى.. قال، لزميلتنا النشطة سوزان عاطف، إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى لطمة كبرى على وجه العمل المشترك.. كانت الوحدة الأوروبية هى النموذج الذى نسعى إليه، وكنا كثيراً ما نتساءل: لماذا لا نصل إلى الوحدة العربية، على غرار الوحدة الأوروبية؟.. وكنا نقول إن حظنا أوفر، خاصة أن بلادنا تتحدث لغة واحدة وتدين بدين واحد.. إذن هى «المؤامرة»!.
فهل ندخل عصر تفكك المنظمات والاتحادات، لأنها أصبحت موضة قديمة؟.. وهل تتفكك بالمثل مثلاً الجامعة العربية والأمم المتحدة؟.. هل الشعوب أصبح لها رأى آخر؟.. هل تحدث استفتاءات داخل الأوطان على وجودها فى الجامعة العربية أو أى منظمات أخرى، حتى لو كانت الأمم المتحدة؟.. هل الشعوب تغيرت عن أربعينيات القرن الماضى؟.. مسألة تستحق التفكير.. ماذا أفدنا من التنظيمات؟!.
هل هذه التنظيمات والاتحادات الدولية عادلة تجاه الدول الأعضاء، أم أنها منظمات تحمل كافة أصناف التشوهات وعدم العدالة والقهر؟.. هل تشتغل نظرية الدومينو فى العالم؟.. هل تتفكك دول الاتحاد الأوروبى إلى دويلات؟.. وهل تتفكك الولايات المتحدة الأمريكية؟.. مَن يدرى أن تطلب بعض الولايات إجراء استفتاء على الخروج والانفصال والطلاق؟.. فى كل اتحاد أو منظمة دول متسلطة وأخرى مقهورة!.
مازالت هناك أصوات تقول إن الدول العربية ذات لغة واحدة وتاريخ مشترك، وهذا وحده كفيل بأن يؤهلها بشكل أكبر للاتحاد، لكن الغريب أنها ليس لديها إرادة سياسية لقيام عمل مشترك.. والآن هل تلقى الأزمة الأوروبية بظلالها على حلم الوحدة العربية؟.. أم أن هذا الحلم انطوى واندثر منذ سنوات، خاصة بعد الربيع العربى، وسقوط الأنظمة العربية الكبرى، وظهور أجيال جديدة تسعى للانفصال؟!.
الذين كانوا يتمسكون بالوحدة والعروبة والقومية هم الأجيال الكبيرة.. أما الأجيال الشابة فلا تسمع عنها شيئاً، ولا ترى منها شيئاً، ولا تجد نموذجاً يمكن التأكيد عليه والسعى إليه.. حتى حلم الوحدة الأوروبية انهار.. بريطانيا نفسها قد تتفكك.. الأغرب أن لندن قد تصوّت على الخروج من بريطانيا.. السؤال: كيف يحلها قادة أوروبا؟.. هل يسارعون فى خروج بريطانيا، أم يفتحون لها باباً لاستفتاء آخر؟!.
لا أستبعد أن يحدث خروج كبير من الأمم الأوروبية.. ولا أستبعد أن يكون هناك تفكير فى الخروج من الأمم المتحدة ذاتها.. فلا تستغربوا شيئاً.. الأجيال الجديدة غير الأجيال القديمة.. حلمهم غير حلمنا.. ليس شرطاً أن يكون حلمهم الوحدة.. المهم كيف يكون العالم بعد ذلك؟.. وفى الختام: ما مصير الجامعة العربية؟!.