لا كنتُ أحب ليليان داوود، ولا أشاهد برنامجها، ولم أشارك يوماً فيه كضيف، رغم أن فريق الإعداد طلبنى أكثر من مرة، ولم أستجب فى أى مرة.. هناك غيرُها يظهر على الشاشة حتى الآن.. لا أشاهده ولا أحب طريقته مثل ليليان.. ومع هذا فقد انقبضتُ حين تابعت الطريقة التى تم بها ترحيل ليليان داوود.. فمازلنا نقف عند الطريقة الغريبة للقبض والترحيل، وكأننا نتعامل مع حرامى غسيل!
ولا أذيع سراً أن أكثر الكارهين لطريقة ليليان استفزهم مشهد الترحيل.. الأمر مخيف بالفعل.. يبدو أنه كانت هناك رغبة فى الإهانة والمرمطة.. بمجرد انتهاء عقدها كانت هناك قوة تنتظرها على الباب، ألقت القبض عليها.. فما معنى هذا الإجراء الغريب؟.. هل معناه أن صدر النظام يضيق بالنقد؟.. هل معناه أن مصر تسير فى طريق المجهول؟.. أم أنها كانت خطراً على الأمن بمجرد انتهاء الإقامة؟!
مرة أخرى تم استدعاء تعبير «الأجهزة السيادية» فى يومين.. المرة الأولى فى إلغاء بعض امتحانات الثانوية العامة.. المرة الثانية فى واقعة القبض والترحيل لإعلامية لبنانية غير مرغوب فيها.. فما هى الأجهزة السيادية؟.. ما دلالة تدخلها فى كل مرة؟.. متى تتدخل؟.. ومتى لا تتدخل؟.. لماذا لم يتركوها حتى تغادر دون صخب أو ضجيج؟.. لماذا أعطوها «دور البطولة» فى لحظة الترحيل؟!
انتبهوا أيها السادة نحن نخسر.. حين تم القبض على وزير الزراعة حذرنا من طريقة القبض.. وكان من السهل استدعاؤه دون ضجيج.. وحين تم وضع الكلابشات فى يد رجل الأعمال صلاح دياب خسرنا كثيراً قبل أن يخسر رجل الأعمال نفسه.. والآن نمارس نفس الطريقة المريبة مع إعلامية لا تحمل السلاح.. ولو تركوها لحال سبيلها لحملت حقائبها وعادت إلى بلادها دون «أفلام هابطة»!
لا يوجد منطق فى واقعة ترحيل ليليان داوود.. المؤسف أن وزارة الداخلية قالت إنها خالفت شروط الإقامة، وإن إقامتها انتهت.. فما الذى كان يمنع من تجديد الإقامة؟.. هل كل المقيمين فى مصر مُعرَّضون للترحيل بهذه الطريقة أم لأنها غير مرغوب فيها؟.. الثابت أن هناك حالة تربص.. هل ضباط الجوازات عندهم كشف بكل المخالفين لشروط الإقامة؟.. هل المأموريات جاهزة لترحيل كل المخالفين مثلاً؟!
هذا الكلام لا ينطلى علينا.. فلماذا حدث ما حدث بطريقة مباغتة؟.. لماذا لم تتمكن من تدبير شؤونها وشؤون أسرتها؟.. لماذا خرجت بشنطة يدها؟.. لماذا منعوها من الاتصال بأى أحد؟.. الأمر هنا يتعلق بالحريات وحقوق الإنسان.. الأمر هنا مخيف فعلاً، حين يرتبط ذلك بصورة أو بأخرى بمصر الجديدة التى ناضلنا من أجلها.. فلو كانت ليليان مجرمة لم تكن تستحق الترحيل، ولكن كانت تستحق المحاكمة!
أتصور أن الترحيل كان يمكن أن يحدث بطريقة أخرى.. ليس بعربات مدرعة وجهات سيادية.. أمين شرطة واحد كان يكفى.. الإخراج سيئ للغاية، لا ندافع عنه ولا نقبل به، حتى لو كنا نرفض طريقة ليليان، ولا نحب أن نشاهدها.. الطريقة مستفزة.. فهل كانت رسالة؟.. ولمن؟.. مشهد الترحيل يضر صورة مصر أولاً!