x

سعيد السني فتنة العجوزة سعيد السني الإثنين 13-06-2016 21:33


الحارس لدين الله حضرة صاحب الفضيلة مولانا ياسر فرج نائب رئيس حي العجوزة، انتفض مرتدياً عمامة المُلا عُمر زعيم حركة طالبان الأفغانية وعباءته السوداء بسواد الأيام التي نعيشها، سار على رأس جماعة من رجاله الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، للإغارة على حفنة مقاهي وكافتيريات «شعبية»، لمطاردة روادها الكُفار والملاحدة والعُصاة «المفطرين»، ودحرهم.. وكان له ما أراد.. فقد أسفرت الغزوة عن «غنائم» بالجملة من الكراسي والترابيزات والشيشات، وإغلاق هذه «المقاهي»، مبرراً هذه الغزوة العنترية بحسب كلماته المسجلة في فيديو متداول بأن: «جالنا بلاغات عن ناس فاتحة القهاوي وبتشرب الشيشة في نهار رمضان»، وهو تصريح يعني بوضوح شديد أنفتح «المقاهي» وارتياد الزبائن المارقين لها نهارا في رمضان، يمثل «جريمة»، يتم تلقى البلاغات عنها، وتستلزم الإغلاق ومصادرة «عدة الشغل» من كراسي وخلافه، وربما عقوبات لاحقة مترتبة على المحاضر المحررة، وهو ما أكده في عبارة تالية بالفيديو ذاته حين قال: «القهاوي القافلة مجيناش جنبها».
يبدو جلياً أن مولانا نائب رئيس حي العجوزة الهُمام، أطلق النفير لهذه «الفتنة»، على وقع فتوى تحريضية نشرتها «دارالإفتاء» منذ أيام، اعتبرت «المجاهرة بالإفطار، فوضى واعتداء على قدسية الإسلام ولا تدخل ضمن الحرية الشخصية في بلاد المسلمين».. وهي الفتوى التي تناست الأمر الإلهي بأن «لا إكراه في الدين»، وغضت الطرف عن الدستور الحاكم للبلاد، وتجاهلت ملايين المسيحيين الذين يعيشون بيننا، وتغافلت حتى عن «الرُخص» التي تبيح الإفطار للمسلم في حالات المرض والسفر وللمرأة الحائض.. فعبارات الفتوى جاءت نقلاً سلفياً متحجراً دون مراعاة متغيرات الزمان..ثمة ملاحظات جديرة بالتوقف عندها.. فالقوانين السارية بالبلاد لم تمنح «المحليات»، ولا غيرها، سلطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإلا فإنه يحق لـ«المُلا ياسر فرج»، استيقاف الناس في الشوارع واستنطاقهم الشهادتين، والتيقن مما إذا كانوا يقيمون الصلوات الخمس في مواعيدها، أم لا؟ ويؤدون الزكاة من عدمه، وإجبارهم على ترك الذقون، وربما ارتداء الزي السلفي الشرعي (جلباباً أبيض)، وإقامة الحدود عند اللزوم، وهذا ليس من المبالغة في شىء.. فالتكرار والتوسع واردان، ومن ثم الفتن وقانا الله شرورها.. صحيح أن الجنرال أحمد عبدالرحيم رئيس حي العجوزة قال كلاماً قانونياً سليماً في تصريحات تليفزيونية، بأنه لا شأن لهم بالمفطرين، وأن دورهم هو إغلاق المقاهي غير المرخص لها فقط.. لكنه نفي الواقعة وكأنه ينكر صوت وصورة نائبة بالفيديو المشار إليه.. وما دُمنا على سيرة نائب رئيس الحي، فقد سبق للرجل مصحوباً بالكاميرات، أن قاد في أكتوبر الماضي حملة مشابهة على المقاهي مستهدفاً الطلاب، وقام ورجاله باستيقاف عدد من الشباب، وتفتيشهم ومتعلقاتهم، كما لو كانوا مشبوهين ومطاردين، وقام بتأنيبهم بغلظة وفظاظة وعنف، والموقعة كلها مسجلة أيضاً بفيديو آخر، إذ قال لا فض فوه ومات حاسدوه: «اللي هشوفه على القهوة هديله بالجزمة».. ولا أعرف قانوناً في البلد حتى الآن، يمنحه هذا الحق لاستيقاف الشباب وتفتيشهم أو منعهم من ارتياد المحال العمومية، وكيف يتفوه بهذه العبارة المُهينة والكاشفة عن أن مقام «المواطن» هو «الجذمة» للتأديب إن هو خرج عن الحدود المرسومة له حتى ولو كان راسمها مجرد موظف بالمحليات على شاكلة صاحبنا.. هنا يحضرني سؤال.. هل يجرؤ المُلا ياسر على مواصلة فتوحاته، وقيادة غزوة مماثلة لفنادق «الخمس أو حتى الثلاث نجوم» الكائنة بحي العجوزة، وتشميعها وطرد نزلائها المفطرين باعتبارهم زنادقة في بلاد المسلمين.. أم أن الاستئساد والتغول هو من نصيب العوام فقط؟.
ليت رئيس الجكومة ووزير الإدارة المحلية ومحافظ الجيزة يتولون شئونهم في تجاوزات وغزوات مولانا نائب رئيس حي العجوزة، حتى لا تكون فتنة لا قدَّر الله.
نسأل الله السلامة لمصر.
[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية