- إنت ليه ما بتكتبش عن إنجازات السيسي؟
- باكتب والله.
- لا، بس مش بنفس تركيزك على السلبيات.
- إحنا دورنا نوضح المشكلات، علشان اللي بيحكم ياخد باله، ومش مفروض نهلل لكل واحد لمجرد إنه بيؤدي واجبه.
- أنا كده مش هاتفاعل معاك على صفحتك تاني.
- هو مفروض أكتب اللي على هوى حضرتك علشان تتفاعل معايا، ياللامعلهش ربنا يقدرني على تحمل خسارتك!
استبداد المحبين، ظاهرة يعانيها معظم الكتاب، خصوصاً على حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، وتؤثر كثيراً على ميولهم وإنصافهم في الكتابة، وتتحول تدريجياً إلى نوع من الابتزاز، فلكل تعليق وعلامة «معجب» ضريبة يجب أن نسددها صاغرين، حتى لا نفقد محباً أو معجباً، وبالتالي تتراجع مؤشرات الإقبال على ما نكتب.
وبالمناسبة تخضع صحف كبرى لهذا الابتزاز حالياً، وتتحسب كثيراً للتعليقات السلبية والانتقادات، وغالباً الشتائم بأقذر الألفاظ، سواء لكتابها أو محرريها، وحتى اليوم لا أفهم لماذا يسبني شخص لا أعرفه لمجرد تعبيري عن رأيي!
استبداد المحبين أو المتابعين.. يشل إرادة كثير من أصحاب الرأي، فيجنح فريق منهم إلى السلم، والتحرر من الضغط بالتوقف عن الكتابة، في ما يتعامل فريق آخر بمنطق الإنكار، ولا يتفاعل مع قرائه مكتفياً بالكتابة دون انتظار مردود ما يكتب.
نعرف جيداً أن نساءً دخلن الصحافة على مر تاريخها من الباب «الخلفي» لمكتب رئيس التحرير، منهن السكرتيرة ومدرسة الأولاد وزوجة أحد المعارف لامتلاكهن إمكانات ليس لها أي علاقة بالمهنة، لكنها على أي حال مقومات استثنائية تستحق الاهتمام!
ومن مزايا مواقع التواصل وخصوصاً «فيس بوك» أنه نقل فاتنات عدة، من ساحة التعبير الافتراضي إلى زوايا المحترفين في صحف مهمة، بفضل صور البروفايل متعددة الأبعاد والأوضاع وليس بسبب خواطرهن العظيمة!
المثير جداً- من وجهة نظري- أن جاذبية الجيل الجديد من المبدعات لا تطال فقط مسؤولي الصحف وصناع قرارها- الذين يختبرون واقعياً جودة الصورة، ولكن تمتد إلى عشرات المتابعين الذين يصوتون بـ«لايك» على خاطرة مليئة بأخطاء إملائية لا يرتكبها تلميذ في الصف الثاني الابتدائي، وينبهرون «ببلاهة رئيس مدني منتخب» حين تتقيأ إحداهن فكرة لولبية لا نميز بين مقدمتها ومؤخرتها!
وأنا شخصياً لا أنزعج من ميول المحبين تجاه هؤلاء الفاتنات، بقدر انزعاجي من اندماجهن في لحظة تجل وتلبسهن دور المفكرات المبدعات!
من إشكاليات المحب المستبد كذلك أنك حين تحظى ككاتب على «لايك» أو تعليق على شيء تكتبه يجب أن ترد بالمثل في الوقت المناسب، وقد أرسل لي أحدهم عبر فيس بوك قائلاً:
هو ليه حضرتك ما بتعملش «لايك» أو تعلق على أشعاري؟
قلت له: مش غاوي شعر.
رد: بس أنا باشوفك بتعلق عند شعراء تانيين.
قلت: حاضر أوعدك.. هاحاول أقرأ أشعارك!
رد: ده معناه إنك عمرك ما قريت لي رغم إني باتابع كل اللي بتكتبه!
أنا: آسف
هو: عموما لو مش حابب تقرأ لي براحتك!
أنا: ليه بتحاول تستفزني؟
هو: لا.. بس أنا محبط من رد فعلك.. فيه نوع من عدم التقدير.
أنا: طب يا سيدي أنا هاكون صريح معاك.. حضرتك بتغتصب الشعر مش بتكتبه، ومصر تشعر بالفصحى وأنت بتغلط في الإملاء، والنحو بالنسبة لك حاجة تكميلية، عادي ممكن تنصب الفاعل وتكسر الخبر وترفعنا مع المفعول للضرورة الشعرية!
غير أني أصلا ما بافهمش إنت عاوز تقول إيه، وبتحاول تقلد محمود درويش من غير ما تاخد بالك إنك بتقتبس -قصدي- بتسطو على جمل كاملة من قصائده.
بص يا شاعر، أنا متعود ما أحرجش حد بتعليق سخيف، خصوصاً إن الفيس بوك خلّى نص الناس شعراء، والنص التاني محللين سياسيين، بس لو إنت عاوزني أكتب رأيي ده على صفحتك بين أصدقائك ومعجبيك، أنا معنديش مانع.
صمت ..!
للمحبين سطوة على مواقع التواصل عموماً، وفيس بوك خصوصاً، وإذا خضعت لإرادة أحدهم مرة، فلن تتخلص من استبداده، لذا أن تظفر بقارئ موضوعي يحلل ما تكتب بإنصاف، خير من مئة «لايك» ستدفع ثمنها من حريتك في الرأي!
محمد فودة