x

محمد علي إبراهيم خطورة الفساد بمؤسسة الرئاسة! محمد علي إبراهيم الإثنين 16-05-2016 11:25


بشجاعة لم نعهدها في أي رئيس مصري من قبل أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي أن هناك فسادا في الرئاسة. نعم تصريح صادم واعتراف بقصور في قمة الهرم السياسي بمصر وأكثر مؤسسات الدولة احتراما.

جاء هذا التصريح يوم الخميس الماضي في افتتاح 32 مشروعا جديدا عبر الفيديو كونفرس نفذتها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة في 14 محافظة.. قال الرئيس لا أحد فوق القانون.. روي أنه تم إبلاغه قبل شهرين بحدوث تجاوزات في مؤسسه الرئاسة وتساءل الرئيس ماذا نفعل مع المخطئ؟ فأجابه البعض بأن «نلم الدور» فرد الرئيس والله يجب أن يحاكموا، من يخطئ يجب محاسبته، وهذا لا يؤثر على أي جهة فلا أحد فوق القانون.. ولا مجال المحسوبية أو المجاملة!

2)

ما قاله الرئيس رغم صراحته وجرأته فجر قضية هامة.. وهي أننا لم نكن سنعرف عن هذه التجاوزات أو الفساد شيئا لو لم يعلنها الرئيس بنفسه.. وطالما أن هذه التجاوزات مر عليها شهران كما قال السيد الرئيس فلماذا لم يصدر النائب العام أمرا بالتحقيق فيها فورا؟ ولماذا لم يتم إعلان أسماء ومناصب السادة مسؤولي الرئاسة الذين تورطوا في هذا الفساد.

3)

الانتظار لمدة شهرين إلى أن يعلن الرئيس بنفسه عن القضية وضرورة محاكمة المتورطين فيها يعني أنه لو لم يتطوع أحد بإبلاغ الرئيس بالتجاوزات، لما علم الرئيس أو الشعب.. مازال الخوف يعقد الألسنة.. والأخطر أن بعض المسؤولين في أهم مؤسسة بالبلاد يتصورون أنهم يكتسبون حصانة لمجرد أنهم يعملون مع الرئيس.. يتخيلون أن أحدا لن يتجرأ على أن يرفع إصبعا في وجوههم وهم يتمتعون بحصانة رئاسية.. الواقعة تذكرني بالضابط طه زكي الذي تطوع عام 1971 وأعطى الرئيس السادات كافة الشرائط المسجلة لأطراف المؤامرة الذين كانوا يدبرون انقلابا ضده.. وشاءت إرادة الله أن يكشفهم في توقيت مناسب.

4)

لكن الفساد هذه المرة ليس للانقلاب على الرئيس.. ولكن لتشويه صورته وإظهار أن أكبر رأس في هذا البلد يعمل وإلى جواره فاسدين.. هنا كان يجب على مؤسسة الرئاسة انطلاقا من شفافية الرئيس أن تقدم المتهمين إلى النيابة وتنشر الصحف الاتهامات الموجهة إليهم.. هذا التصرف كان كفيلا بتدعيم مفهوم الصراحة والصدق والوضوح فيما يختص بأخطر قضايا الأمن القومي المصري.. الفساد.

5)

إن ما أعلنه الرئيس عن فساد بعض مسؤوليه يفتح الباب لتساؤلات كثيرة.. ما هو نوع هذا الفساد؟ هل اقتصر على استغلال نفوذ في تعيين أقارب أو معارف بالوزارات والشركات التي تمنح رواتب فلكية؟ أم أنها اقتصرت على تخصيص أراضي لرجال أعمال أو تسهيلات لهم نظير خدمات متبادلة! ويشطح الخيال بالناس فيزعمون أن الفاسدين متهمون بغسيل الأموال أو التجارة أو.. أو.. وطالما أن النيابة العامة لم تصدر قرارا في هذا الصدد بعد فسيظل الباب مفتوحا لكل مخطئ ومزايد ونهاز للفرص طالما أن الأمر لم يحسم.

6)

لقد أراد الرئيس بشفافية تامة أن يبعث برسالة للمصريين أنه يلاحق الفساد ويحاصره حتى لو كان في عقر داره.. لكن هذا ليس كافيا.. لماذا؟ لأن التجارب السابقة اقتصرت على محاكمة الفاسدين عقب خروجهم أو بعد سقوط النظام كما حدث مع رجال مبارك كلهم وأقارب السادات وكانت النتيجة الطبيعية أن انسحب الفساد على الرئيس الراحل السادات والأسبق مبارك وتورطا فيه.

من ثم فإن عبقرية السيسي كانت ستكتمل لو قدم رجاله للمحاكمة العلنية وبلاحظر نشر.. مثلهم مثل المواطنين العاديين.. لا فرق بين مسؤول سيادي وموظف في الجهاز الإداري.. الوزير مثل الخفير.

7)

تقديم هؤلاء المسؤولين سواء كانوا سابقين أو حاليين للمحاكمة العلنية سيرفع من شعبية الرئيس مليون مرة.. أكثر من الطرق والكباري والمساكن الشعبية وشقق محدودي الدخل.. هذه القضية ستكون حجر الزاوية التي سيبني عليها دولة سيادة القانون ومعاملة الجميع سواسية.. من ثم سينتقل أجمل شعور للمواطن البسيط وهو «أنه لا أحد فوق القانون» ولكن هذه المرة سيكون قولا وفعلا وتنفيذا.

اللهم لطفك ..

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية