x

محمد علي إبراهيم يا ريس.. من الذي حولنا لـ «شبه دولة»؟! محمد علي إبراهيم الأحد 08-05-2016 21:16


فاجأنى الرئيس عبدالفتاح السيسى يوم 5 مايو بقوله «إن مصر يجب أن تكون دولة حقيقية لأنها حاليا (شبه دولة).. اتهام خطير لمصر من رئيسها.. رغم أنه في يوم 16 مارس 2016 أي قبل 50 يوما أعلن الرئيس أن مصر دولة قوية وقوة إقليمية تدافع ولا تعتدى والعالم كله ينظر إلينا باحترام» كان هذا الكلام أثناء حضوره تدريبات «ذات الصوارى» البحرية في الإسكندرية!

الملاحظ أن الرئيس عندما يغضب ينسى.. يفقد تركيزه.. تتداخل خطاباته السابقة مع اللاحقة، فلا تعرف إلى أيها تستند.. ومن أيها نستخلص الدروس.. المهم أنه في نفس خطاب 5 مايو قال إن مسؤولا أجنبيا كبيرا أبدى إعجابه بإدارة الأمور في بلادنا.. وأصبحنا دولة قانون ومؤسسات يحترمها العالم!

ما هذا التناقض.. كيف تكون مصر دولة يحترمها العالم كما يقول الإعلام الحكومى والرئيس نفسه في زياراته الخارجية ثم يخاطب شعبه قائلا إننا «شبه دولة».. عفوا أصدقك إزاى يا ريس.. هل أصدقك وأنت غاضب.. أم وأنت راض.. هذا اعتراف خطير يصدر لأول مرة في التاريخ من رئيس.. لم يقلها تشرشل وشعبه في الملاجئ أيام الحرب العالمية الثانية.. أو يتفوه بها الرئيس روزفلت واليابان تدك الأسطول الأمريكى في بيرل هاربور.. لم يتجرأ عبدالناصر وهو مهزوم أن يقولها عن مصر التي أصبحت تحت الاحتلال عام 1967.. إذا كنا شبه دولة فعفوا أنت السبب!

( 2 )

الرئيس غاضب من المصريين.. يشعر أننا شعب نمرود قليل الصبر.. لا نُسبح بحمده بعد أن أنقذنا من مصير سوريا والعراق.. نحن لا نملك إلا الكلمة.. إذا كانت نورا استفد بها.. وإذا كانت قبرا ادفنا فيها.. ضحى جيلى في أكتوبر 1973.. لم نحصل على شقق وامتيازات وبدلات وقصور.. كنا نثق في الله وفى مصر.

يا ريس عندما تكون غاضبا يصبح وقع كلامك غليظا.. عصاك التي تعايرنا بها دائما بأنك حمتنا من مصير سوريا والعراق مردود عليها أن هذا واجبك.. لا تتفضل علينا فنحن الذين فوضناك وانتخبناك.. وإذا كنت ترى أننا غير جديرين بك تخلص منا.

( 3 )

وزير خارجيتك سامح شكرى صرح مؤخرا بأن سد النهضة أصبح واقعا، وأنه «حيتبنى حيتبنى» وعلينا أن نبحث تقليل آثاره.. نعم مصر شبه دولة في عهدك لأنكم تركتم إثيوبيا تتلاعب بنا كيفما شاء لها الهوى، وتبنى سدها رغما عن إرادة أكبر دولة أفريقية بسبب الروح الانهزامية! تصريحات حكومتك.. وأحيانا سيادتك تؤكد أننا في أيدى «هواة» سياسة.. ومسؤولين تحت التمرين.. نعمل إيه.. إثيوبيا ستدير السد وحدها وترفض الآن أي تغييرات في مواصفاته أو تخزينه.. من الذي حولنا لشبه دولة؟!

مصيبة أخرى.. هي السياسة التي اتبعتها وزارة الزراعة مع الفلاحين في محصول القمح.. أصبحت أجولة القمح مكدسة في بيوت الفلاحين لا تجد من يشتريها.. توريد القمح أصبح رحلة عذاب.. نهنئك على مشروع الفرافرة.. وننبهك إلى أن الفلاحين لن يزرعوا قمحا مرة أخرى فقد «اتخربت» بيوتهم هذا العام.. الأسعار انخفضت.. والمحصول في الشوارع.. الصوامع معظمها تالف أو مغلق.. وقانون الحيازة الزراعية الجديد تسبب في تكدس الأجولة في المنازل.

( 4 )

إذا كانت مصر شبه دولة فهناك عدة أسباب منها مثلا تعدد مراكز القوى حول الرئيس.. بعضها يدخل في صراع مع البعض الآخر.. وهذا يسىء للرئيس إذا كان لا يعلم، أما إذا كان يعلم فتلك المصيبة الكبرى.. وللأسف هذا الصراع ليس لصالح الوطن.. لكنه تنافس على أيهما يستطيع قمع أي معارضة.. وأحيانا يتجاوز الأمر إلى فضيحة.. اقتحام نقابة الصحفيين كان يمكن أن يتم القبض على الزميلين بهدوء وبألف طريقة والوقائع السابقة كثيرة.. إن ما حدث في النقابة أفقد النظام أقلاما محترمة ووضعها في موقف محرج.. فإما أن تنحاز للنظام فتخسر زملاءها.. أو تنحاز للزملاء فتفقد النظام.

هناك استنتاج آخر أتمنى أن أكون مخطئا فيه، وهو أن أزمة اقتحام نقابة الصحفيين ربما تكون مقصودة ومدبرة للتغطية على الإخراج السيئ جدا سياسيا وإعلاميا وحكوميا بخصوص مشكلة تبعية جزيرتى تيران وصنافير.. هنا أقول لك معك حق فالدولة التي لا تعرف إدارة الأزمات باحتراف وبهدوء.. وليس بالتهديد والوعيد هي شبه دولة.

( 5 )

الدولة التي يطالب رئيسها شعبه بألا يسمع كلام أحد غيره هي شبه دولة.. مصر عمرها 7 آلاف عام أنجبت العظماء والقادة والمبدعين والفنانين والشعراء وبالتالى لا يمكن أن تلغى عقلها بالأمر.. الاختلاف طبيعة بشرية يقول المولى عز وجل في كتابه «لو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا».. البشر اختلفوا على الأنبياء فلماذا لا نختلف مع الرؤساء.

لقد كتبت قبل ذلك ناصحا لك بعدم الارتجال.. فإغراء الارتجال يُسىء لمقام الرجال.. اللسان إذا انطلق يصبح جوادا بلا لجام خصوصا في ساعات الغضب.. قلت لنا إنك طبيب يعالج كل الأمراض ومن ثم عليك أن تطبق القواعد الطبية.. أساتذة الطب الكبار يقولون شكوى المريض يجب أن تحترم.. ومن ثم يغيرون له العلاج ويعقدون «كونسلتو» لتدارس حالته.. لكن أنت لا تسمع شكوانا.. زهقت من أمراضنا بعد ما يقرب من عامين.

( 6 )

يا ريس عبقرية الشعوب في التنوع والاختلاف والتعددية وليس بالصوت الواحد.. ورغم أنك الفيلسوف الذي يشيد به العالم، إلا أن واقعنا كما هو.. فلا شرطة أصلحت.. لا دينا جددت.. لا فكرا حميت.. لا محليات طهرت.. المرور يتدهور.. الأخطر أنك استهنت بشعب تحمل رفع أسعار الغذاء والخدمات وتدهور التعليم والعلاج.. للأسف أصبحت أحيانا تتكلم مثل الذين حكمونا بأمر الله.

وأخيرا

لقد أهدانا الرئيس برلمانا بلا معارضة ويسبح بحمد الرئيس.. فعلى الأقل أسمح بمعارضة موازية في الصحافة والإعلام حتى نصبح دولة.. وأرجوك تخل عن الارتجال.. ولا تفرق بين مصريين «مواطنين شرفاء».. وآخرين ألصقتم بهم العمالة والارتزاق والخيانة والتمويل الأجنبى.. وإذا كانوا لذلك فلماذا لا تحاكموهم!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية