السعادة هي ما نسعى إليه طول الحياة. والحُرية هي أهم مفاتيح السعادة. فالتحرُر من السعي الدائم للتملُك والشعور بالسعادة عند التملُك فقط هو ما قد يُصيب الفرد بالإحباط في حال عدم تملُكه أشياء بعينها. السعادة ليست في الامتلاك، وهذا ليس ضد أن تتملك أشياءً، لكن إذا كانت السعادة في الامتلاك فلن يسعد أبداً فرداً مهما امتلك، يقول لنا الإمام «على بن أبي طالب» «الاستغناء ليس أن لا تمتلك شيئاً، بل أن لا يتملك عليك شيئاً»
فحين تكون السعادة في الامتلاك يُصبح الصراع هو الطريق والهدف وتُصبح السعادة بعيدة المنال. فليست الأملاك طريق السعادة. وإذا نظرنا لتخلي بل جيتس «Bill Gates» وأوبرا وينفري Opera Winfrey عن ثرواتهُما سوف نتفهم كيف يتكون الشعور بالسعادة عند التخلي والعطاء، وسوف نتفهم أيضاً مدى سعادة الأُم تريزا في عطائها الشديد. فالتحرُر من فكرة الامتلاك يفتح باب السعادة.
حين تكون السعادة هي الهدف تُصبح الأولويات أكثر منطقية مع فكرة السعادة. ونحنُ نُقابل كثيرون في تلك الحياة، منهُم السُعداء والتُعساء والأشقياء وآخرون أحياناً لا يدركون إذ كانوا يحيوا في سعادة أو شقاء. وآخرون يوصفون لك سعادة هُم لا يلمسوها في حياتهُم وكأنهُم يتمنوا أن يعيشوا ما يتحدثون عنهُ.
أعرف سايس سيارات في منطقة الزمالك وهو من أسوان، شخصية دائمة الابتسام ولديه شعور بالرضا الواضح الذي قد يُحير الكثير من مُتجهمي الوجوه من بعض أصحاب الملايين، إذ أعطيت هذا الرجُل أي نقود، لا ينظُر إليها فقط يُطبق يده عليها أو يضعها في جيبُه شاكراً ربهُ على هذا العطاء.
والشُعور بالسعادة هو قرار شخصي في أغلب الأحيان. فالكثير يسجنوا أنفسهُم في أخطاء الماضي ويعيشون لحظات مريرة نادمين على ما فعلوا، وقد يكون ما قاموا به بشعاً شنيعاً ولكن الأكثر بشاعة هو الجلوس في حُجرتك متأملا في الماضي. فالقيام بذلك أشبه بعملية تعذيب ذاتي لا تؤدي في النهاية إلى أي تغييرات حياتية حقيقية. والحقيقة أن كُلنا نُخطئ. ومهما كانت جسامة الخطأ فلا البُكاء حلاً ولا تعذيب الذات منطقياً. والمنطق العملي هُنا يُحتم علينا تقييم قُدراتنا الحقيقية وعمل ما نستطيع عملهُ. والحركة نحو الأمام هي أكثر الخطوات المسببة للسعادة. تجد الكثير من الناس تُصاب بالحُزن الذي قد يصل إلى حد الاكتئاب حين يتقاعدوا، فالعمل هو أحد أشكال الحركة الحياتية وأحد مُسببات السعادة والشُعور بالرضا.
ففكرة التحرك هي فكرة التطور والنمو وذلك مُرتبط ارتباطاً وثيقاً بالسعادة. كُلما تعلم الإنسان وتعرف على أشياء جديدة ساهم ذلك في الحركة نحو المُستقبل والابتعاد عن التشبُث بخطايا الماضي التي قد تسجنهُ إلى الأبد في شُعور بالذنب لن يُسهم في محوه كثرة التفكير فيه. فكُلما ذاد تفكيرك في أخطاء الماضي قلت قُدرتك على رؤية المستقبل وقلت قُدرتك على الحركة. فقط حين تتحرك تكتشف أشياء جديدة، وتجد الكثير في الحياة حين تكتشف ما لم تعرفه من قبل، ومن ثم تتغير وتتفتح لك آفاقاً جديدة. فهل آن الأوان كي نتحرك للأمام، ننسي عصر الخطابة والمواعظ ونعيش في عالم الحركة للأمام، فهذا هو الطريق لصناعة مستقبل به كثير من السعادة.