حين يشعُر الإنسان بالخوف تتراجع خُطواته وترتعش يديه. الخوف يجعلنا لا نتحرك للأمام. فالخوف من المُستقبل يجعلنا في حالة قلقِ دائم يستحيل معها حين ذاك أن نستمتع بالحاضر المُعاش.
لن يتحرك الإنسان إلى الأمام إلا إذا نزع عنهُ كُل أشكال الخوف. وحين يتحرر الإنسان من الخوف فأنُه يستطيع أن يحيا بثقة ويخطو للأمام كاسراً كُل قيود الخوف.
يخاف الإنسان أن يخطئ فيخسر الحياة بعد الموت الجنة أو الفردوس. وهذا ما يجعل الإنسان في حالة من التوتُر التي تُفسد الحياة. فالخوف من الخطاء ما هو إلا خوف من المحاولة والتجريب وبالتالي فهو يؤدي إلى جُمودِ شديد.حين يخاف الإنسان لا تقوي قدميه على السير. يقف وتقف الحياة من حوله.
توجد كثير من الأشياء التي يخشي أن يُفكر بها الإنسان. فقد قيل دائماً أنهُ توجد حدوداً للأفكار. وهذا محض افتراء، إذ أن الأفكار تتكون أساساً في رحاب الحرية. والأفكار تنمو وتتنوع حين نُلقي الخوف جانباً. والحرية تُعطي الإنسان الثقة في ما يقوم به, وحتى إذا أخطاء, فهذا جُزء من الحياة. فرفع القضايا على بعض الكتاب والمفكرين ومن ثم سجنهم لن يفيد المجتمع ولن يحميه كما يظن البعض. لا يوجد ما يسميه البعض الحقيقة المطلقة، فهي مطلقة بالنسبه له، ولكنها ليست كذلك للأخرين. يقول«هرب كوهين» Herb Cohen مستشار الرئيس الأمريكي «Jimmy Carter» 1977-1981، «أنا وانت لا نري الأشياء كما هي، بل نراها حسبما نفكر» وينسحب هذا على أفكار الكثير من الكتاب الكبار والصغار. الروائي الإنجليزي الشهير 1885- 1930 D.H Lawrence منعت روايته الشهيرة Sons and Lovers «أبناء وعشاق» ثم اصبحت تدرس بالجامعات كأحد أهم الاعمال الأدبية، الأفكار تبقي وتتغير الأزمان والأشخاص.
و قضية الترهيب تلك، لم تبدأ منذ اللحظة الآنية فيهي جزء من التراث الإرهابي للسلطة الأبوية في كثير من الجتمعات الشرقية، فمنذ نعومة الأظافر وتجد أن التخويف والترهيب هما الركائز الأساسية لتربية مشوهة لن تقود إلى مجتمع صحي سليم.
و من الخطايا الرهيبة المنتشرة في العالم الإيذاء الجسدي الأطفال وهي تضر الطفل ضرراً شديداً. إذ
أن الطفل -و هو الأجمل في تلك الحياة حيثُ الحرية متجسدة بأدق المعاني في حياته- ترتعش يداه قبل القيام بأبسط الأشياء. فحين تُعاقب الطفل جسدياً فقد قُمت ببناء سوراً بينك وبينه ويُصبح بعد ذلك من الصعب العبور له كما أنك قُمت بتقييد بعضِ من الحرية في داخلهُ. وتكرار فعل الضرب يخلق طفلاً مهزوزاً سُرعان ما يتحول إلى شابِ لديه مشاكل نفسيه واجتماعيه ويفقد الثقة في نفسهُ في مواقف اجتماعيه بسيطة.
و تربية ثقافة الخوف تُعطل نمو الحرية داخل الإنسان فيحيا مهزوز الثقة إذ عليه دوماً مُراجعة أفعاله وفقاً لمعايير لم يكُن لهُ دور في وضعها.
فحينما نضع نسقِاً أخلاقياً لأولادنا فلابُد من أن نشرحه لهُم ولماذا يجب عليهم أن يتبعوا سلوكِ ما. فقناعة شخصِ ما بما يقوم بيه تجعل من القيام بذاك سلوك أصلي وليس عرضاً، والسلوك يصبح جزء أصيل من حياتنا ومن ثم تقهر الحرية كل أشكال الخوف. فالإنسان الخائف هو إنسان ميت يسير على قدميه يأكل ويشرب وينام، فمن يخلق الخوف في الآخرين كمعظم الأنظمة الديكتاتورية يسرق الحياة منهم وتأتي لحظة ينفجر فيها الخائف، فكثير من الثورات في العالم كان أحد أسباب قيامها كسر حاجز الخوف.
أحد أهم أسباب نجاح القيم والمبادئ الديمقراطية في كثير من أنحاء العالم هي بناءها على فكرة الحق المطلق في التعبير عن ما بداخل الفرد، وحين تستمع بحق التعبير، الاعتراض والرفض، وحين تجد رد فعل إيجابي تجاه أمرِ قد قمت بالاعتراض علية، سوف تشعر في تلك اللحظة بأهمية ما لوجودك، وتلك أحد ميزات المجتمع الديمقراطي. فقط حين لا تخشي أن تعبر عن نفسك، سوف تتغير أشياء كثيرة داخلك وداخل الآخرين.