x

شريف رزق الخطاب السياسي بين «غالي» و«كمال أحمد» شريف رزق الخميس 07-04-2016 21:07


الأمين العام السابق للأمم المتحدة ووزير الدولة للشؤون الخارجية ونائب رئيس الوزراء الأسبق بطرس غالي (1922-2016) والذي كان قد قضي فترة واحدة فقط كأمين عام للأمم المتحدة ولم يُجدد له بعد نهاية الفترة الأولي في 31 ديسمبرعام 1996 وذلك إثر خلاف مع الإدارة الأمريكية التي انزعجت من أداء «غالي» وبدي لهم وكأنه يتحدي الإدارة الأمريكية وإسرائيل –الحليف الاستراتيجي-، وكان ذلك بسبب التقرير الذي أدان إسرائيل بسبب مذبحة قانا 1996 التي راح ضحيتها أكثر من مائة من اللبنانيين بعدما قذفت إسرائيل ملجأ للأمم المتحدة بقانا. وتجاهلت دول مجلس الأمن التقرير واعتبرتها «حادثا مأساويا» وتلك واحدة من الخطايا العديدة لمجلس الأمن، ولكن موازين القوي وقواعد اللعبة السياسية تجعل تلك المواقف أمراً يألفه معظم الساسة، بل ويتعايشوا معه.

وبعدما خرج «غالي» من منصب الأمين العام بسبب الضغوط الأمريكية، وفي حوار تليفزيوني قام أحد المشاهدين بسؤالة عن مادلين ألبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية في عهد بيل كلينتون رئيس الولايات المتحدة (1993-2001) وهل كانت هي تشن حربا عليه؟ وكان رد «غالي» «الدبلوماسي لا يستخدم أبداً كلمة «حرب».

وهنا قد يبدو بعض التناقض الظاهري، فغالي يدين إسرائيل بسبب الهجوم الوحشي على قانا (1996)- الحليف الاستراتيجي الرئيسي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وفي حوار تليفزيوني يرفض استخدام كلمة «حرب» عن علاقته بمادلين ألبرايت، ولكن هذا هو حال الساسة العظام، فلكل مقام مقال ولكل حدث حديث، ففي حادث قانا لم يعطي «غالي» خطبة مطولة عن مشاعر الكراهية تجاه إسرائيل، بل استخدم وقائع تمت بالفعل تدين إسرائيل دون الحاجة للخطب شديدة اللهجة التي يستخدمها الدجالين ومدعي السياسة. وفي حواره التليفزيوني يستخدم اللغة الدبلوماسية الرصينة، فهو يزن الكلمات بميزان حساس ويضع الكلمات في مكانها الصحيح.

ومن ثم علينا أن نتأمل ما يفعله بعض ممن يدعون أنهم يمثلون الشعب المصري، ونفترض أيضاً أنهم يعملون بالسياسة، ولكن يبدو أن النائب الحالي لمجلس النواب «كمال أحمد» ليس لديه طريقة للحوار السياسي سوي استخدام «الحذاء» في واقعة اعتدائه على «توفيق عكاشة» فماذا كان يفكر به «كمال أحمد» وهل يتم التعبير عن الموقف السياسي بالاعتداء على زميل آخر، وهل عندما نختلف نتحاور أم نخلع الأحذية!!؟

يبدو وكأن الكثير من النواب لا تعرف عن مجلس النواب سوي أنه «لقمة عيش» أو«رزق» جايلهم وربنا يجعله عامر!! فهم يتحدثون عن مشاعر المصريين تجاه إسرائيل، وكأن مشاعرنا هي ما تحركنا في العمل السياسي. العمل السياسي عمل احترافي شديد التعقيد، ينبغي دائماً حساب معايير القوة، وموقف كافة الأطراف المعنية في أمر ما، ومدى تأثير الموقف والخطاب السياسي، وهل نستطيع كدولة تحمل تبعات تهور النواب وحديثهم عن مشاعرهم وكراهيتهم لدولة إسرائيل، وكأن تلك المشاعر قادرة على أن تحل التعقيدات المرتبطة بعلاقة مصر والعالم العربي بإسرائيل، ومن البديهي أن ندرك أن العلاقة مع إسرائيل ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالعلاقة مع الولايات المتحدة.

ليست القضية القدرة على الصراخ والعويل، بل على التأثير والتغيير، ولكي تؤثر في أي واقع عليك حتماً أن تدرك حجم القوة لديك قياساً بحجم قوة الأطراف الأخرى المعنية بنفس ذات الأمر.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية