تفتكر، ماذا تتوقع أن يقول الرئيس، اليوم، فى لقائه برؤساء الهيئات البرلمانية، وبعض ممثلى المجتمع المدنى؟.. هل يقول لهم: ما يصحش كده؟.. هل يبدى ضيقه مما جرى على مدى أيام؟.. أم يبدى سعادته بما سمع وقرأ وشاهد، باعتبار أن «المعارض يشد أزر المفاوض»؟.. هل يكشف لهم كل الأسرار، أم يحتفظ ببعض الأسرار؟.. هل الهدف هو التهدئة، حين يحدث تصويت المجلس على الاتفاقية؟!
وتفتكر، ماذا يقول هؤلاء النواب للرئيس؟.. هل يسألونه عن مبررات طرح الاتفاقية الآن؟.. وهل يسألونه: لماذا لم تُعرض للنقاش العام قبل طرحها للتوقيع؟.. هل يقولون له إن الاستفتاء فى هذه الحالة جائز أم لا؟.. هل يطلبون توسيع الفريق الرئاسى للرئيس، أم أن هذا الكلام خارج السياق؟.. هل يطلبون منه التدخل لدى خادم الحرمين، لوقف نظام الكفيل، فضلاً عن التدخل لإنهاء ملف المحبوسين؟!
كيف يبدأ النقاش، وكيف ينتهى؟.. هل يحمل أحد النواب الخرائط الدالة على مصرية الجزيرتين؟.. هل يأخذ آخر بعض الوثائق المصرية والأجنبية ليؤكد وجهة نظره؟.. أم أن الذاهبين إلى الرئيس يؤمنون بما جاء فى الاتفاقية تماماً؟.. هل يكون ضمن الحضور خبراء استراتيجية وأمن قومى وقانون دولى؟.. هل سيبرر الرئيس مثلاً، وهل سيكون الحضور فى موقف الهجوم، أم أن الأمور ليست بهذا الشكل؟!
فى كل الأحوال، لا أتصور أن الحوار مع الرئيس سوف يشبه الحوار الدائر فى الشارع السياسى.. الحوار له ضوابط أخرى.. مؤكد سيغلب العقل والمنطق على حوار «المطاوى».. فلا تخوين ولا كلام فارغ.. فلا أحد يشكك فى وطنية القيادة السياسية، الأصل أن الجميع يقف على أرضية وطنية، أما التفاصيل فيمكن الاجتهاد فيها.. المشكلة هنا فى الصدمة الكهربائية، وعدم طرح القضية للنقاش أصلاً!
وفى تقديرى، أن لقاء الرئيس لا ينبغى أن يقف عند حد الجزيرتين فقط.. بالتأكيد سوف يستفيد المجتمعون من لقائهم بالرئيس فى الاستفسار عن حكاية الأخ ريجينى.. ما آخرها؟.. كيف تؤثر علينا؟.. ما السيناريوهات والتصورات؟.. ماذا تريد إيطاليا منا؟.. وهل الاتحاد الأوروبى يستغل الفيلم، لأسباب أخرى ملهاش علاقة بالأخ ريجينى؟.. هل مصر تُخفى شيئاً فى القضية، وهل صحيح أن هناك مماطلة؟!
مهم جداً أن يعرف الحضور من الرئيس، لا من غيره، ومهم جداً أن يعرفوا منه، لا أن يعرفوا عنه.. أثق أن الرئيس سوف يقول شيئاً جديداً.. وأثق أنه سوف يطفئ النار المشتعلة.. وأثق أيضاً أنه سوف يتلافى فى المستقبل مشكلة من هذا النوع.. الإعلام مهم جداً.. حسابات الرأى العام مهمة جداً، حتى لو كان القرار صحيحاً ووطنياً.. فكرة التسويق السياسى مازالت مطلوبة.. أندهش أننا لا نهتم بها إطلاقاً!
هذه المرة لا يستطيع الرئيس أن يقول «مايصحش كده».. هذه المرة الناس عندها حق فعلاً.. الحوار مهم يا ريس.. الرأى العام مهم جداً يا ريس.. التسويق السياسى مطلوب.. الصدمة كانت مؤلمة للغاية.. الربط بين اتفاقية ترسيم الحدود البحرية وغيرها جانبه الصواب.. «ما يصحش كده» يا ريس!