x

محمد أمين مش مجرد كوبرى! محمد أمين الأحد 10-04-2016 21:12


فكرة الجسر يبدو أنها لم تكن فى ذهن الملك سلمان بالمعنى المادى فقط، وإنما كانت الفكرة قائمة فى وجدانه، بالمعنى الروحى والمعنوى أيضاً.. فقد كان وهو يفكر فى الزيارة، يريد أن يبقى فى الأرض التى أحبها، وحارب دفاعاً عنها.. ولذلك كان من ضمن برنامج الملك أن يخاطب الشعب ويتواصل معه، من أقدم برلمان فى الشرق الأوسط، بما فى ذلك من دلالات مهمة، وهى ترجمة حقيقية لبناء الجسر أيضاً!.

الجسر الجديد ليس مجرد كوبرى فقط.. لكنه المعنى الحقيقى لفكرة «مسافة السكة».. ويبدو أن الحكاية ليست عقيدة عند الرئيس السيسى وحده، ولكنها عقيدة أيضاً عند خادم الحرمين.. وبالتالى فهو ليس ثمناً لجزيرتى صنافير وتيران بالمرة، فلم نكن نملكهما، ولكن كانتا خاضعتين لإدارتنا لأسباب تتعلق بالأمن القومى، وقد كان قطاع غزة ذات يوم يخضع لإدارتنا، ولم يقل أحد إن مصر «تنازلت» عنه!.

الجديد فى موضوع الجسر أن الملك سلمان هو الذى أبدى موافقته عليه، وأنه مَن سيقوم بتمويله.. وقد كانت عندنا مشكلة كبرى فى عهد مبارك، سواء من ناحية الموافقة أو التمويل.. رغم أن دراسات كثيرة كشفت الجدوى الاقتصادية للجسر، ورغم وجود عدد كبير من المستثمرين جاهز للاستثمار فيه.. فقد قدرت مؤشرات اقتصادية عائدات الجسر بحوالى 200 مليار دولار، أى أنه مكسب كبير للغاية!.

القضية عندى ليست فى المكسب الاقتصادى فقط، لكن هناك دورا آخر يساهم الجسر فى تعظيمه.. وهذا الدور يتعلق بالأمن القومى، كما أنه يتعلق أيضاً بأنه قد يكون نواة لوحدة اقتصادية وتجارية وسياسية بين مصر والمملكة.. كما أنه أيضاً يدخل فى سياق «مسافة السكة»، التى تحدث عنها «الرئيس الوطنى» عبدالفتاح السيسى.. فلا أظن أن الرئيس فرّط، ولا أظنه باع شيئاً، فهو آخر مَن يفرط أو يبيع!.

نستطيع من خلال هذا الجسر أن نكون فى بلاد الحرمين خلال ساعة، ما يعنى أن الجسر ثورة فى التفكير، وليس مجرد جسر للربط بين المملكة وأرض الكنانة، أو نقل البضائع، أو فرصة للسياحة الخليجية فقط.. وقد كان مبارك لا يريد هذا الجسر ووقف دونه، حفاظاً على شرم الشيخ، من وجهة نظره، المعروفة بأنها كانت مدينة الرئيس، أو منتجعه الخاص، وكم شرحنا له المزايا، ولكنه صمّ أذنيه عن التنفيذ!.

تخيلوا مثلاً حالنا الآن لو أن هذا الجسر تم تنفيذه منذ ربع قرن.. وتخيلوا لو أن الرئيس لم يفكر بعقلية الموظفين.. كان خبراء النقل قد تحدثوا عن جدواه الاقتصادية، ولكن الرئيس أبَى.. على أى حال، حين يصبح الجسر حقيقة سوف ينعكس ذلك بالرخاء علينا، وسوف ينعكس بالأمن أيضاً.. وسوف تكون مصر والمملكة عصيّتين على مشروع الشرق الأوسط، ولذلك تسمع الشائعات الآن!.

باختصار، فكرة الجسر ليست مجرد مشروع استثمارى فقط، ولكنها مشروع أمن قومى، ربما لم تكن تحققه جزيرتا تيران وصنافير، كما أنه جسر معنوى أيضاً، يحقق مقولة السيسى «مسافة السكة».. ولذلك قلت إن خادم الحرمين لم يزُرْ مصر، كى يوقع فى دفتر الزيارات الرسمية، ولكن جاء ليحفر اسمه فى التاريخ!.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية