لم أنشغل بالهرى على مواقع التواصل الاجتماعى، ولم أنشغل بما حدث من غوغائية هنا أو هناك، عقب الإعلان عن تبعية جزيرتى صنافير وتيران.. إنما شغلنى سؤال مهم: هل يوافق مجلس النواب على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية أم يرفض؟.. ماذا نتوقع منه؟.. هل تقدم الحكومة الاتفاقية ضمن غيرها من الاتفاقيات أم تؤجل عرضها لمزيد من الشرح للرأى العام؟.. وهل هناك احتمالات للرفض؟!.
سألنا الوزير السعودى عادل الجبير عن توقعاته إزاء موقف مجلس النواب.. قال بهدوء نادر: لا أتوقع أن يرفض مجلس النواب الاتفاقية لأنها جُزر سعودية.. وقال أيضاً لعدد من الكتّاب إنه لا يتوقع أن ترفض إسرائيل فكرة إقامة جسر الملك سلمان.. وفهمت منه أن أكثر من طرف كان يعرف بالمفاوضات «السرية» الثنائية، وأقصد بالطبع تل أبيب وواشنطن، وأن هناك موافقة جاهزة من حيث المبدأ!.
المهم الآن أن نعرف موقف البرلمان.. هل تأثر بكل ما جرى على مواقع التواصل الاجتماعى؟.. هل ما يدور فى البرلمان شىء آخر تماماً؟.. هل يوافق البرلمان فيُغضب هؤلاء.. أم يرفض فيُغضب المنطق والحقيقة؟.. رفضُ البرلمان يؤدى إلى مشكلة كبرى وهى أن الدولة المصرية تنازلت عن حقوق مقررة وثابتة.. وهو قد يدخلنا فى سكة أخرى، لا أريد أن أثيرها الآن.. فكيف يتصرف برلمان مصر؟!.
لا أستبعد أن يكون لقاء الرئيس غداً برؤساء الهيئات البرلمانية من أهدافه شرح ما جرى من مفاوضات ثنائية، ولا أستبعد أن يكون لقاء الملك سلمان بالبرلمان كان من أهدافه التأثير على النواب عند طرح الاتفاقية للتصويت.. لكن كل هذا للأسف جاء لاحقاً على إعلان ترسيم الحدود ولم يسبقه.. وبالتالى كانت صدمة القرار، التى لم يتحملها كثيرون.. معناه أننا عندنا مشكلة فى إدارة الملف!.
المثير أن الوزير السعودى لا يرى سبباً للصدمة فى قضية الجُزر، باعتبار أن الموضوع سعودى صرف.. الجانب المصرى فى مأزق كبير لأنه لم يسوّق الموضوع، ولم يُهيئ الرأى العام.. وهى سقطة وقع فيها الطرف المصرى، خاصة حينما تجاهل دور الإعلام، سواء فى التهيئة قبل التوقيع، أو الثرثرة اللاحقة بعد التوقيع.. وهو ما حدث فعلاً.. والسؤال: إذا كنا سنشرح بعد، فلماذا لم نشرح قبل؟!.
شىء مزعج بالفعل، حين نعرف أن تل أبيب كانت تعرف القصة، وأن هناك خطابات متبادلة بين مصر والسعودية وإسرائيل، كما أن واشنطن تعرف القصة.. وكل الأطراف تعرف إلا الشعب صاحب الحق فى المعرفة.. المدهش أن إسرائيل لا تبدى أى ممانعة، وستعرض الأمر على الكنيست لتعديل الاتفاقية.. وهو ما كان يستدعى ضرورة التهيئة، حتى لو كانت الجزر «وديعة» استردتها السعودية!.
الكرة الآن فى ملعب مجلس النواب.. لا أعرف كيف يتم إخراج القصة للرأى العام؟.. هل يطلب أجلاً للاطلاع؟.. هل يستمع للدفاع؟.. ما هو موقف لجنة الدفاع والأمن القومى؟.. ما هى الدروس المستفادة من الأزمة؟.. القضية لم تعد فى الجُزر.. لماذا نصبح دائماً فى موقف الدفاع؟.. ولماذا نلجأ لأسلوب الصدمات الكهربائية؟!.