لا أشعر بالرعب من قضية ريجينى، إنما أشعر بأن الحكاية فيها إنَّ.. معناه أن الحكاية مش حكاية ريجينى.. استدعاء السفير الإيطالى للتشاور تصعيد غير مبرَّر.. للأسف يأتى من إيطاليا، التى نرى أنها الأقرب إلينا فى حوض البحر المتوسط.. كما جاءت الطعنة إلينا من روسيا فى قضية طائرة شرم الشيخ.. إذن هناك يد وراء الأزمة، وهناك هدف من افتعال القصة.. كما حدث فى طائرة روسيا، هناك لغز خلف ريجينى!
سألت وزير الداخلية مجدى عبدالغفار، على هامش العشاء الملكى فى دار السفارة السعودية، عن قصة استدعاء السفير، فأبدى دهشته مما جرى، وقال ما معناه إنه حقهم، لكن يبقى مجرد إجراء رسمى، يمكن الرد عليه.. اكتشفت من الرد الفورى أنه لا يمكن أن تكون للأجهزة الأمنية يد فى الحكاية.. بل ربما أقول إنه من الغباء أن يُفترض أن لها دخلاً فى القصة، وكنت أتصور أن تستوعب روما هذا الأمر!
لا أعرف ماذا قال المستشار مصطفى سليمان، النائب العام المساعد، رئيس الوفد القضائى المصرى.. فقد كتبت المقال قبل ساعات من المؤتمر الصحفى الذى عقده عقب عودته من روما.. لكن أعرف أن مصطفى سليمان فوق الشبهات، ولا يمكن أن يضحى بتاريخه، ويستر على ضابط يُقال إنه تورط فى قضية قتل، وقد تصدى للرئيس المعزول ذات يوم.. كما أنه لا يمكن أن يضحى بسمعة مصر مهما كان القاتل!
وعلى أى حال ستظهر الحقيقة يوماً ما.. سواء مقتل الشاب الإيطالى، أو لماذا استُخدم مقتله فى الضغط على مصر.. ولكن إذا كان لى أن أقترح أمراً، فإنى أقترح أن يضم الوفد المستشار عدلى حسين.. فهو يعرف الدوائر القضائية الإيطالية، ويعرف كبار قضاة محكمة النقض.. وكانوا قد سألوه مؤخراً عن رأيه.. فقال: نحن نتحمل ضلوع ضابط فى مقتل ريجينى، لكن لا نتحمل ضلوع الشاب فى التجسس ضدنا!
وقال المستشار عدلى حسين إن شعبنا لا يقبل أن يستضيف شابا، ويثق فيه، ثم يكتشف أنه خان البلاد، وتورط فى التخابر عليها مع جهات أجنبية أخرى.. وكنت قد سألت القاضى السابق: لماذا لا تتدخل عن الجانب الإيطالى، بما لك من علاقات، وتبادل وفود وزيارات؟.. قال: لقد حدث بالفعل.. وأضاف: هم مَن أبدوا استنكارهم لما حدث، فرشحنى القضاة الحضور للرد لرفع الحرج عنهم، حتى لا يُعتبر الرد رسمياً من جانبهم!
أعترف بأن الارتباك الذى حدث منذ البداية هو الذى ورَّطنا، وفاقم الأمر إلى هذا الحد.. ولو أن الدولة المصرية فطنت إلى حالة الوقيعة، لكانت قد تصرفت بالسرعة والجدية اللازمتين.. ومع هذا لابد أن تتحرك أطراف كثيرة لإجهاض مخطط التصعيد ضد مصر.. فكما أن الأوروبيين يتصرفون بربطة المعلم، ينبغى أن يتصرف العرب بربطة المعلم أيضاً.. خاصة إذا علمنا أن الفيلم ليس ضد مصر وحدها بأى حال!
فك لغز ريجينى هو الذى سوف يؤدى لإنهاء الأزمة.. فمازلنا نوجه اتهامات بالعمالة والتجسس وتشعب العلاقات للشاب، كما يوجهون إلينا اتهامات بالقتل وانتهاك حقوق الإنسان.. كلام من هنا وكلام من هناك.. فأين دور أجهزة المعلومات من القضية؟.. ولماذا لم تستفد الدولة من كل الأدوات المتاحة لها حتى الآن؟!