x

عباس الطرابيلي ليس ملاكاً.. وليس شيطاناً!! عباس الطرابيلي السبت 02-04-2016 21:42


هل منا من هو ملاك 100% أو حتى شيطان 100%؟.. تلك هى طبيعة البشر، والحيوانات أيضاً.. هل تنسون الغوريلا التى تولت تربية الطفل الذى صار فى الحواديت «طرزان»؟! وهل تتذكرون الذئبة التى أرضعت القطط الصغار.. مع أولادها؟!.. ودعونا من عالم الحيوان- رغم دروسه العظيمة- وتعالوا نتعلم من وينستون تشرشل، أشهر رئيس وزراء لبريطانيا العظمى، الذى أعلنها صراحة أنه مستعد للتعاون حتى مع الشيطان لكى يحقق لبلاده النصر الشامل على ألمانيا الهتلرية.. وأن يواجه الغارات التى دمرت العاصمة لندن.. وصمد وصبر.. وتعاون مع الشيطان حتى حقق لبلاده النصر.. ثم ألم تتعاون أمريكا- قائدة العالم الحر- مع الاتحاد السوفيتى الذى يقود الشيوعية.. لكى ينتصرا معاً ضد الثلاثى: نازية هتلر فى ألمانيا.. وفاشية موسولينى فى إيطاليا.. وعسكرية اليابان الانتحارية؟!!

وهذا كله وغيره ليس من باب ميكيافيلية الساسة والسياسة، أى الغاية تبرر الوسيلة.. ولكنه من أجل الهدف الأسمى والأكبر.. فلماذا لا نجرب ذلك.. ونحاول؟! فما نواجهه أكبر من أى تصور.. إنه لقمة العيش.. وإرادة الحياة.. وكم هى شديدة المرارة.. بالذات إن كان الشعب يتعجل تحقيق ما ثار من أجله.. كل ذلك والعين بصيرة والإيد قصيرة.. فمن أين نأتى بما يحقق للناس بعض ما يحلمون؟!

ومناسبة هذا الكلام ما كتبته هنا.. أمس الأول الجمعة.. عن اقتراحى الاستفادة من خبرة وعقل وإمكانيات الدكتور يوسف بطرس غالى كوزير للمالية.. وحجتى فى ذلك هى نجاحه فى زيادة موارد الدولة المالية بقليل من التنازلات، وما أحوجنا الآن إلى أى زيادة فى مواردنا!.. ويكفى أن وزارة المالية سوف تطرح أذون وسندات خزانة بقيمة 89.5 مليار جنيه!! وسواء كان هذا الخبر صحيحا أم غير صحيح.. فهل ندرى ضخامة هذا الرقم.. الذى يؤكد أننا فى أزمة حقيقية.. وخانقة.. وأن الخزانة خاوية تماماً.. وهى ضرورية لبدء تنفيذ ما جاء فى الموازنة الجديدة للدولة المصرية؟!!

وقد فوجئت بسيلين من التعليقات على هذا المقال.. من يعترض بل يسخر ويرى أن نطالب بإعادة حسنى مبارك نفسه إلى حكم مصر.. وربما أصابتنى اللعنات من الحنجوريين، الذين لا يدركون حجم ما نحن فيه من أزمة يمكن أن تسقط الدولة.. نعم كل الدولة.

وهناك من رأى فى اقتراحى خيراً، حتى نعبر.. ولكن ما أصابنى بالألم هو لعنات وشتائم الذين لا يفهمون.. ولم يسألوا أنفسهم: طيب ومن أين تأتى الحكومة بما ينفذ أحلام كل المصريين.. خصوصاً مع انهيار معدل العمل والإنتاج الآن لدى أغلبية المصريين؟ يعنى نضرب الأرض تخضر، أم نقف على باب السيدة نطلب الإحسان.. وعشانا عليك يا رب؟!! خصوصاً أن شعبنا الآن فقد حماسه وقدرته على الصبر.. وانحاز للحنجوريين ملوك الكلام.. وإنتاج مفيش!!

وبحكم علاقتى الجيدة بالتاريخ.. أقول للكل إن الأنبياء أنفسهم.. وهم رسل الله سبحانه للأمم الضالة.. لجأوا إلى العقل.. ولو لمرحلة.. فها هو رسولنا الكريم، عليه أطيب الصلاة والسلام، مد يده للكفار.. ولا نقول تصالح معهم.. بل طلباً لهدنة حتى يستكمل عناصر القوة.. بل هو أيضاً، صلى الله عليه وسلم، وقّع معاهدة حتى مع يهود خيبر، وهم أعتى أعدائه، لكى يعبر بالمسلمين الأوائل فترات ضعفهم الأولى.. بل ها هو الخليفة الثانى لرسول الله الكريم.. ها هو عمر بن الخطاب يوقف تطبيق الحدود التى أمر بها الله فى عام الرمادة.. إلى أن يرفع الله مقته وغضبه ويأمر بنزول الغيث.. المطر.. هل نسيتم كل ذلك؟!!

وفى التاريخ- أيضاً- ألم يلجأ ولاة مصر الإسلامية إلى الإخوة المسيحيين- وفى زمن الخلفاء الراشدين- ليديروا هم أمور مصر المالية، ولم يجبروا مصرياً واحداً على اعتناق الإسلام.. بل ها هو أكبر بطل قومى للمسلمين: صلاح الدين الأيوبى، ألم يكن وزير ماليته يهوديا- حتى وإن أسلم بعد ذلك- وظل هذا الوزير أميناً على أموال المسلمين فى فترة خطيرة واجهوا فيها الغزوات الحربية التى كانت ضد مصر وفلسطين والشام؟!

■ فلماذا لا نستعين بكل خبرات وتجارب الدكتور يوسف بطرس غالى وزيراً للمالية.. أو حتى مستشاراً مالياً مسموع الصوت والرأى لرئيس الجمهورية، وله ما يريد من سلطات؟.. أليس هذا أفضل مما تعانيه البلاد من إفلاس مالى حقيقى لا ينكره كل الحنجوريين.

استمعوا إلى الرجل.. وناقشوه. وطبقوا ما ترون من أفكاره.. فهذا أفضل ألف مرة من إعلان إفلاس الدولة المصرية.. ولكن قبل كل شىء مطلوب رد اعتبار الرجل وحمايته ممن لا يفهم.. وهم للأسف.. كثيرون!!.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية