x

عباس الطرابيلي بطرس غالى.. وزيراً للمالية! عباس الطرابيلي الخميس 31-03-2016 21:33


هذا المقال لا نقصد به الإساءة لوزير المالية الجديد الدكتور عمرو الجارحى.. ولا حتى للوزير السابق الدكتور هانى قدرى.. وأكتبه بعد أن تم التعديل الوزارى.. وجاء وزير جديد للمالية.. ولأول مرة جاء معه ثلاثة مساعدين بدرجة نائب وزير لكل منهم.. هم الدكتور محمد معيط، نائب الوزير لشؤون الخزانة العامة.. وعمرو المنير، نائب الوزير لشؤون السياسات الضريبية.. والثالث هو أحمد كوجك، نائباً للوزير المسؤول عن السياسات المالية.

حقيقة عرفنا منصب نائب لوزير المالية - للمرة الأولى - فى إبريل 1954 عندما تم تعيين الدكتور عبدالمنعم القيسونى نائباً لوزير المالية والاقتصاد، فى حكومة جمال عبدالناصر الثانية، ثم عرفنا منصب نائب وزير الخزانة فى إبريل 1962 بتعيين أحمد زندو فى هذا المنصب، فى حكومة على صبرى، ثم تعيين محمد الخواجة نائباً لوزير الاقتصاد فى حكومة محمود فوزى فى نوفمبر 1970 مع وجود وزير للخزانة هو عبدالعزيز حجازى، ثم عاد منصب نائب وزير المالية فى مايو 1978 فى حكومة ممدوح سالم الخامسة بتعيينه دكتور صلاح الدين حامد نائباً لوزير المالية، وها نحن - فى التعديل الأخير - جئنا بثلاثة نواب لوزير المالية دليلاً على أهمية هذه الوزارة.. رغم وجود العشرات ممن يشغلون درجة وكيل أول الوزارة.. ووكلاء الوزارة لكل قطاعات الوزارة بلا استثناء.. وهى كذلك بالفعل.. خصوصاً أن العجز فى الميزانية الحالية يبلغ 221 مليار جنيه، رغم النجاح فى تحقيق هذا الرقم بدلاً من العجز السابق وهو 281 ملياراً.

ولكن لماذا فكرت فى إعادة تعيين الدكتور يوسف بطرس غالى وزيراً للمالية، دون أن أعتبر ذلك تقليلاً من قيمة الوزير الجديد، الدكتور عمرو الجارحى.. ولكن هل يجوز أن يجىء وزير سابق «من الفلول» وأنا ضد هذه التسمية.. أقول إن العبرة هى فى إنجازات الدكتور غالى، التى لا ينكرها أى مسؤول فاهم، والتى حققها عندما كان وزيراً للمالية، فى عصر الرئيس حسنى مبارك، فقد نجح الرجل فى تحقيق نجاحات كبيرة.. فى مقدمتها زيادة عائدات الدولة من كل القطاعات: من الضرائب.. والجمارك.. والرسوم وغيرها، وهو واضع سياسة التصالح مع المتهربين من الضرائب من كبار الممولين وأيضاً صغارهم.. والعبرة هنا فى النتائج، فخيراً تحصد نصف مبالغ التقديرات السابقة، أفضل من ألا تحصل على أى شىء منهم.

أيضاً نجح يوسف بطرس غالى فى تحقيق تحسن ملموس فى إيرادات الجمارك بسبب حسن رؤيته للحلول الممكنة. ولو قدر لهذا الوزير أن يستمر فى موقعه لكان الوضع الآن مختلفاً تماماً.. ولأمكننا تقليص عجز الموازنة بزيادة إيرادات الدولة.. ولكن أمامنا الفرصة «الآن»، لماذا؟ لسبب بسيط أن وزير المالية الجديد، وكل معاونيه نواب الوزير الثلاثة، سبق أن عملوا بجوار الدكتور يوسف بطرس غالى لسنوات عديدة.. أى تشبعوا بأفكاره.. ولا أجزم أن اختيار هذه القيادات الجديدة لوزارة المالية بالذات كان سببه أنهم عملوا بالقرب من الدكتور غالى.

وهذا يطرح علينا فكرة: لماذا لا نستعين بالرجل نفسه، الذى يعيش فى لندن وتستفيد بخبراته وكفاءته أكبر المنظمات المالية فى العالم كله.. وكذلك بعض المنظمات الاقتصادية الإقليمية.. وما نطالب به ليس بدعة فى التاريخ السياسى والمالى.. حتى فى أكثر النظم ثورية فى العالم.. كيف؟

أمامنا شارلز موريس أمير بينيفنتو الشهير باسم تاليران وهو دبلوماسى فرنسى ولد عام 1754، وكان يشغل موقعاً مهماً حتى قبل عام واحد من اشتعال الثورة الفرنسية الكبرى، ولكن الثورة لم تتهمه بأنه من الفلول.. وعينته رئيساً للجمعية الدستورية عام 1790 أى بعد عام واحد من الثورة!! مدعماً للدستور المدنى.. ثم أصبح وزيراً للخارجية عام 1797، واستمر كذلك حتى بعد أن أصبح نابليون بونابرت قائداً وزعيماً للثورة.. ولفرنسا كلها.. وكان الذراع السياسية لبونابرت فى كل مفاوضاته الخارجية مع النمسا وروسيا وإسبانيا والبرتغال.

وبعد هزيمة بونابرت عام 1814 أصبح تاليران رئيساً لحكومة فرنسا ووزيراً لخارجيتها بعد تعيين لويس الـ18 ملكاً لفرنسا!! وبين عامى 1830 و1834 أصبح سفيراً لفرنسا فى بريطانيا أيام حكم لويس فيليب حاكماً لفرنسا.. أى أن فرنسا - صاحبة أعظم الثورات - لم ترفض الاستعانة به.. وهو ما تكرر بعد أن أصبح لويس فيليب ملكاً لفرنسا ولم يقُل أحد إنه من الفلول.. المهم هل يستفيد منه الوطن.. أم لا.. فهل نحن ثوريون أكثر من الثورة الفرنسية.. وهل نحن رجعيون أكثر من رجعية الملك لويس فيليب؟!

■ ■ ذلك هو سبب كتابتى هذا المقال.. لماذا لا نجرب؟!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية