هل يشكل النشاط الاقتصادى للجيش إمبراطورية كبرى؟!
وهل يضايق هذا الدور، تحديداً، رجال الأعمال فى مصر؟!
هل يشعر المصريون بالقلق من تنامى هذه الإمبراطورية؟.. وهل وصل الأمر إلى مرحلة الاستحواذ واحتكار السوق؟.. ولماذا ينشغل الغرب بالكلام عن إمبراطورية الجيش الاقتصادية؟.. هل لأنه فشل فى ترويج الأكاذيب عن انقسامات داخل صفوفه حول المشهد السياسى؟.. وما معنى طرح هذه الفكرة من وقت لآخر؟.. هل الهدف من التكرار طرحها كأنها حقيقة قد تكون مدخلاً لثورة الشعب على الجيش مثلاً؟!
بالأمس، حاولت وكالة الأنباء الألمانية جسّ نبض رجل الأعمال نجيب ساويرس.. وفوجئتُ وفوجئت الوكالة أيضاً بأن ما يقال عن الإمبراطورية الاقتصادية يعتبر أكذوبة كبرى.. تكلم «نجيب» بوطنية شديدة.. فلم يعطهم فرصة للتأويل أو التحريف.. ولم تفلح فى استدراجه، سواء فى الدور الاقتصادى أو فى شراء السلاح، وأثره على الاحتياطى من النقد الأجنبى، ودافع عن رأيه وجيشه ببسالة لا نستغربها منه!
لا تسأم الصحف الغربية من إثارة القضية، ولا تسأم الوكالات الغربية من جسّ النبض، ولكن «ساويرس»، قال بلا تردد: «الجيش محرّك لا مستحوذ على السوق، فالجيش فى نهاية الأمر يستخدم القطاع الخاص فى كل المشاريع الموكلة إليه».. وقال إن «مساحة سيطرة الجيش على السوق تتراوح من 10% إلى 20% وليس أكثر، ولكن هناك من يضخّم الأمر لحاجة فى نفسه».. طب إيه رأيكم بقى؟!
ليس هذا فقط، ولكنه قال أيضاً إن «هذه النسبة لا تسبب مشكلة لأحد من رجال الأعمال، ولكن المشكلة الحقيقية هى أن النشاط الاقتصادى قد يكون معوقًا أو مستهلكًا، ولو بشكل جزئى، لمهمته الأساسية، وهى الدفاع عن البلاد».. وحين سُئل «نجيب» عن تأثير صفقات السلاح على الاحتياطى الأجنبى، قال باستنكار: «وهل أمن مصر اليوم لا يُعد أولوية للإنفاق عليه؟.. بالتأكيد هو أولوية، فأين إذن المشكلة؟»!
وحين طلبته لأُثنِى على موقفه الوطنى، بادرنى بأن ما كتبتُه عن الأمير تركى الفيصل شىء يستحق الإشادة أيضاً.. ولم أندهش لمعرفتى بالرجل ودوره الوطنى.. لكن دعونى أنقل شيئاً مما قاله.. قال إن الأمير تركى نموذج مشرف للمواطن العربى.. وتحدث عن فروسيته وذكائه ودماثة خلقه.. وقال هؤلاء هم أولاد الملوك فعلاً.. ثم قال لا حل إلا بحِلف «مصرى سعودى إماراتى» لمواجهة الأطماع الإيرانية!
وقد يستغرب البعض مما يقوله نجيب، وقد يتصور البعض خطأ أنه «يكره» السعودية.. وأقول لهؤلاء إن نجيب ساويرس من أنصار تحريك القوات المسلحة للدفاع عن السعودية وحماية ظهرها فى اليمن.. وأقول لهؤلاء إنه رفض أن تُسبّ السعودية من فضائية «أون تى فى».. وهى أشياء تتعلق بموقف وطنى لا ينساه للسعودية فى وقفتها مع ثورة 30 يونيو أبداً.. وبالتأكيد هو موقف صادم للخبثاء!
المواقف الوطنية لا تتجزأ أبداً.. وهذا هو «نجيب» حيث يكون الوطن.. أما رأيه فى «التفاصيل» فيمكن الأخذ فيه والرد.. وضع تحت كلمة التفاصيل ألف خط.. لكنك لا يمكن أن تُشكّك فيه بالمرة!.