الحكاية ليست اختطاف طائرة مصر للطيران.. الحكاية حكاية اختطاف مصر نفسها!
لم أصدق عينى، حينما استيقظت فى الصباح على خبر عاجل، حول اختطاف طائرة مصر للطيران.. حبستُ أنفاسى، ورحتُ أتابع التفاصيل بعصبية شديدة.. الأنباء كانت متضاربة إلى حد كبير.. كان الشىء المؤكد فى القصة هو الاختطاف نفسه.. فى المراحل الأولى لأى كارثة تبحث عن الخبر، وفى المراحل التالية تبدأ التحليل.. شخصياً لم أنتظر كثيراً، فقد قلت إن مصر هى التى يُراد اختطافها وليس الطائرة!
الفكرة هنا أن الحكاية لا تنتهى بمجرد تحرير الرهائن، والقبض على «المخبول» الذى اختطف الطائرة.. الحكاية تبدأ مباشرة.. مع أن اختطاف أى طائرة ليس صعباً ولا مستحيلاً.. وقد يحدث فى أى دولة بلا استثناء.. ويكفى أن تعلن أن الطائرة مخطوفة فقط.. التعليمات الدائمة هنا أن كابتن الطائرة يسلم بأن البلاغ جدى وليس «لعب عيال».. حتى لو رأى أن المختطف مريض نفسياً، فلا يمكنه المخاطرة!
وهكذا عاش ركاب الرحلة «181 طيران» سيناريو اختطاف حقيقياً.. رأوا الموت بأعينهم، لكن طاقم الطائرة التزم بما يستطيع من ضبط النفس.. وتوجه إلى مطار لارناكا القبرصى بدلاً من القاهرة.. وانتهت عملية الاختطاف بلا أى خسائر.. لكن هل كان يمكن أن يهبط كابتن الطائرة فى الأقصر مثلاً؟.. سواء بحجة أن المختطف لا يدرى، أو لأن الوقود قد لا يكفى، أو لأى سبب؟.. هل كان عنده خيارٌ آخر؟!
حضرتك تتساءل: كيف تخطف طائرة؟!
قلتُ فى السطور السابقة إن عملية الاختطاف ليست مستحيلة.. حوادث الاختطاف عديدة.. وكثير منها بالمصادفة البحتة هبط فى المطار نفسه، فى لارناكا.. وهناك سؤال: لماذا مطار برج العرب وليس القاهرة؟.. ولماذا لارناكا وليس غيرها؟.. الاختيار لم يحدث عشوائياً.. المختطف اختار برج العرب لإحساسه أن الإجراءات قد تكون أسهل، فالمؤكد أنها أعقد بكثير فى مطار القاهرة من مطار برج العرب!
أما لماذا لارناكا؟.. فأظن أن ما قيل عن قصة الحب والطلاق كان وراء الاختيار أيضاً، رغم أن المختطف كان قد طلب التوجه لمطار اسطنبول.. فقد قيل إنه تزوج من يونانية، وإنه أرسل لها خطاباً مكتوباً باليد، عبر مضيفة مصر للطيران.. ولا أدرى إن كانت هذه المعلومات تخص «سماحة» المختطف البرىء أم تخص «سيف الله» المختطف الأصلى؟.. وهى قصة قد نتابعها من خلال التحقيقات!
ربما تكون هذه العملية «أخيب» و«أهبل» عملية اختطاف حتى الآن.. وهى من حسن حظ الرهائن بالطبع.. فقد كان انهيار المختطف أسرع مما تخيلت مصر وقبرص.. المزعج فيها أنها حدثت فى الوقت القاتل، حيث بدأت مصر تتعافى من حادث الطائرة الروسية.. خطورة هذه العملية أنها تستهدف مصر قبل الطائرة، ولذلك تحركت الدولة كلها، من أصغر ضابط مباحث حتى رئيس الجمهورية شخصياً!
أظن أن «سيف» كان كبيره يبقى «حرامى غسيل».. شكله لا يوحى بأكثر من ذلك.. وبالتالى أُسقط فى يده، بمجرد امتثال كابتن الطائرة لعملية الاختطاف، فلم يعد يدرى: ماذا بعد؟.. فهل كان يمكن لأمن الطائرة القبض عليه؟.. ماذا يفعل ضابط الأمن؟.. وما هى إمكانياته؟.. وما هى كلمة السر فى إنهاء العملية؟.. إلى الغد!