ألمح نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً فى القاهرة، استعداداً لزيارة خادم الحرمين الملك سلمان، وبعد ساعات سوف تتزين شوارع القاهرة بأعلام مصر والمملكة الشقيقة.. فالأوطان تفرح بالزيارة، كما يفرح آحاد الناس منا بزيارة الأشقاء والأحباب.. وأظن أن الرئاسة المصرية استعدت بالشكل الذى يليق بمقام الملك والمملكة.. وربما يكون أمام الرئاسة أن تفتح أحد قصرين بالطبع، إما قصر القبة، وإما قصر عابدين!.
علمتُ أن هناك وفداً سعودياً رفيع المستوى، يرتّب للزيارة منذ أيام.. وقد التقيتُ بعض رجالات المملكة، وتناقشنا فى أمور كثيرة، تخص العلاقات الثنائية، والشأن الدولى.. وجرى الحديث فى عدة أمور، من أول دعم المملكة لمصر، وصولاً إلى انتخابات الرئاسة، وانتهاء بالرئاسة الأمريكية، وأى المرشحين أقرب إلى البيت الأبيض: هيلارى كلينتون أم دونالد ترامب؟، والرد السعودى أيضاً على تخاريف أوباما!.
وقد تشرفت بلقاء الأمير تركى الفيصل «قائد المدفعية»، مع رموز مصرية رفيعة، فى منزل السفير أحمد القطان، وكنت شغوفاً أن أتعرف على صاحب الرد المفحم لأوباما.. وفوجئت بأن الأمير تركى هادئ الطبع، فلم يجد فيما فعل بطولة، مع أنه لقنه درساً فى الأخلاق، وهو رد له قيمته، حين يأتى من رجل كان رئيساً للاستخبارات.. وهو قبل ذلك كان صديقاً وزميل دراسة للرئيس الأسبق كلينتون فى جورج تاون!.
سألتُ الأمير تركى طبعاً عن ماراثون الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وفوجئت أنه يعرف طريقة الانتخابات فى الولايات كخبير قدير فيها.. وقلت له: أيهما أفضل للعرب حال فوزه فى الانتخابات؟.. قال: الأفضل لنا أن نتحد معاً.. وبالمناسبة فإن إجاباته سريعة وقصيرة ومُرهقة لمن يحاوره.. يجيبك فى كلمتين وبس.. لكنه فى كل الأحوال جاهز بالإجابة، ويتميز بذكاء حاد، و«خفة دم»، لا تخطئها منذ أول لقاء!.
والأمير تركى يشبه شقيقه الراحل، عميد وزراء الخارجية العرب، الأمير سعود الفيصل.. «فولة وانقسمت نصين» كما يقال.. سواء فى ذكائه أو ملامحه أو عشقه لمصر.. ومن المؤكد أنه فطن إلى هجوم أوباما على المملكة، بأنه بسبب مساندة ثورة 30 يونيو.. وكنت طوال الوقت أقرأ فى عيونهم فرحة بزيارة مصر، والجلوس على ضفاف النيل، وعلمت أن الأمير تركى زار أسوان مؤخراً، ليستمتع بنيلها الرائع!.
ولا أذيع سراً بالمرة، حين أقول إن المملكة ومصر فى اختبار وجود؛ فالمشروع الأمريكى مازال قائماً.. ويمكنك أن تشم رائحته الكريهة فى تخاريف أوباما، وانحيازه لإيران.. وقد تندهش حين تعرف أن أوباما الذى انحنى أمام الملك عبدالله رحمه الله، هو نفسه الذى يحاول «حرق الأرض» قبل رحيله.. وهنا تأكدت أنه لا ينفعنا هيلارى ولا ترامب، كما قال الأمير تركى، ومن هنا تأتى أهمية التلاحم بين مصر والسعودية!
فلا يمكن أن تنسى مصر وقفة الراحل العظيم الملك عبدالله، ولا زيارات الأمير الراحل سعود الفيصل لأوروبا لدعم الثورة.. فلم يروا فيما فعلوه بطولة، بل واجب.. ولا ننسى أيضاً وقفة الملك سلمان معنا، فقد قال «الوشاة» ذات يوم إن شيئاً تغيّر بيننا.. وأظنهم يعضون الأنامل من الغيظ، بزيارته التاريخية لمصر المحروسة!.