لا أريد أن أتحدث عن إدارة أزمة الطائرة المختطفة، فلولا أنها انتهت نهاية سعيدة، ما كنا شعرنا بأى شىء له طعم.. فقد عشنا ساعات حرق الأعصاب والرعب، كما عاشها ركاب الطائرة بالضبط.. ورغم ذلك كنت أتوقع مفاجأة من نوع ما.. ليس لأن وزير الطيران، شريف فتحى، قال: هناك مفاجآت، ولكن لأننى عرفت أن المختطف واحد فقط، والإرهاب لا يقوم به واحد.. ولكن كانت كلمة السر هى «طاقم الضيافة»!
إدارة الأزمة فى داخل الطائرة أهم عندى من إدارتها من الخارج، مع احترامى لكل جهد حدث طبعاً.. فلا أحد يقلل من جهود الدولة المصرية، فى مقابل جهود الدولة القبرصية.. لكن يبقى المفاوض القريب أكثر فائدة.. وبرغم أنهم قالوا فتش عن المرأة فى الأزمة، فيمكنك أن تفتش عن المرأة أيضاً فى الحل.. عندك ياسمين ونهال بطلتا ساعات الرعب.. والمثير أن ضابط «أمن الطائرة» ليس له أثر بالمرة!
وقد تصورتُ أن «أمن الطائرة» سوف يفعل شيئاً، سواء بالسيطرة عليه، أو حتى إقناعه، أو يضع فى يده الكلابشات.. تبين أن أمن الطائرة ليس له وجود بالمرة.. وهنا ظهرت «ياسمين» لتقوم بدور المضيفة والطبيبة النفسية وضابط الاتصال، ولأنها تتمتع بالدبلوماسية واللباقة وخفة الدم، فقد وقع المجرم «صريعاً» فى الحال.. ويبدو أنه لا يصمد أمام الجميلات.. وكانت نقطة ضعف لعبت عليها «ياسمين»!
أشرت بالأمس إلى أننى سوف أتحدث عن «أمن الطائرة».. وتساءلت: هل كان يمكن لأمن الطائرة القبض عليه؟.. ماذا يفعل ضابط الأمن؟.. وما هى إمكانياته؟.. وما هى كلمة السر فى إنهاء العملية بسلام؟.. وكنت قد تحدثت مع طيار صديق عن دور ضابط الأمن.. قال ليس معه أى سلاح من أى نوع، ولا يوجد معه غير طقم كلابشات فقط... فضلاً عن أنه يجلس فى مكان «معروف».. وهى خطيئة كبرى!
فهمت من النقاش أن تثبيت المكان يشبه إلى حد كبير الأكمنة الثابتة التى تصبح هدفاً سهلاً لأى عمل تخريبى.. وقال إنه المفترض أن يتغير مكانه من رحلة لأخرى، بشرط أن يكون معلوماً للكابتن فقط.. ولا أحد يختلف مع هذا الاقتراح.. فتثبيت مكان الأمن يشبه تثبيت الأكمنة الشرطية، أو أكمنة الجيش على الأرض.. وزدت عليه، أنه لابد أن يختلف موقعه من من رحلة لأخرى، وألا يرتدى «اليونيفورم» أبداً!
وأظن أن الأمر يحتاج إلى تغيير فعلاً، بحيث يكون الأمن معلوماً للطاقم وحده، وتكون هناك كلمة سر بين الكابتن وضابط الأمن.. وأتخيل لو أن الأمن كان فى المقعد الأخير، ربما انتبه لتصرفات «سيف» قبل أن يفكر فى أى شىء.. على أى حال، فقد نجحت «ياسمين» أن تكون طبيبة نفسية للمختطف، وبالفعل نجحت وسايرته حتى وصلت الطائرة بسلام إلى لارناكا، المعروف بأنه مهبط الطائرات المخطوفة!
ورغم أن النهاية كانت سعيدة، إلا أن الخسارة تبقى فادحة، ليس لأن هناك مشكلة فى تأمين المطارات، فلا توجد مشكلة أصلاً.. خسرنا لأن الحدوتة كلها مصرية على أرض مصرية.. المختطف والطائرة والركاب.. فما حدث كان عملية اختطاف لمصر، وليس فقط لطائرة مصرية.. ورغم كده يقولك: مفيش مؤامرة!