ثلاثة أشهر مضت تقريبا على خطاب الرئيس في ٩ يناير٢٠١٦ في يوم الشباب المصري بدار الأوبرا.. وتوجيهه بتشكيل مجموعة وزارية بالتعاون مع المجالس التخصصية والمؤسسات الوطنية المتخصصة لإحياء دور قصور الثقافة، من خلال التوسع في تنفيذ الفعاليات الثقافية والفنية وإقامة المسابقات الفنية، على أن يكون هناك حافزثقافي للشباب يشكل لديهم دافعاً للارتقاء بمستواهم الثقافي والأدبي والفني.. وحتى الآن لم تظهر كرامات التوجيه على أرض الواقع.. ومما لا شك فيه أن الثقافة الجماهيرية هي الجهاز الثقافي الأول في مصر، وعلى الرغم مما يعتريه من مشكلات يعلمها القاصي والداني في بر مصر وخارجها، لكن يمكن أن نشير لبعض الخطوات التنفيذية العاجلة التي من شأنها إحداث تقدم كبير في عملية التمكين الثقافي بعيداً عن التنظير والشعارات الاستهلاكية:
- تحرير المواقع الثقافية من سيطرة الموظفين والبيروقراطية ومراجعة خبرات القائمين عليها ممن يتعارض فكرهم مع الأدب والفن والإبداع.. وانتقاء عناصر من الشباب المبدع من مختلف المجالات الأدبية أو الموسيقية أو المسرحية أو السينمائية أو التشكيلية وتمكينهم من تقديم وتنفيذ خطط نشاط فني وأدبي بصلاحيات فنية وإدارية أوسع مما هو متاح حالياً.
- نقل مبالغ مالية مناسبة من بنود البناء والرمل والحجارة المكتظة بالملايين إلى البند الفقير المخصص فعلياً للتدريب ورفع كفاءة العقل البشري القائم على وضع الخطط الفنية وتنفيذ البرامج الثقافية واستجلاب الخبراء من كل الجهات المعنية لتدريب القائمين على الأنشطة.
- تخصيص بعض الشباب من كل موقع للقيام بمهمة التسويق للأنشطة الفنية بطرق غير تقليدية تهدف لجذب غير المهتم بالثقافة إلى الدخول للموقع مثل استقطاب أهالي المحيط السكني للموقع الثقافي أو القيام بزيارات ترويجية لمختلف المؤسسات في المدينة كالبنوك والشركات والهيئات الحكومية وتوجيه الدعوات لكافة العاملين بها ونشر البرنامج الثقافي للموقع بينهم.. وعدم الاقتصار على إنشاء صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي لا يتابعها إلا القلة القليلة المهتمة بالثقافة أصلاً.
- كانت رئاسة الجمهورية قد وجهت الحكومة لتركيب كاميرات مراقبة على كافة المنشآت الحكومية لمواجهة الإرهاب الغاشم في الوقت الذي تعاني منه المواقع الثقافية المنتشرة في أنحاء الجمهورية من الإرهاب الوظيفي بالتسيب وتقديم كشوف أنشطة وإنجازات ورقية غير حقيقية في ظل غياب مسؤولي القاهرة الكبار وعدم قدرتهم على التواجد في كافة المواقع يومياً فما الذي تم في توجيهات تركيب كاميرات المراقبة بعد مرور عام ونصف على هذا التوجيه دون التحجج بعدم توافر الأموال لذلك، لأن الباب السادس الخاص بهذه المشروعات يعج بأموال لم يصرف أغلبها حتى الآن وما زالت حبيسة لذمة مشروعات أخرى لم يتم منها إلا أقل القليل؟! .. ولا يتبقى سوى تركيب أنظمة مراقبة بخاصية يمكن الدخول عليها من شبكات خاصة على الإنترنت بعد حمايتها إلكترونياً ليتمكن كافة مسؤولي القاهرة من متابعة أي نشاط بأي موقع في أي وقت من أي مكان هم متواجدون فيه على أجهزة الكمبيوتر اللوحية والمحمولة. وهي تنقل الصورة فحسب دون الصوت حتى لا يهاجم الفكرة دعاة الحريات ورفض الرقابة بزعم مراقبة الدولة لما يقال من رؤى وأفكار.. المسألة في متابعة تنفيذ الأنشطة في مواعيدها ومتابعة عمل التسويق وإشغال القاعات بالجمهور أيضاً.. بدلاً من الاكتفاء بتقديم الأنشطة للمقاعد الفارغة وصرف مكافأة النشاط الشهرية والدورية والسنوية!
- ولا يتبقى سوى دعم المواقع الثقافية بمختلف الأنشطة من عروض مسرحية توعوية وخيال الظل والأراجوز وأفلام الكرتون والتحريك تتناول قضايانا الاجتماعية وتنشر الوعي ومعارض الفن التشكيلي وتجول فرق الأوبرا الموسيقية بكامل تشكيلها أو رباعيات متنوعة منها على القصور الإقليمية.. ودعوة كبار الفنانين في مختلف المجالات لتقديم حفلاتهم وبرامجهم في قصور الثقافة في الأقاليم مع توجيه الفضائيات للتغطية الإعلامية الجيدة لها كي تجتذب بقية المقاطعين للذهاب.
سيادة الرئيس، إذا توافرت الإرادة الحقيقية للتمكين الثقافي والارتقاء بالوعي الاجتماعي فليس هناك ما يعوق تنفيذ بعضٍ من تلك الخطط .. وللحديث بقية في المشروعات الثقافية.