هل يمكن أن يكون الدين أو المذهب أساس لتحالف سياسى أوعسكرى قوى؟
إيران وتركيا يدينان بالإسلام، الأولى مذهبها شيعى والثانية سنى لكنها علمانية بنص الدستور،لاتخلط الدين بالحكم عكس الأولى...فهل يظن العرب أنهما أكثر قربا لتركيا بحكم المذهب.. خطأ لو يعلمون عظيم.
لا الدين الواحد ولا المذهب الواحد يمنع حروب أو يصنع تحالفات متينة،العرب بحكم تاريخهم يعرفون ذلك، الفتنة الكبرى التي اندلعت بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تكن خلاف حول عقيدة أو مذهب فهى سابقة للتشيع...الخلافات كانت حول أمورالدنيا وليس الآخرة.
التحالفات الاقليمية والدولية لا تحكمها سوى المصالح المشتركة وتقارب الأهداف، الخلاف الحقيقى بين السعودية وإيران،ليس خلاف مذهبى لكنه خلاف سياسى وصراع نفوذ،و تركيا السنية لن تكون حليفا مخلصا للعرب بل ستسعى لمصالحها وستوسع نفوذها الاقليمى على حسابهم وهناك مؤشرات كثيرة تدل على ذلك.
طموحات تركيا في الهيمنة ظهرت بعد ثورات «الربيع العربي» التي بدا في نتائجها الأولية أنها تتجه نحو فوز قوى الإسلام السياسي،وتبني نموذج حزب العدالة والتنمية التركى .وسارع أردوغان بدعم «الإخوان» في تونس ممثلين بحركة «النهضة» وفى مصرممثلين ب «حزب الحرية والعدالة»، وظل على دعمه للرئيس محمد مرسي بعد عزله رغم ثورة الشعب عليه والتى لم يعترف بها بل صنفها انقلابا وهاجم النظام الحاكم في مصر بعد 30 يونيو، كما جعل من تركيا ملاذا آمنا للإخوان الذين اتخذوا منها منصة لإعلامهم الموجه ضد نظام الحكم في مصر .أراد أردوغان أن يستعيد مجد السلطان العثمانى وأن يكون له ولاة طوع بنانه في مصر وتونس ..ولكن توقعاته باءت بالفشل لكنه لم ييأس.
بعد ثورة الشعب السورى على حكم بشارالأسد،تحولت سوريا لساحة حرب ،ودخلت تركيا كلاعب أساسى في الملعب السورى ،بحكم الجوار، أقامت على أراضيها معسكرات لتدريب المعارضة السورية الممولة من دول خليجية ،وسمحت بتدفق السلاح والمسلحين إلى سورياعبر أراضيها ومنهم من انضم إلى داعش، وعلاقتها بهذه الأخيرةغامضة ومشبوهة.
أردوغان استفاد من الأزمة السورية لأقصى حد، شرقا وغربا، محنة اللاجئيين السوريين هي الكارت الذي يبتزبه الاتحاد الأوروبي، ولقد هدد بفتح حدود تركيا الأوروبية أمام مئات الألوف منهم ليتسربوا إلى اوروبا وهى تساوم على طريقة تاجر البندقية :أما الدفع أو الإغراق..
مؤخرا طلب اردوغان مضاعفة المساعدة التي يمنحه إياها الاتحاد الأوروبي للمساهمة في استقبال السوريين من 3 إلى 6 مليار يورو، واعفاء الأتراك من تأشيرات الدخول للسفر إلى دول الشنجن اعتبارا من نهاية يونيو وليس في نهاية السنة مثلما كان متفقا عليه، وفتح خمسة فصول جديدة في مفاوضات انضمامها إلى الاتحاد الأوروبى المتعثرة، وبغض النظر عن موافقة دول الاتحاد على هذه الشروط أو لا، فهى تظهر أن أنقرة لم تقتح أبوابها للاجئين السوريين حبا وكرامة لكن لأنهم كارت ضغط تشهره في وجه الغرب المذعور من عواقب الأمور.
تركيا التي تسعى لتوسيع نفوذها وهيمنتها، يعطيها العرب الفرصة تلو الأخرى، وآخرها، حين استبدلت السعودية القوة العربية المشتركة ،التي تم الاتفاق عليها في القمة العربية الأخيرة بشرم الشيخ ،بالتحالف الإسلامى لـ«محاربة الإرهاب» المكون من 35 دولة تتصدره تركيا صاحبة أقوى جيش في هذا التحالف الذي تتزعمه المملكة.
بعد أيام من الإعلان عن هذا التحالف صرح السفير التركى في الدوحة، أحمد ديميروك، أن بلاده ستُنشئ قاعدة عسكرية في قطر في إطار اتفاقية دفاعية وُقعت في عام 2014 وتهدف إلى مساعدة البلدين على مواجهة «الأعداء المشتركين»!!!تضم القاعدة وحدات بحرية وجوية و3 آلاف جندي، وستكون أول قاعدة عسكرية لتركيا في الشرق الأوسط...سابقة خطيرة استقبلتها السعودية بترحيب والإمارات بتحفظ قلق.
وفى المقابل أعلن السفير القطري في تركيا «سالم مُبارك آل شافي» أن قطر وتركيا أصبح لديهما علاقات سحرية لم يتمتع أي طرفان دوليان بهما منذ بدء تبادل العلاقات الدبلوماسية وحتى الآن، وأن قطر لن تترك تركيا وحيدة أمام الغطرسة الروسية، التي تهدد استقرارها السياسي والاقتصادي.
قطرستحمى تركيا بكل ما أوتيت من قوة !!!، كلام عجيب أن يصدر من دولة صغيرة في حجم قطر ستحمى دولة في حجم تركيا، ولكنها الحليف الأول لتركيا في المنطقة، وليس بين الأحباب حساب، كما أنها صاحبة مبادرة التقارب السعودى التركى والتهدئة السعودية مع الإخوان، فهذه الدويلة الصغيرة تحاول جاهدة أن تجد لها دورا كبيرا في المنطقة ،وتسخر ثروتها الطائلة لذلك ،وهى على استعداد لأن تجعل اراضيها قواعدعسكرية لأى دولة قادرة على حمايتها، فهى لم تكتفى بوجود أكبر قاعدة جوية أميركية في الشرق الأوسط على أراضيها، فأحضرت تركيا إلى الخليج.
السعودية تظن أن تركيا ستكون سندا قويا وظهيرا مخلصا في صراعها مع إيران، بل تعتبرها أكثر قدرة على ذلك من مصر قلب العروبة والشقيقة الكبرى، ولكنها بذلك تتجاهل التاريخ والواقع... تركيا الماضى لم تكن يوما صاحبة فضل على العرب بل العكس ،وتركيا الحاضرعيونها على الاتحاد الأوروبى ،ولسنا سوى محطة من محطات الوصول إلى ما تهدف إليه...فهل يثق العرب في أنفسهم ولو مرة ويتحدوا؟ بدلا من التبعية لقوى دولية واقليمية تبيع قضايانا عند أول اختلاف في المصالح كما حدث مرارا وتكرارا..
«واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا»صدق الله العظيم
[email protected]