x

مي عزام دعوة للحياة فى يوم المرأة مي عزام الأربعاء 09-03-2016 21:25


احتفل العالم بيوم المرأة الثلاثاء الماضى، آلاف المؤتمرات والندوات تتحدث عن المرأة وحقوقها ولكننى لم أجد إجابة عن هذا السؤال: من المرأة المستهدفة من كل ذلك؟ هل هى المرأة فى المطلق، هل تتساوى قضايا ومطالب المرأة فى رواندا وتورا بورا وفرشوط مع مطالب نساء نيويورك وباريس والزمالك؟. هل تتساوى مطالب المرأة التى كل أمنيتها البقاء على قيد الحياة فى جمهوريات أفريقيا الوسطى وميانمار مع مطالب المرأة التى تسعى للحصول على حقها فى أن تتظاهر عارية؟

أى امرأة نتحدث عنها؟ المرأة المتعلمة المثقفة التى تعرف حقوقها ولا يغيب عنها طموحها، أم المرأة التى لا تعرف قيمة الدولار؟ المرأة الفرنسية ترى أنها لم تتساوَ بالرجل بعد، فراتبها مازال أقل من راتب زميلها فى العمل، فى حين أن المصرية قد لا تلتفت لذلك كثيرا على اعتبار أن زميلها «فاتح بيت»، المرأة الإنجليزية تجد أن الإعلان عن وظيفة من شروطها حسن المظهر نوع من أنواع التمييز، واللبنانية تجده شرطا عاديا، فالله جميل يحب الجمال.

كل عام تنتابنى نفس الحيرة وأنتظر تعريفا تفصيليا عن الفئة المستهدفة من الحديث عن المساواة، فكومونا بطلة فيلم «ساحرة الحرب» لا تشغلها أمور المساواة، وهى لا تجسد دور المرأة الضحية رغم تعرضها للاغتصاب ومقتل والديها أمام عينيها فى بلدها الكونغو، ولكنها تجسد ظروف مجتمع يتعرض للإبادة بسبب الحرب غير الإنسانية بين القبائل هناك واستخدام الأطفال كجنود. عنف لا يميز بين رجل وامرأة وطفل بل يطول الجميع ويطارد الكل. كومونا لا تفكر فى حق الإجهاض وحرية الجسد، بل تفعل المستحيل للإبقاء على حياة طفلها، فهى ليست ضحية تفرقة بين الرجل والمرأة بل ضحية جهل وفقر وحرب تحصد الجميع دون تفرقة، هل طلبات كومونا هى نفسها طلبات الأوكرانية إينا شيفتشينكو، مؤسسة جماعة «فيمن» التى تجعل من التعرى أسلوبا تعبر به عن حرية المرأة فى امتلاك جسدها؟ ما الذى يمكن أن يكون عاملا مشتركا بين كومونا وإينا شيفتشينكو؟.

كلما فكرت فى حقوق المرأة تذكرت شخصية ليسستراتا اليونانية التى يعتبرها البعض رائدة الحركات النسوية وأول امرأة تمارس التظاهر والإضراب، رغم أنها شخصية خيالية اخترعها أرسطو فان، امرأة تعرف ما تريد من الحياة، لا تتظاهر دفاعا عن مصلحة شخصية أو خاصة للنساء دون الرجال ولكن تدافع عن الحياة نفسها.. الحياة التى تشترك فيها مع الرجل، فلقد جمعت نساء أثينا وطالبتهن بالضغط على أزواجهن بالامتناع عن معاشرتهن حتى يعودوا للرشد ويتوقفوا عن الحرب ويرضوا بالتوقيع على مبادرة صلح بين بلدها أثينا وإسبرطة ونجحت فى مسعاها.

ليسستراتا وأخواتها يدافعن عن حق أولادهن فى حياة طبيعية، لا يردن لأطفالهن أن يكونوا أيتاما ولا لأنفسهن أن يكن أرامل، لا يمكن تحسين أحوال المرأة وحصولها على حقوقها بمعزل عن المجتمع الذى تعيش فيه، المجتمع حين يتطور لا يمكن أن يهمل نساءه، فهن جزء منه.

فى المجتمعات التى يتم فيها رصد جرائم عنف ممنهج ضد المرأة ستجد أن هذه المجتمعات تحتاج لإصلاح سريع وتحسين أحوال، فهل يمكن أن تنتظر من بيئات عشوائية يحشر فيها عشرة فى حجرة أن تتذكر شعارات «فيمن»، إنها زنزانة ومعمل تفريغ للجريمة فى كل المجالات، فكيف تنتظر أن يفوح العطر من النفايات؟ من الغريب أن تعمل منظمات المجتمع المدنى المعنية بالمرأة والممولة من الخارج، على أن تحصل المرأة فى تلك البيئات على حقوقها دون العمل على تحسين البيئة بالكامل، ويساورنى الشك فى أهداف هذه المنظمات ومن يمولها، هل تسعى فعلا لتحسين أوضاع المرأة، أم أنها رأس جسر لدراسة سلبياتنا ومعرفة سبل الضغط والتدخل والتأثير على حياتنا كما يريدون؟

المرأة تستحق كل التقدير ليس فى 8 مارس فقط ولكن طوال أيام العام، ليس لأن على رأسها ريشة ولكن لأنها هى التى تربى الأجيال، ولا يمكن أن تتحسن ظروف المرأة بمعزل عن الرجل، فهى ليست فى منافسة معه، وكذلك هو، فهما فى البداية والنهاية شريكان فى الحياة والسعادة والأمل فى غد أفضل.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية