x

مي عزام العالم الجديد.. برلمان ستار أكاديمي (3) مي عزام الإثنين 07-03-2016 23:01


هل تعتقد أن هناك أحد يبحث عن الحقيقة؟ كم نسبتهم؟ ومن هو قائدهم؟ اعتقد أن ديوجين كان سيطفىء مصباحه لو عاش عصرنا، بعد أن يتأكد أنه لن يجد ما يبحث عنه ولو طال الزمن.

الحقيقة أنه لم تعد هناك حقيقة، في عالم الكليبات والصور المجزأة ،تنهكنا التفاصيل ،وتسلب وعينا بالإيحاء .

منذ أربعينات القرن الماضى عرفت أمريكا بدعة جديدة أطلقت عليها«تليفزيون الواقع»، حيث جعلوا من أشخاص عاديين نجوما، يتابعهم الملايين وترصد الكاميرات تفاصيل حياتهم لحظة بلحظة، هؤلاء حدثت لهم طفرة حياتية فلم يعودوا مثلنا، بل نوعية نادرة من الزومبى أو أتباع دراكيولا.

الواقع أصبح عند أغلبية الناس هو مايشاهدونه أمامهم، الدموع والقبلات والشجار وصيحات الاستنكار وفرحة الفوز، يجب أن يكونوا مثل ما يشاهدوه وإلا اصبحت حياتهم الحقيقة مزيفة، فلاحب بدون الاحتفال بالورود والدبدوب، الحقيقة يجب ان تختم بختم الواقع، والواقع هو ما يقدمه لك الآخرون ويقنعوك به ،من لايعيش هذا الواقع يصبح مثل الطفل دينيسفى فيلم «الطفل المريخى» ،فيلم بسيط لكننى أحبه كثيرا.

تليفزيون الواقع يثير حماس عامة الناس ..يتابعوه بشبق، نجح المنتجون في ان يقدموا وجبة شهية، تداعب خيال المتفرجين واحلامهم، الرسالة التي تصل المشاهد :يمكنك أن تكون مثل هؤلاء؟ فقط احلم وراسلنا على هذه الأرقام، أنت الملك، انت الحكم، بتصويتك تستطيع أن تجعل هذا المتسابق يفوز والآخر يخسر، أرسل الآن، نحن في انتظارك...أوامر ترتدى ثوب الطلب والترجى والانتظار على نار ..والناس دائما ترتبك حين تنتظر منها إجابة، وتجيبك حتى لولم يكن لديها رد أو رأى محدد.

نجحت هذه الأكاذيب الضحلة ذات الانتاج الضخم، ان تجعل من العامة والبسطاء زبائن مدمنين، صدقوا أنهم قادرون وفاعلون ويستطيعون أن يغيروا الكون برسالة بجنيهات قليلة أو مكالمة تليفونية، عصر الجماهير الغفيرة يتحرك تجاه قمة «الحلم»، الحلم ان تكون نجما أو وطنيا.

الخبراء يقولون إن التأثير المتزايد لمثل هذه البرامج يرجع إلى اعتقاد الناس أنها حقيقية ،و الخطورة تكمن في سعي المشاهدين لتقليد السلوكيات الموجودة في هذه البرامج ظنًا منهم بأنها حقيقيةٌ ومجربة.

الكاتب «دانيال بيتري» والذى يعمل في إمبراطورية هوليوود يقول: إننا نشاهد برامج تلفزيون الواقع، والتي توصف بأنها مرتجلة، ونعرف جيدًا كيف تُكتب وتُقدم، فهى متحكم فيها وموجهة كأحد أسوأ أشكال التلاعب الاجتماعي من قبل الكتاب والمعدين والمخرجين.

أهم سلبيات «تلفزيون الواقع» وابرزها هي: انعدام الخصوصية، وإيجاد الرغبة في التلصص على الآخرين، واقتحام خصوصياتهم، هذه البرامج تعرض المشاركين للإذلال من أجل تسلية المشاهدين والحفاظ على مستوى إثارة ومشاهدة مرتفعين، فأغلب الناس يبحثون عن الفضائح، وهذا من أسباب نجاح «تلفزيون الواقع»، فهو يقدم فضائح حية.

الأزمة الحقيقية، ان فلسفة برامج تليفزيون الواقع انتشرت وتغولت وتوسعت وتمددت، وهى ترتكز على اننا نقدم واقع لكن من صنعنا، نحن المنتجون أو الأجهزة أو أصحاب النفوذ والمال والمصالح...الخ .

لقد نقلنا مسلسلات تليفزيون الواقع إلى البرلمان والمؤتمرات والخطب وبرامج التوك شو، بالله عليك هل مايقدمه إبراهيم عيسى ووائل الإبراشى وريهام سعيد وعمرو أديب وأحمد موسى والقرموطى والحسينى وغيرهم برامج توك شو أو مسلسل من مسلسلات تليفزيون الواقع ؟، توفيق عكاشة مثال جلى على ذلك. هل يمكن تفسير ظاهرة توفيق عكاشة خارج هذا السياق؟، إعلامى مغمور لايجيد سوى التمثيل ،يستطيع ان يتلاعب بمشاعر البسطاء، بأسلوب الفلاح الفصيح، وبضاعته معلومات تسرب إليه من أجهزة تقدم له سيناريو كل حلقة يقدمها على قناة يديرها ولايملكها، فهى ايضا جزء من الديكور المكمل للسيناريو، تماما مثل برامج المسابقات التي يعيش المتسابقون فيها حياة النجوم لوقت قصير وفى النهاية يكون مصير معظمهم العودة من حيث اتوا غير مأسوف عليهم.

أنها ليست حياة ..ولكنها مشاريع ...مشاريع ياعزيزى آرثر فلاتنخدع .

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية