وقفات احتجاجية، ومظاهرات، واعتصامات شهدتها البلاد فى الأيام الأخيرة، أتعجب من توقيتها.. وإن كنت لا أرفض أسبابها!!
فقد شهد العديد من المدن المصرية اعتصام المئات من سائقى وكمسارية أتوبيسات النقل العام بالإسكندرية، بسبب الحوافز والبدلات واستمرت هذه العملية عدة أيام أحدثت شللاً كبيراً فى ثانى كبرى المدن المصرية.. كما شهد إقليم القاهرة الكبرى إضراب المئات من سائقى التاكسى الأبيض، اعتراضاً على ظهور سيارات ملاكى تقوم بنفس عملهم.. وكذلك اعتصام بعض موظفى هيئة الاتصالات وتعمدهم تعطيل العمل فى عدد من السنترالات.. وأيضاً بسبب مطالب مالية.. وأيضاً ما قام به العديد من أصحاب المعاشات، بقيادة الإعلامى الأكثر نشاطاً البدرى فرغلى بسبب عجز الدولة عن تحقيق بعض مطالب وحقوق أصحاب المعاشات وهم يتامى وأرامل وعواجيز.. ووقفوا فى مظاهرة أمام مجلس النواب.. وأيضاً تجمعات قام بها بعض ملاك أراضى الحزام الأخضر، فى مدينة 6 أكتوبر.. وكذلك ما قام به عمال الشحن والتفريغ بالعبارات فى ميناء سفاجا.. وعمال مصنع السجاد فى دمنهور.. حتى بعض أنصار توفيق عكاشة، النائب السابق المشاغب.
ولكن.. لماذا كل هذه الوقفات والمطالب.. وما الذى «جمع» الشامى على المغربى، يعنى ما الذى جمع كل هؤلاء وهم مختلفو المشارب والمطالب والأهداف.. والأهم: لماذا كل ذلك فى هذا التوقيت بالذات.. وهل هناك «هدف معين» وراء حدوث كل ذلك.. فى وقت واحد؟!
وأعترف بحق كل فئة أو جماعة فى أن تقف وتعترض وتطالب وتعبر عن رأيها.. وتتمسك بحقوقها، ولكن لماذا كلها فى وقت واحد.. وحاشَـا لله أن أقول إن هناك من يحركها لكى يزداد الضغط على الحكومة.. أو إن هدفهم جميعاً هو إسقاط الدولة المصرية.. أو إن «كل هؤلاء» لهم علاقة بجهة ما أو بتنظيم ما يدفعهم للعمل الذى يراه البعض متعمداً فى هذا الوقت بالذات.. ومرة أخرى حاشَـا لله.
ولكن ألم يفكر كل هؤلاء فى أن ظروف مصر هذه الأيام لا تتحمل كل هذه الاعتراضات والوقفات.. بل أن تجىء كل هذه الوقفات «المادية» فى نفس الوقت الذى يقف فيه السياسى السابق حمدين صباحى مطالباً بتغيير النظام.. والدعوة للحكم المدنى؟
وهل ذلك كله ينبع من منطلق «عندما تقع الجاموسة.. تكثر السكاكين».. أم أن هناك من يحرك العامل البسيط لكى تبدو صورة المشهد السياسى كأن هناك رفضاً عاماً للنظام الحالى؟
فى رأيى أن هناك ما يربط بين كل هذا.. وربما دون أن يدرى الذين خططوا لها أنهم يسيرون، بل يندفعون إلى هوة سحيقة يخطط لها أعداء الوطن.. أقول ذلك وأنا على يقين بحق كل هؤلاء المعترضين المعتصمين المتظاهرين فيما يفكرون فيه ويعملون ولكن ليس هذا هو وقت كل ذلك.
هم كلهم لهم الحق فيما يطلبون، ولكن فى الوقت المناسب. والوقت الحالى ليس هو هذا الوقت المناسب، فالدولة تعانى من حرب شرسة خطط لها الأعداء الإرهابيون، ولا يجب أن يقف كل أصحاب هذه الحقوق مع هؤلاء الأعداء فى خندق واحد أو فى صف واحد، ليشتركوا - ربما دون أن يدروا - فى تنفيذ مخطط إسقاط الدولة المصرية.. وحاشَـا لله أن أقول ذلك.. ولن أقوله.
** وكان يجب أن يفكر أصحاب هذه المطالب الحقة فى توقيت تحركهم، ويكفى أن الدولة «تكاد» تدبر الاحتياجات الأساسية للناس، بشق الأنفس، أم أن ما يحرك هؤلاء هو مقولة «اضغط على الحديد وهو ساخن» ليحصلوا على ما يحلمون أو أن من لا يحصل الآن - والدولة ضعيفة - لن يحصل أبداً.
وكان أولى أن نجد مظاهرات واعتصامات تطالب بزيادة العمل فى الساعات، وفى الإنتاج، لنأكل جميعاً - ومعاً - مما ننتج.. وبعد أن تنتعش الأحوال.. ويزيد العائد من عرقنا، نطالب بما هو حق لنا جميعاً.. أما أن نفعل ذلك ونحن لا نعمل.. فهذا هو المرفوض.