حصلت «المصري اليوم» على نسخة من تحقيقات نيابة جنوب المنيا الكلية فى القضية التى عرفت إعلامياً بـ«الغابات الشجرية»، والتي بدأت بقرار المحافظ الدكتور «أحمد ضياء الدين»، فى يونيو الماضى، بإزالة التعديات المقامة على مساحة 6 آلاف فدان تم تخصيصها لإقامة غابة شجرية، بهدف الاستفادة من 90 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحى المعالج، وهو القرار الذى أدى إلى نشوب أزمة بين المحافظ وعدد من المساهمين فى جمعية الفاتح لاستصلاح الأراضى.
أجريت التحقيقات تحت إشراف المستشار «مصطفى عبدالكريم»، المحامى العام لنيابات جنوب المنيا، وشملت التحقيق مع 5 مسؤولين فى المحافظة، هم رئيس جمعية الفاتح لاستصلاح الأراضى، ومدير عام الشؤون القانونية، ووكيله، ورئيس جهاز حماية أملاك الدولة فى المحافظة، ورئيس شركة مياه الشرب والصرف الصحى، بناء على شكوى قدمها 31 مساهما فى الجمعية، إلى النائب العام ضد المحافظ، واستمرت التحقيقات أكثر من 50 ساعة فى 10 أيام، وجاءت فى 100 ورقة.
وأكدت التحقيقات أن الجمعية غير مشهرة قانونا، وخصص لها 14 ألف فدان، مقابل 280 جنيهاً للفدان، بناحية غرب الفشن وسمالوط، وفقا لقرار الدكتور يوسف والى، وزير الزراعة الأسبق، رقم 990 لسنة 1991، ولأن مساحة الأرض المخصصة للجمعية كبيرة قامت بتعديل تكوينها إلى 3 جمعيات هى «الفاتح 1»، و «الفاتح 2»، و «الفاتح 3» لتحصل اثنتان منها على 5 آلاف فدان، والأخيرة 4 آلاف.
وقال «حامد محمد مصطفى»، رئيس مجلس إدارة الجمعية، فى التحقيقات، إن الجمعية تأسست عام 1992، عندما أعلن الدكتور «يوسف والى»، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة فى ذلك الوقت، عن تخصيص مساحة 51 ألف فدان بناحية غرب الفشن وسمالوط للشركة القابضة للتنمية الزراعية، وتم تفويض شركة الوجه القبلى الزراعية بالتصرف فى المساحة الصادر بها قرار من الوزير رقم 990 لسنة 1991 نيابة عن الشركة القابضة، على أن تؤول حصة البيع فى حساب خاص «استصلاح»، مقابل 280 جنيها للفدان.
وأضاف «مصطفى»: "إحنا لما عرفنا الكلام ده قدمنا للشركة طلب، وقمنا بإنشاء جمعية الفاتح لاستصلاح الأراضى الصحراوية"، وأجاب رداً على ما إذا كان يعنى أن الجمعية كانت بمناسبة صدور القرار الوزارى بتخصيص تلك المساحات الشاسعة بالإيجاب، وأضاف أنه قدم طلباً إلى وزير الزراعة لتسجيل الجمعية، فأحال الموضوع إلى الهيئة العامة للتعمير، وقطاع استصلاح الأراضي، وأعطى أوامره إلى الجهة الإدارية وهى مراقبة مصر الوسطى بإتمام إجراءات الإشهار، ومن بينها موافقة محافظ الإقليم، والجهة الإدارية على تخصيص 14 ألف فدان، موضحاً أنه بعد مرور 8 سنوات ترأس الجهة الإدارية بمراقبة مصر الوسطى رئيس جديد، فأعلن عدم جواز تخصيص هذه المساحة لجمعية واحدة، وتم تعديل الجمعية لتصبح 3، بحد أقصى 5 آلاف فدان لكل جمعية.
وقال «مصطفى»: "الموافقة النهائية على إشهار الجمعية لم تتم حتى الآن، وأقمنا دعوى قضائية قيدت برقم 151 لسنة 2008 ضد وزير الزراعة، ومحافظ المنيا، والهيئة العامة للتعمير، لكن لم يتم الفصل فيها حتى الآن".
وعن الأسباب التي حالت دون إشهار الجمعية وتسجيلها حتى الآن قال: "لأن قطاع استصلاح الأراضى يطلب من الهيئة العامة للتعمير ما يفيد بمساحة كل جمعية على حدة بعد موافقة وزير الزراعة على فصل الجمعيات بأن تكون كل مساحة على حدة، لكن هيئة التعمير رفضت، ومفيش أى جهة رفضت غير الهيئة".
وأكد «مصطفى» أن المساحات التي تم بيعها للجمعية تبلغ 14 ألف فدان، تبدأ من جنوب كمين سمالوط، وحتى شمال مدخل قرية بلنصورة، والأرض محل الشكوى تدخل ضمن هذه المساحة، مشيراً إلى أن شركة الوجه القبلى الزراعية هى التى خصصت هذه المساحات بالتفويض الصادر لها من الشركة القابضة للتنمية الزراعية، وبسؤاله عما إذا كانت الجمعية سددت باقى ثمن المساحة، أجاب بأنه لم يتم السداد، لأن الوزير أعطى الفرصة للجمعية لاستكمال أعمال البنية الأساسية وشبكة الطرق.
وأوضح «مصطفى» أن الجمعية كانت تخصص الأرض للمساهمين، بمساحات تتراوح من 8 إلى 10 أفدنة للقطعة الواحدة لكل مساهم، مقابل 1637 جنيهاً، يتم توريدها فى بنك التنمية والائتمان الزراعى، ورداً على سؤال: "هل هذه القيمة الحقيقية لهذه المساحات؟"، أجاب بأن هذا المبلغ عبارة عن 50 جنيهاً مقدم ثمن لكل فدان، والباقى عبارة عن وديعة فى البنك وموجود حتى الآن لإقامة البنية الأساسية.
ورد «مصطفى» على سؤال: "ما رأيك فى أن الجمعية قامت بتخصيص 14 ألف فدان من شركة الوجه القبلى الزراعية بسعر 250 جنيهاً للفدان وقامت بدفع مقدم الثمن لهذه المساحات، وأنها قامت بتحصيل مبالغ مالية طائلة من المواطنين دون تقنين وضعها فى الهيئة العامة لمشروعات التنمية الزراعية بوزارة الزراعة؟» - بتقديم «اعتراف» من المحافظ بتخصيص المساحة بسعر الفدان. وفيما يتعلق بأن الجمعية لم تقنن وضع الأرض، قدم شهادة صادرة من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، موجهة إلى محكمة المنيا تؤكد إجراءات التقنين، مطالباً كل من لديه ما يثبت تحصيل مبالغ طائلة من المواطنين بتقديمه إلى النيابة.
واستمعت النيابة إلى أقوال «جمال مهنى ميخائيل سنادة»، مدير عام الشؤون القانونية فى ديوان عام المحافظة، التى أكد فيها رداً على سؤال حول الوضع القانونى للمساحات المخصصة للجمعية، أن هناك 6 آلاف فدان ضمن هذه المساحة تم تخصيصها لمشروع الغابة الشجرية، وحدث تعد عليها، قال إنها مخالفة لأنها تعد على أملاك الدولة.
وقال «محمود أبوزيد حسين عمار»، رئيس مجلس الإدارة العضو المنتدب لشركة مياه الشرب والصرف الصحي فى المنيا، إن المشروع يتبع الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحى، وبسؤاله: هل المساحة المخصصة فى وضع يد آخرين؟ قال: "توجد بعض الزراعات فى بعض هذه المساحات وتم إخطار المحافظ بذلك، والمساحة المخصصة للغابة الشجرية داخل المساحة محل الشكوى الماثلة".
وقال «محمد محمد عبدالباقى على»، رئيس جهاز أملاك الدولة فى ديوان عام المحافظة، إن شركة الوجه القبلى خصصت 14 ألف فدان للجمعية، وهى جمعية غير مشهرة، ولم تحصل على صفة النفع العام، موضحاً أن هناك 6 آلاف فدان ضمن هذه المساحة مخصصة لمشروع الغابة الشجرية، مؤكداً أن الهيئة العامه لمشروعات التعمير والتنمية التابعة لوزارة الزراعة لم تصدر موافقة إشهار للجمعية، وبالتالى فإن هذه الأراضى أصبحت مملوكة للدولة.
وأكد «سيد عبدالحميد خلف شعراوى»، مدير الإدارة العامة للشؤون القانونية فى ديوان عام المحافظة، أن الجمعية غير مشهرة وغير مسجلة فى الجهة الإدارية، وغير موجودة رسميا وأيضاً غير معتمدة، وإن كان بعض الناس يتعاملون معها، وقدم صورة من مذكرة مرسلة من المدير التنفيذى للهيئة العامة لمشروعات التنمية الزراعية والتعمير، جاء فيها عدم وجود جمعية مشهرة باسم جمعية الفاتح.