x

شريف رزق القوى غير الفاعلة شريف رزق الإثنين 28-12-2015 15:51


يقول عالم الاجتماع السياسي مانويل كاستل إنه لا توجد قوة مطلقة، بمعني أنه لا بمكن لقوة ما أن تمحي باقي القوي المكونة لنموذج القوي في مكان ما في زمن ما. أهم ما يميز علاقات القوي هو المرونة والتغير الدائم في الحجم ومدي التأثير

حجم وتأثير قوة ما في العالم يرتبط بعلاقة تلك القوة بالقوي الأخرى، فيزداد حجم قوة ما وتنكمش الأخرى وتتبدل المواقع والمراكز من خلال عمليات جذب وشد وهبوط وصعود، إلى أن تحتل أحد القوي القمة، ولكن الوجود في القمة لا يعني انتهاء حالة صراع القوي. فالصراع والتغيير هما ثوابت العالم السياسي الشديد التعقيد.

تكمن إشكالية الصراع السوري في تعدد القوي المتصارعة، وعدم القدرة على وقف مصادر التمويل لكافة الأطراف، فلا يمكن تحديد قوة كل طرف على حدا، ولكن يمكن تحديد قوة الأطراف المساندة، فرغم القوة العسكرية الهائلة للطرف الروسي الذي يقبع تحت مظلته النظام السوري وإيران وحزب الله إضافة للصين التي تتدخل في حدود وأطر تحددها هي وفقاً لسياساتها الخاصة.

و يعرف عن الجانب الصيني حرصه الشديد في العلاقات الخارجية، وقد أشار إلى ذلك بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة أنه حاول كثيراً طلب المساندة من الصين في المشاكل والقضايا الدولية لكنهم كانوا دائماً شديدي الحرص والحذر، الصين تدعم الجانب السوري لكن في حدود السياسة الخارجية للصين، فقد أعلن وزير الخارجية الصيني«وانج يي» خلال لقائه بوليد المعلم رئيس الوزراء السوري تقديم 6 ملايين دولار مساعدات إنسانية لسوريا، ولو قارنت هذا المبلغ الزهيد بما يقدمه الفريق المساند للمعارضة المسلحة وغير المسلحة لتعرفت على الفارق.

و معظم القضايا الدولية تخضع لتلك المعادلات شديدة التعقيد في تعامل جميع مستويات القوي الدولية معها، فقطر تتبني الموقف الأمريكي والسعودي في القضية السورية، واللقاء الثنائي بين قطر وروسيا لن يغير من الموقف القطري في شيء فسوف تظل قطر ثابتة على موقفها، فهي تعلن أن أساس كل المشاكل هو وجود الرئيس السوري بشار الأسد على رأس السلطة في سوريا، وهذا الموقف لا يحلل في ضوء ما هو في صالح أو ضد حل القضية السورية، هذا الموقف هو حالة صراع عدة قوي في الأرض السورية التي باتت تمثل أضعف حلقات سلسلة القوي للتغيير في أرض الواقع.

و من خلال تلك التعقيدات بات من الواضح للعيان أن كافة الإشكاليات تتعلق بصورة أو بأخرى بمدي صلابة وقوة الجبهة الداخلية لأية منظومة، سواء كانت تلك المنظومة دولة أو شركة. حين تقل صلابة الجبهة الداخلية تصبح الفرصة سانحة لكافة القوي الخارجية أن تتحين الفرصة وتمر من خلال الثغرات الواضحة والغامضة، وكلما ضعفت الجبهة الداخلية كلما بات من اليسير المرور داخل أية منظومة وتفتيتها.

ولكن كيف تقوي الجبهة الداخلية للدولة ولأي كيان؟ الدولة القوية تتمتع بأفراد ومكونات صلبة ومتقدمة ومدربة، يتضمن هذا السياسات وتدريبات الأفراد وزيادة الفاعلية وبذل الجهد من أجل بقاء المواهب داخل المنظومة.

الدولة المصرية قادرة على النجاح حين تحافظ على المواهب في الداخل، بل وجذب المواهب من الخارج أيضاً، إلى أن يتم ذلك سوف نظل ندور في ظل أفلاك أقوي تمتلك عدد أكبر من المواهب. ومن خلال المواهب تقود تلك القوي العالم في طريق لا يعرف وجهته سواها. القيادة ليست خطبة كلامية بل فعلاً واقعياً يستطيع تغيير شكل الحياة.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية