x

شريف رزق قضايا وهمية شريف رزق السبت 12-12-2015 21:23


كي نتخطى الواقع علينا أن نفهمه ونعي معطياته أولا، الواقع السياسي معقد بدرجة قد يتعسر على الكثير فهمها وتحليلها بقدر من الدقة الذي قد يسمح بفهم أقرب للواقع الظاهر أحيانا والواقع الخفي في أحيان أخرى كثيرة.

يرتبط الواقع بالسياق الزمني وبنسبية الحكم على الأشياء من خلال فهمه في إطاره وليس في المطلق.

و مع تداعي وتلاحق الأحداث بات من العسير أن ندقق حتى في استخدام المعاني الحقيقية لشرح الظواهر السياسية، فكل مجموعة تفسر ما يحدث وفقاً لما يتفق مع ما تراه في صالحها. يقول لنا عالم الاجتماع السياسي «مانويل كاستل» أن الفرد يشاهد البرامج التلفزيونية التي تتفق مع أفكاره وميوله«فتغيير الرأي العام على نحو ما لهو أمر غاية في التعقيد. ويتفق ذلك الطرح مع ما يقوم به كثير من عموم الشعب سواء الغربي أو الشرقي، فحالات النقد الذاتي وتحليل الأفكار تبدو نادرة، إذ بات التحزب والاستقطاب هو شعار المرحلة، فكل ينتمي إلى فريقه، يناصره ويدعمه، ويحاول القضاء على الأخر المختلف.

فمن يمتدح ما تقوم به الدولة أو الحكومة من مشاريع أو قرارات يصبح سيساوي، ومن ينتقد ظاهرة ما تضر بالمجتمع أو الاقتصاد يصبح في صفوف المعارضة المخربة، إما ثوري أو إخوان أو عميل. وقد باتت معظم الفرق في حالة تربص وتنمر بالفرق الأخرى، وباتت المعركة على أشدها والنتائج دائماً صفرية، لا تروي عطش أو تشفي غليل.

معضلة الاستقطاب الأساسية هي تعطيل التفكير النقدي عن العمل، حين نُعمل التفكير النقدي لن يوجد لدينا إجابات جاهزة ولن ندعم طرفاً ما طوال الوقت أو نصف الوقت، بل سوف نقوم بطرح العديد من الأسئلة ونحلل ونفند حتى نصل إلى طرح ما قد يساعدنا في حل أحدي مشاكلنا، ثم نعيد دورة التفكير مرة أخرى وتصبح أفكارنا أكثر صلابة، وعند ذلك نستطيع أن نتخطى فكرة الحاكم«السوبر مان» ونتوقف عند دعم فريق بعنه طوال الوقت. فبعض من يدافع عن السيسي والدولة وضع هذا هدفاً في حد ذاته، دون فحص أو تمحيص أو تفنيد، ومن يعادي السيسي والحكومة ينصب مدافعه في كافة الأحوال مهاجماً دائماً وشامتاً أحياناً،و لن يجدي هذا أو ذاك. لن نمضي قدماً نحو المستقبل إلا حين نتوقف عن الاستقطاب والتشرذم وتتوحد الجهود نحو أهداف تنفع وتدفع نحو الأمام.

و تهيمن على الموقف الحالي فكرة محو الآخر المختلف، والكثير يصدق أن لديه الحقيقة المطلقة بينما يرزح الآخرون تحت وهم الخرافة، والكل يحاول أن يثبت أن بيده وعن طريقه فقط سوف تتغير الأشياء، وهذا وهماً شديد النرجسية غارقاً في تضخم الذات، ويبدو ذلك جلياً في محاولات كل طرف تهميش والآخر وتفنيد حججه وكأنه يعيش في ضلال مبين.

تتولي السلطة التنفيذية إدارة شؤون البلاد، ومن يعمل في الشأن العام لابد وأن يتعرض للنقد في مواضع مختلفة ،فجموع الشعب لديها شكاوي متعلقة بالمحليات والصرف الصحي والرعاية الصحية وعدم وجود فرص عمل كافية ومستوي التعليم المتدني وسؤ إدارة موارد الدولة. للمواطن الحق في أن ينتقد أداء السلطة التنفيذية كما شاء وعلى السلطة أن تصغي له دون امتعاض أو ادعاء بأن كل شيء على ما يرام، ودون أن يتهمه مواطن أخر بأنه تخريبي أو عميل. ومن يثني على نجاح كثير من مشاريع البنية التحتية ليس بالضرورة مؤيداً على الدوام، المعارضة الدائمة والمساندة العمياء هما مرضان قد يهلك بسببهما الجميع.

ليس ضرورياً أن تنتمي لفريق ما أو شخص ما، فلننتمي فقط لما يستطيع أن ينفع ويغير فيعمر فتصبح مصر حقاً مختلفة. وحين يصبح همك الوحيد هو فقط فوز فريقك في كل الأحوال سوف ينتهي بك المطاف في أحضان بعض من القضايا الوهمية.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية