x

مي عزام أزمة الإعلام.. «الهوا هوانا» مي عزام السبت 19-12-2015 21:58


لم يعد هناك من يختلف على أن هناك أزمة حقيقية في الإعلام المصرى، ولكن الحقيقة أنها ليست وليدة اللحظة ولكنها تراكم سنوات طويلة، وكان من الطبيعى جدا أن تكون النتيجة هذا «التورلى»الُمقزز،وهو خليط منفرمن النفاق والجهل والتدنى .

ومصر ليست حالة خاصة ،أزمة الإعلام عالمية، كتب عنها عدد كبيرمن المفكرين والمتخصصين الغربيين في محاولة للوصول إلى الجذور لفهم الظاهرة وتفسير فساد المنظومة، الفرق بيننا وبينهم نسبة الفساد والوعى والثقافة.

هناك حالة نلمسها من الإنفلات الإعلامى على القنوات المصرية الخاصة، والأمر بدأ بعد ثورة يناير، حين أصبحت الجوقة الإعلامية بلا «مايسترو» يقودها، مع سقوط نظام مبارك ورجاله وفى مقدمتهم صفوت الشريف صاحب الخبرة الطويلة في التعامل مع الوسط الإعلامى الذي كانت خبرته الاستخباراتيه تفيده في احكام السيطرة.

غياب «الشريف» مايسترو الفضائيات، وتراجع مستوى تليفزيون الدولة، وصعود القنوات الفضائية الخاصة أحدث فوضى في المجال الإعلامى الذي اعتمد طويلا على الأوامر والتعليمات، انفرط العقد، واسمحوا لى أن استعيد معكم المشهد بمقال كتبته في 30 مارس 2011 اجده مهما الآن لعلنا نتذكرالبدايات:

بعد مهزلة «مصر النهارده».. مطلوب وزير إعلام فورا

حالة الإعلام المصرى بائسة، وأظنها الأكثر تضررا من سنوات الفساد والتسلط التي عاشتها مصر طوال عقود، ولسنا بحاجة إلى جمع أدلة وشواهد على ذلك الفساد المستشرى في الإعلام، الذي وصل بمهنة التنوير والتثوير والتوعية إلى أن أصبحت مهنة التعتيم والتدجين والتسلية والتلهية، بل إن «قادة الرأى العام» صاروا مجرد حفنة من الأتباع ينفذون دون أي رؤية تعليمات وتوجيهات كبار المسؤولين في السلطة، ثم تحولت القيادات الوسطى منهم إلى جماعات من المنتفعين لتلميع أنفسهم أو تلميع الآخرين بعد الحصول على المعلوم الذي فاحت رائحته في ماسبيرو تحت اسم «الزيس»، وبالرغم من الفضائح التي أثبتت أن «الزيس» ليس افتراء على قيادات ماسبيرو، إلا أن أحدا من المسؤولين لم يتحرك، بل زادت درجات الفساد والمحسوبية، وتحول ماسبيرو إلى دولة تحكمها عصابة من عدة أفراد وتحتهم حاشية من المنتفعين، ثم شعب من المظلومين، وبعض الأرقام التي كشفت عنها الأيام الماضية تشير إلى الظلم الفادح في دولة ماسبيرو،فهناك من يحصلون على الملايين وفوقها الوجاهة والنفوذ، وهناك من يحصلون على الملاليم ومعها المهانة وقلة القيمة والتعامل بالقطعة دون تعيين أو حقوق وظيفية لائقة، ولهذا يجب أن نبدأ فوراً ثورة شاملة لتصحيح أوضاع الإعلام المصرى، وهذا لن يحدث من خلال إعمال المعايير المهنية وتطبيق الشفافية في نشرات الأخبار، أو تحقيق التوازن في مصادر البرامج السياسية، أو منافسة الوسائل الإعلامية العربية والأجنبية وفقط، لكن من خلال تحديد استراتيجية لدور الإعلام، والبحث عن حلول إدارية تسهم في تحقيق هذه الاستراتيجية،وهناك انقسام بين مؤيد لاقتراح إلغاء الوزارة، أو ضرورة وجودها، وأنا من المقتنعين جدا بضرورة بقاء هذه الوزارة خلال الفترة المقبلة لأسباب كثيرة جدا، وعندما ناقشت عددا من أشد المعارضين لفكرة بقاء وزارة الإعلام، والذين كانوا يستشهدون بعدم وجود مثل هذه الوزارة في معظم دول الغرب، اتفقوا معى على ضرورة استمرار الوزارة حتى انتهاء فترة الرئاسة الأولى بعد ٥ سنوات تقريبا، وذلك من أجل إنجاز مهمة تحديد الاستراتيجية الإعلامية الملائمة للمرحلة الجديدة، وتكريس آليات العمل بها، والبحث عن أفضل الحلول لهيكلة «دولة ماسبيرو» التي يقترب عدد شعبها من ٤٠ ألف مواطن بين إعلامى وموظف تراكمت مشاكلهم عبر سنوات، وأصبح من الصعب القيام بأى تطوير حقيقى دون التوصل لأفضل الحلول لهذه المشاكل التي تتداخل فيها عوامل مهنية وإدارية ومالية ومعيشية مركبة،وبالتالى فإن مشكلة ماسبيرو ليست فقط على الشاشة، ولكن أيضا خلف الشاشة وداخل كواليس المبنى وفى بيوت هذا العدد الهائل من العاملين، كما اتفق معى زملائى الذين كانوا متحمسين لفكرة إلغاء الوزارة على أنه من الخطر جدا أن تنسحب الدولة من القيام بدور إعلامى سليم خاصة أننا مقبلون على فترة الدولة المدنية الوطنية، وهذا يعنى أننا تركنا التليفزيون للدولة عندما كانت فاسدة ومتسلطة، ونسحبه منها عندما أصبح بإمكان الشعب أن يختار سلطته ويحاسبها،وفى رأيى أن خروج الدولة من ساحة الإعلام الآن شىء خطير لأنه سيفسح المجال أمام قنوات خاصة لم ينضج معظمها، بل أثبتت لنا التجربة أن «الهواء» متاح لقنوات تنشر الغيبيات، كما تشغل مشاهديها بقضايا ثانوية تنشر الابتذال والسخافة وتضيع الوقت، ووصل بها الحال إلى ملء عقول المشاهدين بأسئلة ومسابقات من نوع: «صرصار بيقول لمراته كلمة في ودنها.. تفتكر بيقول لها إيه؟».

القضية إذن ليست وزارة أو هيئة قومية للإعلام أو أي مسمى آخر، القضية دور واستراتيجية، ومسؤولون أكفاء يستطيعون القيام بثورة تصحيح وتحديث الإعلام المصرى وفق معايير أصبحت واضحة ومعروفة جدا في عصر الاتصالات الذي نعيشه، وأعتقد أن مصر لم تعدم مثل هؤلاء الرجال الذين يتسمون بطهارة اليد، وقوة الشخصية، والخبرة الإدارية، والوعى بطبيعة من يتعاملون معهم، لكن اختيار ذلك الوزير يجب ألا يتأخر، حتى لا تستمر المهازل داخل ماسبيرو، التي طفحت من الكواليس ووصلت إلى الشاشة، حتى فوجئنا بمسخرة مساء السبت الماضى، عندما استخدم بعض الإعلاميين «هواء مصر» ليشغلنا بمشاكله الوظيفية، وتم تهميش الضيوف في برنامج «مصر النهارده»، لكى يطلعنا الزميل خيرى رمضان على «خناقاته» مع سامى الشريف وسواه، ولكى يفسح «الهواء» أمام الزميلة لميس الحديدى لقصص وحكايات، رأت ورأى القائمون على البرنامج أنها أهم من موضوع «الدولة المدنية» الذي جلس ضيوف الحلقة صامتين يستمعون مثلنا للقضية الأهم في «مصر النهارده»، التي أرادوا أن يقنعونا بأنها «قضية خيرى ولميس»،ومع كل الاحترام للزميلين إلا أن هذا الأسلوب الذي ينتمى إلى عهد الشريف الأول والفقى لم يعد مقبولا، ويجب ألا نسكت عليه، فليس من حق أحد الآن أياً كان أن يستغل تليفزيون مصر لمناقشة مشاكله الوظيفية على حساب وقت الشعب، وحق الشعب، وبأموال الشعب، يجب أن يعلم الجميع الآن أن «الهوا هوانا»، وليس «هواهم» يتصرفون فيه حسب مزاجهم، ولهذا ننتظر قرارا سريعا باختيار وزير حازم يمنع مثل هذه المساخر، ويعيد للإعلام المصرى مكانته واحترامه، وكفاية كده على «الشريف الثانى».

رابط المقال :

http://today.almasryalyoum.com/printerfriendly.aspx?ArticleID=292007

إن كان الموضوع قد بدأ بسرقة الهوا لصالح تسوية أمور شخصية وحسابات قديمة فلقد انتقل إلى مرحلة خطيرة على يد «عبدالرحيم على» وصندوقه الأسود.. لكن اللون الأسود لم يعد محصورا في الصندوق بل غطى المشهد كله.. وللحديث بقية.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية