أن يصيب مرض الفصام العقلى أو «الشيزوفرينيا» الإنسان فهذا معروف، لكن أن تصاب دولة بكاملها بهذا المرض، هذا هو الجديد الذى تقدمه مصر نموذجاً للعالم.
الدولة المصرية بعناصرها الأساسية (حكومة وشعباً وإقليماً وسيادة وشخصية اعتبارية) أصابها المرض.
كثير من المصريين يعتقدون «الشيزوفرينيا» تعنى ازدواج الشخصية، وهو فهم خاطئ سرَّبته إلى أذهاننا أفلام سينمائية تافهة، وكتابات صحفية وأدبية أكثر تفاهة.
والمرض فى حقيقته عبارة عن حالة من الاضطراب العقلى يتمثل فى تعطل عمليات التفكير، وضعف الاستجابة الانفعالية، والمصاب به يفقد القدرة على التفكير بشكل واضح ومنطقى، ويؤدى إلى اقتناعه بأفكار غير صحيحة.
دولتنا المصابة بمرض الفصام تتعامل بكل أعراضه مع حزب النور وتراه حزباً لا دينياً، رغم كل الشواهد والأدلة التى تؤكد أنه ليس دينياً فقط، لكنه متطرف أيضاً، وفى المقابل تتصدى (الدولة) لمنع ترشح بعض قيادات الحزب الوطنى.
متأكد الآن أن البعض سيقف عند السطور الأخيرة ليقول لا تقبل بوجود الطرفين «النور» و«الوطنى»، وهنا أقول إن العقل «غير المصاب بالشيزوفرينيا» يجب أن يتأمل الوضع قبل أن يحدد موقفه.
حزب النور الذى يكذب على الله أولاً وعلى المصريين ثانياً، ويقول إنه حزب لا دينى، تم انتخاب عدد من قياداته أعضاء فى مجلس إدارة الدعوة السلفية، وهم: يونس مخيون، رئيس الحزب، وجلال المرة، الأمين العام، ومحمد إبراهيم منصور، الأمين العام المساعد، وأشرف ثابت، نائب رئيس الحزب.
هنا نتذكر جميعاً نموذج جماعة الإخوان الإرهابية وحزب الحرية والعدالة الذى كنا نعرفه بأنه الذراع السياسية للجماعة، وحزب النور هو بلا شك الذراع السياسية الآن للدعوة السلفية.
وقبل أيام التقط زميلى الصحفى الشاب علاء سرحان رفض مرشحى حزب النور حصولهم على بعض الرموز الانتخابية مثل «تمثال رمسيس» و«تمثال نهضة مصر» و«تمثال حورس» باعتبارها أصناماً لا تتفق مع قناعاتهم، حسبما قال أحد مرشحيهم فى الانتخابات.
أذكركم يا سادة بأن ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، التى تضم فى مجلس إدارتها قيادات «النور»، صرح من قبل بأن «داعش» ليسوا كفاراً.
والسلفيون هم من مارسوا أبشع أنواع الإرهاب فى مواجهة المجتمع، فبمجرد استيلاء جماعة الإخوان على الحكم قطعوا أذن مواطن فى قنا، وقتلوا شاباً فى السويس، و«شطبوا» الأفراح فى القرى والنجوع، هم من رفضوا تحية العلم أو الوقوف للسلام الوطنى، وأفتوا بحرمة تدريس «الإنجليزية» فى المدارس، وضرورة هدم «أبوالهول»، هم من حرَّموا تهنئة الأقباط بأعيادهم.
تذكر السلفيين لتتذكر معهم «جمعة قندهار» و«البلكيمى أبو منخار» و«على ونيس بتاع قضية الآداب».
الدولة تتعامى عن كل ذلك، وتتصدى لمن تراهم كانوا رموزاً للحزب الوطنى، وأبرز مثال لذلك تصديها لأحمد عز وتحاول عرقلة ترشحه للبرلمان بأساليب «عبيطة» ليس أقلها أنه لم يقدم إقرار الذمة المالية لزوجته، وأقسم بالله أننى تقدمت للانتخابات الماضية التى تم إلغاؤها، وتم قبول أوراقى وإعلانى مرشحاً رغم أننى لم أقدم إقرار ذمة مالية لزوجتى.
من يواجهنى ويقول إن «عز» فاسد.. سأقول: أمره أمام القضاء ولا أعلم بماذا سيرد على الاتهامات الموجهة له، لكننى متأكد تماماً أنه رجل صناعة يضيف مليارات الجنيهات سنوياً للناتج القومى، ومتأكد تماماً أنه لم يتجسس على بلده لحساب دول أخرى، ولا يرتب لملفات سرية مع السفير الأمريكى، ولم يلتق رجال الـ«سى آى إيه» كما يفعل السلفيون على نهج جماعة الإخوان الإرهابية.
فارق بسيط أوضحه للمصابين بـ«الفصام»، سواء كانوا أفراداً أو «دولة»، هو أن المصريين قاموا على دولة «الحزب الوطنى» واستسلم الأخير، واعترف قياداته بأخطائهم، ويحاول بعضهم العودة للحياة السياسية سلمياً، والمصريون ثاروا على نظام حكم الإخوان وأتباعهم من السلفيين، ولم يستسلم هؤلاء، وتصدوا للإرادة الشعبية بالمتفجرات والسيارات المفخخة، وخيانتهم للدولة التى كانت تتم سراً.. أصبحت علانية دون مواربة.
قال لى نائب سابق عن الحزب الوطنى: شاركناكم ثورة 30 يونيو، ورحبتم بنا وقتها، وفى أول محطة تالية تريدون إلقاءنا فى «النيل»، ورد عليه من كان بجانبى: والسلفيون شاركوا أيضاً فى 30 يونيو!! واضطررت للتدخل: شاركوا خوفاً ورضوخاً لأمر واقع على أمل أن يغيروه.. وها هم يحاولون والدولة نائمة.