x

نصار عبد الله عن يونس القاضى نصار عبد الله السبت 19-09-2015 21:10


أغلب المصريين ـ فيما أظن ـ لا يذكرون ولايتذكرون اسم يونس القاضى!، وربما كانوا لا يعرفونه أصلا!، رغم أنهم جميعهم تقريبا يترنمون بكلماته صباح مساء، وينشدون أناشيده الرائعة فى شتى المناسبات الوطنية!.. وعلى رأس تلك الأناشيد: «بلادى بلادى» الذى استوحى مطلعه من خطبة شهيرة للزعيم الوطنى مصطفى كامل، ثم قام خالد الذكر سيد درويش بتلحين هذا النشيد الذى ألهب الحماس الوطنى فرددته مصر كلها خلال ثورة 1919،.. فيما بعد أصبح هو السلام الوطنى لجمهورية مصر العربية ولايزال كذلك إلى الآن، ومن الطريف أن نذكر هنا نقلا عن كتاب الدكتور رجائى الطحلاوى: «شعراء من أسيوط» الذى طبع مؤخرا فى مطبعة جامعة أسيوط على نفقة المؤلف، من الطريف أن نذكر أن من أوائل من قاموا بأدائه أيضا مطربة عرفت فى الربع الأول من القرن الماضى اسمها: «الست تودد»، قامت بتسجيله على أسطوانة من إنتاج شركة ميشيان، بعد أن كان يونس القاضى قد أثبت حقه فى الملكية الفكرية للكلمات بتسجيلها فى عام 1923 فى المحكمة المختلطة مع عشرة أناشيد أخرى من تأليفه (لم يكن الشهر العقارى قد أنشئ بعد، ومن ثم فقد كانت المحاكم المختلطة هى الوسيلة الوحيدة لتسجيل الحقوق).. إننى أنتهز هذه المناسبة لكى أطالب اتحاد الإذاعة والتليفزيون بأن يبدأ منذ الآن فى الاستعداد للاحتفال بذكرى مرور خمسين عاماً على رحيل يونس القاضى الذى يكفيه أنه عاش سنوات عمره الأخيرة فقيرا مغمورا منسيا رغم كل ما قدمه للشعر وللمسرح الغنائى، ومن بين ما يتوجب على اتحاد الإذاعة والتليفزيون أن يعنى به فى رأيى على مدى العشرين أو الخمسة والعشرين شهرا المتبقية على هذه الذكرى هو أن يعمل جاهدا على جمع الألحان النادرة التى لحنها له كبار الملحنين الموسيقيين من أمثال كامل الخلعى وسيد درويش ومحمد عبدالوهاب وزكريا أحمد ورياض السنباطى ومحمد القصبجى والتى أظن أن كثيرا من الهواة من عاشقى الموسيقى العربية ما زالوا يتقنونها، وأظن أيضا أنهم لن يضنوا على الاتحاد بأن يتيحوا له تسجيل نسخ حديثة منها بعد أن تطورت تقنيات النسخ والتسجيل. ويبقى بعد ذلك أن نشير إلى جانب آخر من جوانب يونس القاضى قد يندهش له بعض مؤرخيه، ألا وهو كتابته لبعض الأغانى الخارجة التى لا يتسق جوها إطلاقا مع الأناشيد الوطنية الرائعة التى كتبها، لكننى لا أرى فى هذا شيئا مدهشا على الإطلاق، فالشاعر الحقيقى ليس مساحة ضيقة محصورة فى منطقة معينة مهما كانت تلك المساحة سامية ونبيلة، ولكنه طيف واسع من الحالات المزاجية بحيث يعبر كل إبداع شعرى من إبداعاته عن لحظة واحدة منها أو عن حالة مزاجية قائمة بذاتها، وفى ضوء هذا لا يدهشنا إطلاقا أن الذى كتب لعبدالوهاب «حب الوطن فرض عليّه» هو نفسه الذى كتب لمنيرة المهدية: «بعد العشا.. يحلا الهزار والفرفشة» أو هو الذى كتب لأم كلثوم «الخلاعة والدلاعة مذهبى» من تلحين صبرى النجريدى.. أطرف ما فى الأمر أن يونس القاضى عندما تولى الرقابة على المصنفات الفنية كان أول ما اتخذه من القرارات هو مصادرة الأغنيات الهابطة التى تخدش الذوق العام وفى مقدمتها بعض أغنياته هو شخصيا! وعلى رأسها: «ارخى الستارة اللى فى ريحنا» تلحين زكريا أحمد وغناء منيرة المهدية، و«فيك عشرة كوتشينة» تلحين وغناء عبدالوهاب، و«أنا مالى.. هى اللى قالتلى» تلحين وغناء سيد درويش (...أما شاعر بصحيح!!).

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية