x

عادل أبوطالب اليوم وليس غداً عادل أبوطالب الخميس 17-09-2015 21:05


نادى كثير من المخلصين والمحللين بحماية أرضنا الزراعية التى تتآكل يوماً بعد يوم، والتى تسارع الزمن وتسبق فى تآكلها كل ما نشيّده من استثمار، حتى باتت كل مشاريعنا التى يزمع إحلالها لا تساوى شيئاً بجانب ما يُخرّب. وأصبح القيراط الذى يعمر بالمشاريع فى صحراوات مصر وحول قناتها يقابله هدم 24 قيراطاً فى أرضنا الخضراء، وكأن مصر سائرة إلى زوال ما عُمّر منذ آلاف السنين دون أن تدرى، ولن يعوضها أى جديد مهما تكلف ومهما بُذل من جهد.

نقول هذا لما نراه من تغاض كامل عما يقع من اعتداء على أراضينا الزراعية الخضراء، وتهاون ظاهر للعيان فى تعاملنا معه، يقول مسؤولو الشرطة والزراعة إنهم يزيلون، وإنهم قد أزالوا منذ عام 15٪ مما بنى.. أى إزالة هذه؟ إن الذى يُزال من كل اعتداء لا يتعدى بضعة أحجار، وإن ما يُترك شامخاً يدعو بل ينتظر من أصحاب الاعتداء الولوج فيه فى لحظة غفلة من المسؤولين، ومعلوم أن لحظات الغفلة كثيرة ومدبرة من ضعاف نفوس الكثيرين من هؤلاء.

ولقد طُولبت القوانين التى توقف هذا الخراب، وهذا الاستهتار بمقدرات الغذاء لـ90 مليوناً من البشر، فقيل إن المعتدى سيُلقى وراء القضبان خمس سنوات، وأنه سيُغرّم من الجنيهات ما لا يقل عن 200 ألف، وأصغينا السمع فلم نسمع فى محيط كمحيط الجيزة مثلاً أو فى مركز من مراكزها الكبيرة كـ«العياط» عن واحد أدين، أو آخر نال جزاء اعتدائه.

ألا يعلم الجميع أن سرعة التعدى ستصل إلى اضمحلال مليون فدان قبل أن نشقى ونتعب لنصلح المليون الجديدة فى الصحراء، وكأنك يا أبوزيد ما غزيت، إذن ومن اليوم وليس الغد يجب أن يُرصد المعتدون وتهدم التعديات هدماً كاملاً، قبل أن يصبح الأمر أمراً واقعاً لا نستطيع إصلاحه، ولنعلم أن كل دقيقة تأخير وراءها خسارة فادحة، فنظام النسل عندنا يؤدى إلى ذلك، و2 مليون مولود كل عام، كل منهم يريد أن يبنى فى مكانه لا يتركه حتى ولو لم يعمل، ويأكل ويشرب على حساب أرضنا الخضراء التى تحيط به.

نظام فاق دول العالم هذه التى يزيد النسل فيها ثلث ما عندنا فى الدول «النامية» وخُمسه فى «المتقدمة»، مما يدفعنا إلى ضرورة ترحيل المعتدى إلى مشاريعنا الجديدة ليقيم وينعم فى حياة جادة رحبة، ولم نجد بقعة أرحب فى هذه الناحية من سيناء الحبيبة، تلك التى لا تقل عن سدس مساحة مصر، والتى يُسيل - فراغها من السكان - لعاب الطامعين منذ قديم الزمان، وليس اليوم فقط.

ويذكرنا التاريخ بأن آل صهيون طمعوا فيها منذ 1902، وأنهم فى ذلك العام بعثوا عن طريق لجنة اسمها «هيرتز» يعرضون استئجار هذه الأرض الغالية من أرض مصر ليبنوا فيها مستوطنات يهودها، يسكنون فيها ويتمتعون بخيراتها، أما اليوم فالطامعون إرهابيون يريدونها موطناً لهم، ومركزاً لخلافة مزعومة، ومحوراً تنطلق منه جحافلهم المخربة.

ولتنشط هيئة سيناء وإلا فلتتنحَّ، ولندفعها بكل ما أوتينا من جهد ومال لتعمل لا لتتفرج، ولتكن هى نصب أعيننا فى التعمير، ولنؤجل باقى مشاريع التعمير، خاصة تلك التى يقال عنها تطوير القرى، والتى ستشغلنا دون حاجتنا الملحة إليها، لأن تأجيلها لن يخرب البلد، وكذلك القرى الصحراوية فى الجيزة وبنى سويف والمنيا، لأن هذه لم توقف إرهاباً يتربص بالحدود، ولتفتح أبواب سيناء على مصراعيها، وليزج إليها من يريد الاعتداء على أرضنا الخضراء، وسيجد هؤلاء أمامهم الطريق سالكاً ليعيشوا فى رغد من العيش، وسط مصانع يعملون بها، وأراض زراعية جديدة تدر الخير على أبنائهم وأبناء مصر جميعاً.

* أستاذ بطب بنها

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية