x

جمال الجمل أوهام الخريف جمال الجمل الخميس 17-09-2015 06:53


انقضى ربيع مصر الثوري، وهذا لا يعني أنه لم يكن هنا، لقد مر، وترك زهوره في حدائقنا، وعبيره في نفوسنا، لذلك اخترت كلمة «انقضى» ولم أقل «انتهى»

فالربيع موسم لابد أن يعقبه صيف، ونعلم جميعا كم كان ساخنا إلى حد الالتهاب، وطبعا لا أقصد الطقس الجغرافي، بل أقصد الطقس السياسي، وها نحن على أبواب الخريف..

كثير من الأوراق تتساقط، السماء تتسع لمزيد من الغيوم، الأشجار تتعرى لتدخل شتاء التبدد أو التجدد، فالاحتمالات مفتوحة باتساع المسافة بين النقيضين (التبدد أو التجدد) قبل أن يعود الربيع من جديد.

ظاهريا يتشابه الربيع والخريف برغم التناقض، فالجو بين بين، والاعتدال قد يخدع الكثيرين فيظنون أن هدوء الخريف أكثر جمالا وفائدة من جنون الربيع وخماسينه المتربة، لكن هذه الخدعة الظاهرية تنكشف بسهولة عند مقارنة الحياة والموت، فالربيع هو فصل الخلق والتجدد، والخريف هو فصل الموت والتبدد.

هذا لايعني أن الخريف عدو الربيع، لكنه بنظرة علمية وعملية يمكن اعتباره مرحلة مهمة تمهد للربيع دوره، فالأوراق الذابلة لابد لها أن ترحل لتحل محلها أوراق أكثر نضارة، والطبيعة يجب أن تستعد لتخصيب جديد وميلاد جديد.

يقولون إن أوراقا مثل أحمد عز وعكاشة وفاسدون ومتهربون وذابلون ومتعاطون للمواد المخدرة سقطت مع أول ريح خريفية، ويقولون إن عاصفة أول سبتمبر كانت كافية لإسقاط المزيد من الغصون الجافة والأوراق المحروقة، لكن حائط الحظر، وسياج الأشجار المعمرة العالية تصدى للعاصفة، فأطاحت بالقليل حتى لو كان بينهم ثمرة فاسدة على صورة وزير، ونبات طفيلي على صورة إعلامي مزيف طالما شوهد يتسلق أسوار القصور.

موسم الخريف المقبل يثير في نفسي الكثير من القلق والكآبة، ليس خوفا من القحط، واللون الرمادي الكئيب، لكن خوفا من ضياع الأمل في تلقيح النخيل والزهور، وخوفا من تقييد حرية الفراشات في التنقل بين النباتات، ودعم الحوار الديموقراطي بين عناصر الطبيعة، وخوفا من إهدار فرصة التأهل لاستقبال الربيع.

أخشى كثيرا من التضليل الذي يوهمنا بأفضلية الخريف على الربيع، التضليل الذي يساوي بين الاستقرار والموت البارد، الذي يحرضنا ضد خماسين الربيع بحجة العنف وإثارة الغبار، متجاهلين أن ثورة الرياح هي التي تمنح الحياة قدرتها على الخلق والتجدد.

أخشى أن يطول الخريف، ويعقبه شتاء من التجمد الذي يحظر الربيع، وربما يحبسه بتهمة إثارة الطبيعة والتظاهر في الحدائق من غير تصريح.

أخشى أن يغتر الخريف، ويتسلط على الربيع، ويفكر في تغيير دستور «تناوب الفصول»، ويتوهم أنه قادر على البقاء واحدا، وسيدا لكل المواسم.

..............................

* تعليق بصوت جاهين:

- لأ يا جدع.. غلطان/ تأمل وشوف ...

جمال الجمل

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية