x

خالد منتصر الفلكى والفنان والدجل بأثر رجعى خالد منتصر الجمعة 04-09-2015 20:50


وصلتنى تلك الرسالة المهمة من د. مدحت مريد صادق، الأستاذ بعلوم أسيوط، وهو واحد من أهم المهتمين الآن بترسيخ الثقافة العلمية، الرسالة تكشف عن ظاهرة من ظواهر الدجل والخرافة التى باتت تسكن خلايا العقل المصرى، يقول د. مدحت:

«أكتب إلى حضرتك هذه المرة بمناسبة تنبؤ أحد الدجالين بقرب وفاة الفنان خالد الصاوى. ولا أعرف كيف لا يُجَرِّم القانون هذه المتاجرة الصريحة بأمراض المشاهير، وكيف تبلغ الجليطة هذا الحد من اللامبالاة بمشاعر المبدعين وعائلاتهم ومحبيهم. هناك أيضا جريمة أخرى ترتكبها الصحافة والقنوات التليفزيونية عندما تُسبغ على الدجالين صفات العلماء، وتستميت فى منحهم مصداقية، رغم تهافتهم وتفاهتهم. إعلامنا يقدم الدجال على أنه الدكتور فلان، دون أن نعرف متى وأين وفى أى تخصص حصل على الدكتوراه. ثم إن الخبر الذى يخص الفنان خالد الصاوى مازال يتناسل بالاستنساخ على صفحات الجرائد والمواقع الإخبارية، بنفس نص كلماته وحروفه، ولكن أخطر ما فيه أنه يُنسب إلى الفلكى الجهول أنه تنبأ من قبل بوفاة خالد صالح وفاتن حمامة وعمر الشريف ونور الشريف وميرنا المهندس وغسان مطر وسعيد صالح وصباح والشاعر عبدالرحمن الأبنودى. هكذا- وبكل استسهال- يصنع الإعلام من الدجال بطلا خارقا يقرأ آجال البشر ويعلم الغيب. يتجاهل الإعلاميون أن الدجالين لا يتنبأون بوفاة أى شخص إلا بعد أن يسمعوا خبر إصابته بمرض عضال، أو أن يكون طاعنا فى السن. وأتحدى أن يقولوا لنا متى وأين تنبأ أحد بوفاة الراحل نور الشريف مثلا أو خالد صالح أو ميرنا المهندس قبل شيوع خبر مرضهم. الدجالون يؤلفون نبوءاتهم بأثر رجعى، أى فقط بعد وقوع الحادث يزعمون أنهم (كانوا) قد تنبأوا به، معتمدين على أنهم يغرقوننا كل عام بفيضان من التنبؤات لو كتبه قرد لكانت الصدفة وحدها كفيلة بتحقق جزء منه. يتباهى الدجالون أيضا بأنهم تنبأوا بوفاة عمر الشريف وفاتن حمامة وصباح، ولكن هذه التنبؤات ظهرت بعد أن بلغ كل منهم سن الثمانين، ومع ذلك ظل التنبؤ بوفاتهم يتكرر عاما وراء عام دون أن يتحقق، ثم فقط عندما توفى هؤلاء الفنانون أعلنت لنا صحافة التجهيل انتصار الفلكيين، وجرى تجاهل أطنان الهراء التى قالوها ولم يتحقق منها شىء. منذ أربعة أعوام مثلا وهم يتنبأون سنويا بموت بشار الأسد وحسن نصرالله وحسنى مبارك وملكة بريطانيا، بل إن صاحب نبوءة الفنان خالد الصاوى أعلن أن عام 2013 سوف يشهد العثور على جثة بشار الأسد مقتولا، وسيشهد اغتيال محمد مرسى واستمرار جماعة الإخوان فى الحكم بعد اغتياله، وأن كائنات فضائية سوف تظهر بكثرة على الأرض لطمأنة البشر. ثم مضى عام 2013 ولم يحدث شىء من ذلك. وبدلا من أن يخجل الرجل ويتوارى، فوجئنا به يتحفنا بقائمة أخرى من التنبؤات، التى قال واثقا إنها ستحدث عام 2014، وأبرزها ما يأتى: لن تكون هناك انتخابات رئاسية، وسيتم تسليم الرئاسة للسيسى بواسطة التنصيب والتفويض الشعبى (وهو ما لم يحدث، بل أُجريت الانتخابات الرئاسية). سوف يختار السيسى حازم الببلاوى رئيسا للحكومة بعد فوزه (لم يحدث). سيخرج اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، من الحكومة التى سيشكلها الببلاوى عقب انتخاب السيسى (لم يحدث). سيكون عبدالمنعم أبوالفتوح مرشحًا لجماعة الإخوان المسلمين فى تلك الانتخابات الرئاسية (لم يحدث). سيكون سامى عنان طرفًا فى المنافسة على الرئاسة (لم يحدث). سيُقبل عدد كبير من الشخصيات على الترشح للرئاسة (لم يحدث، فقد كانت المنافسة بين اثنين فقط). سوف تصل إسبانيا والأرجنتين لنهائى كأس العالم (خرجت إسبانيا من الدور الأول). سوف تصل اليابان وبلجيكا لنصف النهائى (لم تصل أى منهما). اللاعب ميسى سوف يتوج هدافًا للبطولة (الذى فاز بلقب هداف البطولة هو اللاعب الكولومبى جيمس رودريجيز). إضافة إلى ذلك، نشرت جريدة (الوطن) على موقعها الإلكترونى، بتاريخ 23 يوليو 2014، بقلم الصحفى أحمد عنتر، تنبؤات نفس الشخص حول ما سوف يحدث فى الشهر التالى مباشرة، حيث قال إن أغسطس 2014 سيشهد ظاهرة فلكية نادرة لا تتكرر إلا كل 823 عامًا، تسمى (الجيوب الفضية المملوءة)، وإن هذه الظاهرة سوف تتسبب فى وقوع زلزال مدمر بمصر. والحقيقة أنه لا توجد ظاهرة فلكية أصلا بهذا الاسم، وإنما هى خدعة ألفها شاب صينى مرح على مواقع التواصل، فالتقطها الجهلاء على أنها حقيقة علمية، فضلا عن أن عام 2014 مضى دون حدوث زلازل مدمرة بمصر. انتظرنا بالطبع أن يخجل الدجال، ولكن نفس الوجوه الكاذبة ما برحت تطل علينا، من نفس القنوات التافهة، ومعها نفس المبالغات الصحفية السخيفة. قلوبنا مع الفنان خالد الصاوى، ونثق أن الله تعالى سوف يمن عليه بالشفاء، ويمتعه بالصحة وطول العمر حتى يشهد زواج أحفاده. أما الدجالون فليس لهم إلا الخزى».

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية