x

شوقي السيد فماذا بعد أن تسمع الحكومة.. وترى؟! شوقي السيد الخميس 03-09-2015 21:47


■ يشهد الواقع أن الحكومة كثيرة الجرى واللف فى كل مكان.. و«بغير دوران»، فتصل إلى المحافظات والمدن والقرى والنجوع، ولعل زيارات رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب خارج البلاد وداخلها خير شاهد وبرهان، منها ما جرى فى الأسبوع الماضى إلى محافظة الدقهلية.. والسنبلاوين.. وبعض القرى، بنى عبيد وميت غمر والمطرية ومعه بعض الوزراء، وما شهده الواقع أثناء الزيارة الميدانية فى مواجهة المحافظة والمسؤولين عن الخدمات، وتبادل الاتهامات.. وكل يلقى بالمسؤولية على الآخر أمام رئيس الوزراء.. وما أصدره على الفور من توجيهات وأوامر إلى كل مسؤول.. كل ذلك يؤكد أننا أمام حكومة ترى كل شىء وتسمع كل شىء.. وتشاهد كل ما يجرى وهو ما يشهد به الواقع فى كل مكان.

■ وعلينا أن نقر كذلك من باب الحقيقة والإنصاف، أن الحكومة تسمع كل ما يُقال، وتقرأ كل ما يُكتب وأنها أيضاً ترى كل شىء حولها.. أمامها ومن خلفها، وحتى لا تكون هذه الحقيقة فرضاً نظرياً، فإن الواقع يشهد أن الصحافة والإعلام فى البلاد.. وخارج البلاد، تكتب.. وتنشر.. وتقول كل ما يجرى داخل البلاد وخارجها، سواء كان النشر ينشر حقيقة.. أو كان مبالغة أو تجاوزاً أو مخالفاً للواقع أياً كانت المقاصد والأهداف، كما نشاهد ونقرأ الشكاوى.. والاستغاثات.. والبلاغات - مدفوعة الأجر - تنشر بشكل واضح صريح ما بين شكاوى فردية أو جماعية.. تحكى لنا الحكايات، وتطلب تدخل المسؤولين الكبار للتحقيق أو تتطلع إلى حل للقضية المطروحة.. أو شكاية ضد مسؤول فتستغيث وتطلب التدخل، وقد تعددت تلك الأشكال على صفحات كاملة وبشكل لافت للنظر.

■ وإذا كان ذلك قد أصبح مشهداً حقيقياً.. فإن السؤال الحتمى لما بعد، ماذا تفعل الحكومة أو ماذا عليها أن تفعل بعد أن تسمع وترى كل ما يجرى حولها، لكى تزداد الثقة فيها ولا تتناقص أو تنحسر عنها، خاصة أن الحكومة ليست وحدها هى التى تسمع وترى، وإنما يشهد الشعب معها ما يراه فى الواقع.. ويواجهه كل يوم.. ويقرؤه صباح مساء، ويسمعه ويشاهده على الشاشة الصغيرة من الأخبار أو الأحداث أو التقارير أو الحوارات، يراها المشاهد أحياناً صادقة واضحة.. وأحياناً أخرى يرى فيها مبالغة إلى حد الرياء أو الكذب، أو اتهاماً أو نفاقاً، حتى لم يعد يعرف المواطن أين الحقيقة الصادقة.

■ ووسط هذه الحقائق والحرائق، التى تشتعل عمداً لإلهاء الحكومة عن مواجهة جرائم الإرهاب أو الأحداث، أو بث الأخبار الكاذبة أو الاعتصامات والتجمهر وبث القلق وعدم الاستقرار فى المجتمع، والتى تسمع عنها الحكومة وتراها، فماذا عليها أن تفعل فى مواجهة هذا كله، الحل فى مواجهة ذلك، لن يكون إلا بالمكاشفة والمصارحة وإحاطة الرأى العام بالحقائق والرد بصراحة وإخلاص حالاً ودون تأخير وبغير مجاملة أو مسايسة أو محاولة الإطفاء والتهدئة أو تقديم المسكنات.

■ فالمقالات والآراء والتحقيقات، وإن كانت تعبر عن رأى أصحابها، فإن الحكومة عليها أن تقرأ وتفهم وتأخذ ذلك فى الاعتبار، حتى ولو كان الرأى ضد سياستها أو كان نقداً لاذعاً لأفعالها، وكذلك ما يجرى من حوارات ومناقشات عليها أن تضع ذلك كله فى عقلها وغرفة أبحاثها، فلا خاب من استشار، والاعتراف بالحق فضيلة.. لأن مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، أما ما ينشر من أخبار.. أو وقائع.. أو اجتماعات أو إحصاءات، فعلى الحكومة أن تتنبه أنها مسؤولة عن حماية الرأى العام واحترامه، وعليها ألا تتجاهله أو تتركه فى مهب الريح والعواصف، وأن تواجه الأخبار الكاذبة.. وتصححها بالحقيقة المجردة، وتبحث الشكاوى والبلاغات والاستغاثات المنشورة، سواء كانت بأجر أو بدون، تبحث عن الحقيقة فيها، وتنشر عنها للناس، فمن غير المقبول أن يكون النشر بأجر وسيلة للتشهير أو الانتقام أو حتى إثارة الفتن والضبابية، لأن عدم الرد والصمت إزاء الأخبار المتناثرة والمتضادة يخلق تلك الحالة من الضباب والفتن، ويشجع على الإثارة والتكهنات، ونذكر الحكومة أنه فى دستور الثورة المادة 68 تلزم الدولة بحماية حق المواطن فى الإفصاح عن المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق، وتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية وفرض عقوبة على حجب المعلومات أو إعطاء معلومات مغلوطة، كما نذكر الحكومة أيضاً بأنه منذ نحو عشرين عاماً فى قانون تنظيم الصحافة رقم 96/96 المادة 8 من القانون تلزم الحكومة بإنشاء إدارة أو مكتب للاتصال الصحفى فى كل وزارة ومصلحة أو هيئة عامة لتسهيل الحصول على المعلومات والإحصاءات والأخبار من مصادرها لنشرها، لكن الحكومة أصرت وقتها، أن يبقى النص خالياً من الجزاء على مخالفة.. وبقى النص اختيارياً نظرياً بغير تطبيق ملزم!!

■ ولهذا لم يعد من سبيل أمام الحكومة إلا مواجهة تلك المشاهد المتعددة بالإفصاح ونشر البيانات والمعلومات والأخبار الصحيحة، للرد على ما يثار بشأنها حالاً ودون تأخير، أما ما ينشر من شكاوى واستغاثات أو بلاغات إلى كل من يهمه الأمر، وهى كثيرة تنشر يومياً فى الصحف، بمساحة صفحات كاملة مدفوعة الأجر وأحياناً تحمل تضاداً وتناقضاً فى ذات العدد بين مادة الشكاوى ذات الموضوع الواحد، ويدخل الرأى العام فى جدل حول حقيقة الشكاوى والبلاغات، وأيهما أصح من غيرها، فإن الصحافة مسؤولة عن تدقيق ما يجرى نشره، سواء كان ما ينشر بمقابل أو بغير مقابل، وأن يكون النشر صحيحاً وموثقاً، خاصة إذا كانت الاستغاثة أو النشر يمس سمعة الآخرين أو يوجه الاتهامات، إذ يجب فى كل الأحوال أن يكون النشر صحيحاً.. وإلا كانت الجريدة شريكة مع المعلن فى المسؤولية عما ينشر، ولا يصح أن يكون المال هو الحكم والسيد.. أو أن يقال إن النشر تحت مسؤولية صاحبه، لأنه لو لم يكن الناشر ما كان النشر، خاصة وقد يمثل النشر سباً أو قذفاً أو تضليلاً للرأى العام.

■ ولأن الحكومة تقرأ ما ينشر - سواء كان ذلك حقيقة أو فرضاً - فإنها مسؤولة عن التدقيق وبحث الشكوى والاستغاثة، وأن يخرج علينا مسؤول، ليوضح للرأى العام صحة أو حقيقة ما ينشر حتى ولو كان الأمر خلافاً بين أشخاص، أو نزاعاً بين أفراد أو شركات، لأن الرأى العام صار طرفاً فيما ينشر بعد النشر، ومن حقه على الحكومة أن ينعم بصدق الحقيقة وصدق الشكوى أو البلاغ، خاصة إذا كانت الشكوى ضد أحد أجهزتها أو كان أحد هذه الأجهزة طرفاً مشتركاً بين الأفراد أو بعضها البعض.

■ وهذا الذى يجب على الحكومة أن تفعله بعد أن تسمع وترى ما يجرى حولها، سواء فى نطاق مسؤوليتها المباشرة، بالعمل على مواجهة المشاكل وإيجاد الحلول وإعلان البرامج والخطط أو ما كان منها يتصل إلى علمها وسماعها بطريق النشر أو الشكوى أو الحوار، ولن يجهد ذلك قوتها، أو يبدد مجهودها، لأنها سوف تحصد معه الكثير أمام الرأى العام، وتتفوق على نفسها بالصدق، ويشهد الرأى العام لها بحمايته من الضلال وصياغته وتوجيهه بالحق، بإصدار الأمر إلى كل مسؤول بعرض الحقيقة على الرأى العام، بدلاً من تفاقم التعتيم والضباب أو الإفساد أو تهيئة المناخ على التحريض والكذب والانتقام والتشهير ولن يكون ذلك فى صالح أحد.. وهو التزامها بالدستور والقانون قبل وبعد أن تسمع وترى لكل ما يجرى حولها وهى رسالة إلى كل من يهمه الأمر!! هل تسمعنى!!

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية