أعتقد بعد أن أصبح هناك مواقع تواصل اجتماعى من الصعب السيطرة عليها، يصبح أيضا من الضرورى وضع حد لكل استفزازات الباشا، خصوصا أبو نجمتين وتلاتة، وأحيانا حاملو النسور فما فوق، وأحيانا يمكن أن يتدنى الوضع إلى أبو شرايط.
فى السابق كنا نجد مقاومة فى الصحف القومية، لنشر استفزازات الباشا، سواء كانت هذه الاستفزازات فى الشارع، أو حتى داخل قسم الشرطة، الآن لا يكاد يمر يوم إلا ونجد أحد المواطنين قد وضع على فيسبوك أو تويتر واحدة من هذه الاستفزازات، التى غالبا ما تكون سيارة من غير أرقام، أو أرقاما مطموسة، أو زجاجا أسود، أو تجاوزا لباشا آخر فى طابور محطة بنزين، أو حتى خلال القبض على شخص ما، أو تعديات فى محطة مترو، وهكذا.
وقائع كثيرة من هذا القبيل تُوجت فى النهاية بحالات سرقة صارخة، أثناء القيام بعمليات أمنية، فى المنازل، أو المتاجر، أو حتى الأسواق، وما أذاعه أخيرا برنامج العاشرة مساء، لسرقة محل ذهب أثناء مداهمته، هو كارثة تضاف إلى هذا النوع من الجرائم الشرطية، وقبل ذلك وفى هذا المكان تحدثت عن وقائع بين يدى من هذا النوع، لم يهتم لأمرها أحد، فيما بدا أن هناك بلاغات أيضا لم تجد أى اهتمام.
دخلَت على الخط، بعض الممارسات من نفس النوع لعناصر من جهات أخرى حديثى العهد بالباشاوية، وتابعنا أحداثا عديدة مؤخرا، فى محافظات مختلفة، خصوصا خلال تعاملهم مع بعضهم البعض، فيما بدا أنه صراع إرادات، وفى بعض الأحيان تصفية حسابات، إلا أن ما جمع بين معظمها هو مرحلة المراهقة، التى يمكن أن تكون السبب الرئيسى وراء كل ذلك.
هى تصرفات قد تبدو تافهة إلى حد كبير، إلا أنها تشير إلى أن هناك شيئا ما خطأ، هناك مجتمع معوج أمامه الكثير من الوقت لتقويمه، من يجب أن يكونوا قدوة هم مصدر الخلل فيه، الخلل فى لوحة أو زجاج السيارة، على سبيل المثال، لم يتوقف عند مرتكب هذا الفعل، إنما هو بحكم الواقع ممتد إلى جميع المسؤولين عن المرور فى الشارع، لأنهم لم يتخذوا أى إجراء من شأنه وقف هذا العمل الهمجى، هم هنا لا يتعاملون مع الخطأ، هم يتعاملون مع الباشا، (منا وعلينا) كيف نحاسبه، (بتاعنا) كيف نحرر له مخالفة؟ وإذا تم تحريرها، من سيقوم بتحصيلها منه؟ وهكذا دواليك.
بالتأكيد نحن نتحدث عن بشر، يصيبون ويخطئون، لا شك فى ذلك، بدليل أن هناك قضايا عديدة مهمة منظورة أمام المحاكم، المتهمون فيها هم هؤلاء وأولئك، تحديدا عناصر من هاتين الجهتين، ما بين تهريب آثار، وسرقة سيارات، ورشاوى، وقتل، وخلافه، بما يؤكد أيضا أن التستر يصبح صعبا فى بعض الأحيان، إلا أن الممارسات الواضحة والعلنية، تحت سمع وبصر الشارع بصفة يومية، هى الأخرى فى حاجة إلى وقفة، ولا يجب أبدا التغاضى عنها أكثر من ذلك. خاصة بعد أن أصبحت ظاهرة.
لقد شاهدنا أخيرا محافظ الشرقية وهو يستوقف بنفسه أحد العناصر الشرطية بالشارع ليعطيه درسا فى الأخلاق، فى أصول العمل، فى أهمية أن يكون قدوة، وذلك بعد أن شاهد سيارته التى تسير بلا لوحات معدنية، بزجاج أسود قاتم، كل ما على السيارة هو نسر ضخم، بمثابة شهادة العبور، أو المرور، وفى نفس الوقت شاهدنا تجاوزات صارخة وعديدة لمثل هذه العناصر، سجلتها كاميرات المواطنين بالشارع، بالتأكيد لن تكون مهمة المحافظين أبدا القيام بدور رجل المرور، المخالفات واضحة أمام الحملات والكمائن، كل ما على أفرادها أن يكونوا على مستوى المسؤولية.
ما على المخالف الآن إلا أن يقوم بتبطين زجاج السيارة بلون غامق، ويضع نسرا كبيرا على الزجاج الخلفى، حين ذلك قد لا يسأله أحد عن أبسط الأشياء، وهى رخصة السيارة، أو رخصة القيادة، بل يمكن ألا يستوقفه أحد، هذه المخالفات الواضحة على السيارة هى فى حد ذاتها تصريح العبور، سوف تجده فى بعض الأحيان باشا صغيرا، وهذه كارثة أخرى، يعنى ابن باشا كبير، يمكن ألا يكون هذا الصغير قد حصل على رخصة قيادة حتى الآن، السن لا تسمح، أو الماما ترفض استخراجها إلا بعد أن يحصل على الثانوية العامة.
أعتقد أن الأمر يستدعى حملة نظام وانضباط، داخل الجهتين المشار إليهما، عنوانها «حتى نكون قدوة» يفهم منها حديثو العهد بالحياة العملية أن هذه الأوضاع قد فاقت كل احتمال، ويفهم منها الكبار أنه لا مجال لبابى ومامى فى الشارع، ويعى من خلالها الجميع أن الكل أمام القوانين سواسية، لنبدأ مرحلة جديدة بالفعل على أرض الواقع، وليست مجرد شعارات، وخاصة أن التزييف واضح أمامنا، منذ شيوع تعبير الباشا فى هذه الأوساط، ولم تحاول الجهة الرسمية تقويم الوضع، بل اعتبره البعض حقا مكتسبا.