x

كريمة كمال مطلوب ثقافة محافظة كريمة كمال الأربعاء 26-08-2015 21:33


أعلن الفنان الكبير آدم حنين عن تقديمه استقالته من سمبوزيوم النحت فى أسوان بعد أن عبر له رئيس صندوق التنمية الثقافية عن رغبتهم فى تجديد إدارة السمبوزيوم وإسنادها إلى شباب، رغم أنهم قاموا بإسناد الإدارة للدكتور «طارق زبادى» الذى تخطى الستين عاما بسنوات.

الفنان آدم حنين هو الذى أنشأ السمبوزيوم وأداره لمدة عشرين عاما كاملة كان السمبوزيوم فيها علامة فى مجال النحت على المستوى العالمى وكل ما يحاول الحرص عليه الآن هو أن يظل مشرفا على المتحف التابع للسمبوزيوم حتى لا يتم المساس بما يضمه من أعمال مما يفسر مسارعته لتقديم استقالته قبل أن تتم الإقالة.

أهمية ما حدث مع الفنان الكبير آدم حنين هو كونها حلقة فى السلسلة التى بدأها وزير الثقافة الحالى عبدالواحد النبوى من تعيير قيادات الوزارة من شخصيات ثقافية مرموقة إلى شخصيات مجهولة، والأهم أن كلها تصب فى نفس الاتجاه الذى ينتمى إليه وهو اتجاه محافظ، فقد بدأت سلسلة الإقالة بإقالة أستاذ التاريخ المرموق محمد عفيفى، من منصبه كأمين عام المجلس الأعلى للثقافة ثم الأكاديمى المعروف الدكتور «أنور مغيث» من منصبه على رأس المركز القومى للترجمة، ثم الدكتور «أحمد مجاهد» من رئاسة الهيئة العامة للكتاب... أما السؤال الذى يجب أن يطرح لفهم هذه السلسلة من الإقالات فهو بمن أتى الوزير «عبدالواحد النبوى» بديلًا لهؤلاء؟

كان هناك انطباع بعد لقاء رئيس الوزراء «إبراهيم محلب» بعدد من المثقفين الذين طالبوه بإقالة وزير الثقافة وإلغاء قراراته وأكدوا مخاوفهم من تفريغ الوزارة من الكفاءات مقابل وضع كوادر لا يمكن وصفهم سوى بأنهم «موظفون» بدلا منهم، أن سلسلة الإقالات العنترية التى بدأها الوزير سوف تتوقف مقابل تراجع المثقفين عن الدعوة للاعتصام أسوة باعتصام المثقفين ضد وزير الثقافة الذى عينه الإخوان «علاء عبدالعزيز».. كان المتوقع أن تتوقف الإقالات لكن ها هى تستمر بانضمام الفنان الكبير «آدم حنين» إلى القائمة وهو فى الحقيقة ما يفتح الباب حول السؤال الأهم وهو هل كان اختيار الوزير «عبدالواحد النبوى» مجرد اختيار خاطئ؟

هل الوزير خلية نائمة للإخوان أو منفذ لأجندات خارجية للسعودية كما قيل وتردد؟ وهل تمت إقالة الدكتور «جابر عصفور» وتعيين «عبدالواحد النبوى» إرضاء للأزهر والدليل على ذلك زيارته لشيخ الأزهر بعد تعيينه مباشرة؟

المشكلة مع الوزير الجديد وبينه وبين المثقفين ليست «عركة» على عزل قيادات، بقدر ما هى خلاف جوهرى على اتجاه دولة فيما يخص الثقافة وتحويلها من ثقافة تسعى إلى التنوير إلى ثقافة تسعى لفرض وجهة نظر محافظة... القيادات الجديدة التى أتى بها الوزير لا يمكن بأى حال من الأحوال أن تجتمع عفويا بحيث تكون كلها من خلفيات متشابهة واتجاهات محافظة متقاربة إلا إذا كان هذا مقصودا بل مطلوبا.

الوزير ليس خلية نائمة ولم يأت إرضاء للسعودية أو للسلفيين أو إرضاء للأزهر لكنه يصب فى اتجاه دولة تتفق مع كل هؤلاء فى الاتجاه وفى الرغبة فى ضبط الثقافة والفن وكل ما يمكن أن يؤثر فى الناس، ويلتقى مع محاولة ضبط الإعلام أيضا فى سياق رغبة الدولة فى فرض الإرادة وتضييق المجال العام وسيادة خطاب واحد كوسيلة للحفاظ على الدولة فى لحظة مصيرية فارقة من كونها محاطة بالتهديدات.

هل أخطأ رئيس الوزراء فى اختيار وزير الثقافة؟ أم أن الوزير هو اختيار حر وواع من رئيس السلطة التنفيذية وهو رئيس الوزراء بموافقة السلطة السياسية ممثلة فى رئيس الدولة؟ الوزير مجرد حلقة من حلقات تنفيذ سياسة، فالمشكلة ليست فقط فى الوزير بل تنسحب لما هو أكبر من هذا والذى يتمثل فى اتجاه واضح فى فرض الرقابة ومحاصرة الحريات، ولذلك فاختيار هذا الوزير بالذات لم يكن أبدا عفويا لكنه كان جزءا من تنفيذ خطة كاملة للتعامل مع الثقافة والمثقفين... لم يأت الوزير بموظفين لا يملكون اسما أو تاريخا إرضاء لنفسه، لأن له نفس الخلفية أو كعقدة نقص كما تصور البعض، بل إن اختيار الوزير كان يجب أن يتبعه اختيار قيادات محافظة بديلا للمثقفين الذين تمت إقالتهم حتى تسود وجهة نظر كاملة واتجاه واضح.. الهدف واضح تماما إلغاء ليبرالية الثقافة وتحويلها إلى ثقافة محافظة يديرها مجموعة موظفين محافظين، لذا فهى ليست غلطة يمكن التراجع عنها بل خطة ممنهجة مطلوب تنفيذها.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية