x

عزت القمحاوي الخطاب الذى لم يلقه السيسى عزت القمحاوي الإثنين 10-08-2015 21:44


أيها الشعب المصرى العظيم، أقف أمامكم اليوم وقد استعدنا ثقتنا فى أنفسنا وقدرتنا على العطاء بافتتاح قناة السويس الجديدة فى موعدها. أثبتنا هذا لأنفسنا قبل أن نثبته للعالم، وقد شجعنى هذا، ويجب أن يشجعكم، على البدء فى المشروع الأكبر والأهم من حفر أى قناة أو بناء أى هرم.

وأصارحكم يا مصريين بأننى قد أدركت أن الاستثمار الحقيقى هو الاستثمار فى الإنسان، لأن أى استثمار مادى يمكن أن يتبدد بسبب قلة كفاءة وضعف خبرة القائمين عليه. ونحن نعرف جميعاً أن أوضاع التعليم والصحة باتت مزرية. واسمحوا لى أن نبدأ مشروعنا العملاق لبدء الإصلاح الحقيقى من خلال إصلاح التعليم. وليس هناك من مشروع أنبل ولا أهم من التعليم لكى نسخر له طاقاتنا المعنوية والمادية.

أعرف أن المنظومة الطبية وضعها مخجل، وسنفعل ما نستطيع لمنع تدهورها، لكن علينا أن نتذكر أن كل وفاة تحدث نتيجة قصور طبى هى إزهاق لروح واحدة غالية، بينما كل جريمة قتل يرتكبها إرهابى هى إزهاق لروحين: روح القتيل الذى لم يرتكب ذنباً، وروح القاتل الذى جنت عليه بالأساس مناهج مشوهة ومدرسون جهلاء، بعضهم منخرطون فى الإرهاب الآن، وهم بدورهم ضحايا من سبقوهم من الجهلاء، وضحايا تقصير الدولة فى مناهج التعليم.

وأعترف أمامكم اليوم يا مصريين بأننى كنت متفائلاً أكثر من اللازم (أقول غلطان؟ نعم ولا أجد غضاضة فى قول هذا) عندما تصورت إمكانية إصلاح الخطاب الدينى من أعلى، بينما تستمر المدارس فى تفريخ المتطرفين. سنبدأ الإصلاح من البداية، وإصلاح التعليم يرتكز على محورين: أولهما المناهج، والثانى هو المُعلم.

إصلاح المناهج لا يحتاج إلى معجزة، بل سيتم بقرار واحد. سوف نعيد تدريس مناهج الإنسانيات واللغة العربية التى كانت مقررة فى مدارسنا قبل سبعين عاماً، والتى وضعها كبار الأدباء والمفكرين، أما مناهج العلوم فإننا سنستوردها من مدارس الدول المتقدمة، فالعلم لا وطن ولا دين له.

ستتبقى أمامنا عقبة كفاءة المعلم التى سيتطلب رفعها جهداً ووقتاً، وسوف نعمل فيها على محورين: أولهما تقديم الأجر العادل للمعلم، والثانى إعادة تأهيله وربط التصاعد فى الأجر بالنتائج التى يحققها كل معلم فى الدورات التدريبية. وسوف نستعين فى هذه الدورات بخبراء التربية والتعليم من الكفاءات المصرية، بالإضافة إلى استقدام كفاءات عربية وأجنبية والتوسع فى إرسال البعثات.

وبالتوازى مع تغيير المناهج وإعداد المعلمين قررنا تقليص عدد النُّظم التعليمية الحكومية والخاصة، التى تسببت فى تمزيق الوجدان المصرى بتعدد الولاءات لدول أجنبية فى مدارس اللغات، وانقسام التعليم الأساسى الحكومى بين مدارس التربية والتعليم والمعاهد الأزهرية التى تضاعف عددها فى السنوات الأخيرة عشرين مرة، بحيث تلتزم المدارس الأجنبية بكل المناهج المصرية، وتُلغى المعاهد الأزهرية التى نشأت بعد عام 1970 وتنضم منشآتها إلى وزارة التربية والتعليم. وسوف يتواكب هذا مع إصلاح شامل للتعليم الفنى تتقلص بموجبه المواد النظرية لصالح العملى، لتقديم خريجين مؤهلين لسوق العمل، الأمر الذى سيخفف الضغط على الجامعات. وهى بدورها ستحتاج إلى إصلاح شامل يرفع مستوى خريجيها.

أيها الشعب العظيم، لقد سبق أن قلت فى خطاب افتتاح قناة السويس الجديدة إن مصر ليست بلد المشروع الواحد، وإن مشاريعنا العملاقة ستتوالى. والآن أقول إن مصر تستطيع أن تضع الترتيب الصحيح لأولويات مشروعاتها العملاقة. ومن التعليم سوف نبدأ الآن.

■ ■ ■

هل يمكن أن يلقى الرئيس السيسى خطاباً كهذا قريباً؟

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية