x

عبد الناصر سلامة النقيب وأمثاله عبد الناصر سلامة السبت 08-08-2015 21:26


دائماً ما نسمع فى الريف المصرى مقولة: يا بخت من كان النقيب خاله، النقيب هنا ليس شرطة أو جيش، إنه من يقوم بتوزيع الطعام على رواد الموالد، أو معازيم الحفلات الشعبية، يا بخته إذن من كان خاله هو الذى سوف يقوم بالتوزيع عليه، بالتأكيد سوف يكرم ابن شقيقته، سوف يراعيه، هكذا يرى الرواد والمدعوون. بل هناك من يحاول، أو يسعى لموقع أو مكان بجوار ابن أخت النقيب، عملًا بقاعدة: من جاور السعيد يسعد.

طبعا النقيب هنا، سواء فى المولد أو الحفل أو حتى فى العزاء، شخص لا يؤتمن، ليس لديه أى وازع من ضمير، أو أخلاق، هو ليس لديه أى غضاضة فى أن يستاء منه المعازيم ويكرهوه، بل يرغبوا فى الانتقام منه، جميعهم جوعى، وجميعهم كانوا ينتظرون عدالة التوزيع، ناهيك عما سببه ذلك النقيب المتبجح، من غل ارتسم على وجوه كل هؤلاء تجاه ابن أخته الذى قبل التمييز طمعا وجشعا، وأيضا غباء.

أتذكر هذه الحكاية الشعبية، كلما وجدت حديثاً محتدماً بين العامة، حول رفع رواتب فئة معينة من البشر أكثر من مرة، لمجرد أنهم من أتباع هذا النقيب أو ذاك، وكأن الآخرين من أتباع ابن الجارية، حتى أصحاب المعاشات منهم، نالهم من الحب الكثير، أيضا نسمع أحاديث كثيرة حول رفع ما يتقاضاه آخرون، بطريقة غير مسبوقة، بمجرد تعيين فلان وزيراً، البدلات أصبحت عديدة، وبأسماء ومسميات عجيبة، بالتأكيد الوزير هنا استغل ممارسات النقيب، فى وقت من الأوقات كان قد نالت فئة ثالثة بعضاً من التمييز، لكن ليس على نفس مستوى الفئتين الأولى أو الثانية، الفئات الثلاث ليس على رؤوسهم ريشة، كما قد يتصور البعض، كل الحكاية، أنهم استفادوا من قاعدة يا بخت من كان النقيب خاله.

أتذكر كل ذلك أيضا وأنا أتابع بين الحين والآخر ما يتردد عما يسمى الكادر الخاص للأطباء مثلاً، أو الكادر الجديد للدعاة أو كادر المعلمين أو كادر الصحفيين، وهكذا، رغم أنهم جميعاً يعيشون حياة مزرية، مقارنة بأتباع النقيب أو الوزير، إلا أنها جميعها تشير إلى تفرقة عنصرية، وطائفية وطبقية فى المجتمع، هى تؤصل لروح الكراهية لدى غالبية عظمى ليس لها نقيب، وبالتالى لم تندرج هذه الغالبية تحت أى كادر فى السابق، ولا يتذكرها أحد فى اللاحق، إلا فيما ندر.

هو نداء إلى كل من كان نقيباً فى أى سهرة أو أمسية أو فى محفل من أى نوع، بأن يتقى الله فى التوزيع، الجوع واحد، والمعدة واحدة، والجميع من حقهم الطعام، وهو نداء أيضاً إلى كل من كان النقيب خالهم بألا يسعدوا بالانسلاخ عن المجتمع، الخطر كبير على المدى الطويل، قد يتطور الأمر فلا تجد مكاناً فى أى لمة طعام ذات يوم، حتى فى وجود النقيب، ما بالنا إذا كانت الأيام قد علمتنا أن أحداً لن يُخلّد، وأن أحداً لم يُخلّد.

أما على الجانب الآخر، فمن المهم التذكرة فقط بأن مشاكل الحياة تعانى منها جميع طوائف المجتمع، بلا استثناء، وبالتالى لا يجب أبدا أن يكون هناك أى استثناء فى مواجهة هذه المشاكل، الأسعار ترتفع على الجميع، الأزمات اليومية يعانى منها الجميع، من حق الجميع أن يحيا بكرامة، كما من حق الجميع أيضاً أن ينعم بحياة طيبة، يكفى أن هؤلاء وأولئك قد حصلوا على استثناءات صارخة لتقلد هذه المواقع، أو الوظائف القيادية، بدءاً من الالتحاق بكليات معينة، وحتى التوظيف، أو بمعنى أصح ما نسميه التوريث، لا يمكن بأى حال أن تستمر كل حياتهم استثناءات.

ولتذكرة هؤلاء وأولئك، فربما يخجلون، هناك من أصحاب المناصب الرسمية والمرموقة من يقومون بقيادة تاكسى مثلاً، بعد انتهاء عملهم الرسمى، فى الثانية أو الثالثة ظهرا، حتى يستطيعوا مقاومة أعباء الحياة، وهناك بينهم من يعملون فى مهن أقل قيمة، وأكثر عناء، بعد انتهاء دوامهم الرسمى فى الوظائف الحكومية بصفة خاصة، أى ظلم إضافى هذا الذى يقع عليهم كل حين وآخر، جراء ممارسات النقيب وأمثاله؟

ندعو الله بالهداية للنقيب، وبالعدالة للكادر الخاص، وبالصبر للمصريين جميعاً.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية