x

عبدالعظيم درويش لـ«أطفال السرطان.. واليتامى.. وغيرهم»..! عبدالعظيم درويش الجمعة 24-07-2015 21:06


مثلما اعتدنا حتى سنوات قليلة مضت على «أسبوع المرور» الذى كانت وزارة الداخلية تنظمه، والذى كنت أعتقد – ولا أزال - أنه رسالة سلبية إلى المواطن بأن يحترم المرور ويخضع لقواعده لمدة أسبوع واحد من بين 52 أسبوعا يشملها العام ليعيد بعده إرباك المرور كيفما يشاء!!

ومثلما نتعاطف مع «اليتيم» فى يومه والذى يجرى الاحتفال به فى أول يوم جمعة من شهر إبريل سنويا، وهو أيضا يمثل رسالة سلبية للتعاطف والتراحم مع من خرج إلى الدنيا فور أن رحل عنها والداه أما بقية أيام العام فله رب الرحمة والعالمين سبحانه وتعالى.

اعتدنا قبل سنوات طوال الشهر الكريم «رمضان» على موجات من مناشدة أصحاب القلوب الرحيمة للتراحم والتبرع بجزء من مال أفاء الله به عليهم لمن يفتقد باباً ليحميه ويحمى أسرته من أعين الفضوليين، أو لمن يبحث عن لقمة خبز فى أكوام القمامة ليسد بها جوعه وجوع أبنائه وأفراد أسرته ليتلقى فى النهاية زجاجة زيت أو كيس أرز.. أو لطفل أو طفلة أخضعه «جنون خلية» فى جسده ليعيش على سرير مستشفى – إن وجد له مكانا – يخضع لعلاج مؤلم من مرض السرطان لا يحتمله جسده الصغير.. كل ذلك فى ظل ظروف دامت سنوات طوال وأثمرت عجزا أصاب ميزانية الدولة لأن توفر كافة احتياجات المواطنين أو مؤسسات العلاج!

انتهى الآن شهر رمضان الكريم وأعتقد أن موجات مناشدة الرحمة – على الرغم من أنها كانت صادمة لهؤلاء جميعا «سواء كانوا محتاجين أو مرضى» - ستنحسر انتظارا لـ«رمضان قادم» لتظل هذه النماذج على حالها بقية أيام العام دون أن نتوقف لنواجه أنفسنا بسؤال.. لماذا تقتصر دعوات «التبرع» على أيام الشهر الكريم دون أن تمتد لبقية أيام العام؟!.. ولماذا لا يصبح «تبرع القادر» ضمن ثقافتنا طوال العام خاصة أن ديننا الإسلامى بل وجميع الأديان السماوية تدعو للتراحم والتكافل؟!

وإذا كان ديننا وطبيعتنا يفرضان علينا أن نتعاطف مع كل محتاج أو مريض فما بالك بنظرة فى عنبر مستشفى – أى مستشفى – تعالج السرطان اللعين وخاصة «سرطان الأطفال» لتجد أن ألوان الشمع قد سقطت من بين أصابع الصغير الرقيقة‏..‏ أو أن يده الصغيرة قد استسلمت لطلقات الرصاص كل‏ 6‏ أو‏ 4‏ ساعات‏ لتغرس فيها إبرة قد تحمل الشفاء..‏ وأن مساحة اللهو سواء فى الشارع أو فناء المدرسة قد انحسرت إلى مجرد مستطيل صغير يجاور ـ فى أفضل الظروف ـ مساحات مماثلة فى عنبر يتسع لعشرات منهم‏..‏ واكتفى محمود وإميل بملعب كرة بلاستيك يفردانه أمامهما دون أن يجرؤا على مجرد الحلم بأن يكونا فى يوم من الأيام – على الأقل قريبا - بديلا عن أى من هؤلاء اللاعبين البلاستيك‏..‏ وتنازلت فاطمة وإيفون عن ضفائرهما ولم تعد نعومة فروة رأسيهما ـ اللتين خلتا من أى لون أسود ـ تثير أى شجن لديهما بعد أن اعتادا مظهرهما هكذا‏!!‏

مفردات اللغة تغيرت تماما ولم تعد سندريللا والشاطر حسن أبطالا لحوار الصغار وحل محلهما تعبيرات غريبة «إشعاع‏..‏ وعلاج كيماويى..‏ أو جراحة استئصال» تتردد على ألسنة الصغار دون إدراك معنى خطورتها‏..‏ يد رقيقة تنازلت طواعية عن عروس أو كرة لتتلقف بدلا منها أقراصا مسكنة‏..‏ أو مزيلة للألم‏..‏ ألوان اختزلت جميعها فى لون أبيض يرتديه طبيب أو ممرضة ترشق فى شرايين الصغير طلقة الرصاص بدعوى العلاج لا تخفف من ألمها كلمة «شاطرة أو الراجل يستحمل»‏.‏

خلية أفقدها تلوث الهواء والطعام والشراب كل اتزان فراحت تغزو مثيلاتها فى جسد صغير لم يقو على المقاومة فانهار تماما‏..‏ ‏ ألم لا يطاق فرض نفسه على ذلك الجسد الذى أصبح أقرب إلى قطعة ملابس ألقاها صاحبها بلا اكتراث‏..‏ أنين وصرخة ألم باتت الوسيلة الوحيدة لإعلان أن الصغير لا يزال على قيد الحياة وأن شهادة رحيله لا تزال دون توقيع‏..‏ دموع تحجرت فى عيون آباء وأمهات وأمل فى شفاء الصغير أو على الأقل إبدال مواقعهما معه‏!!‏

وحتى تعود الأنامل الرقيقة لتمسك بألوان الشمع مجددا‏..‏ وتردد الألسنة نشيد بلادى بلادى فى طابور الصباح‏..‏ وتسلم الأكف الصغيرة من طلقات الرصاص‏..‏ ويعود الشاطر حسن وسندريللا لحوار الأبرياء وتمسك الأيدى بالكرة أو العروس‏..‏ وتعود فاطمة وإيفون لتضفرا شعرهما فليس أمامنا سوى التبرع طوال العام – دون مناشدة تليفزيونية تضم مشاهد صادمة لهؤلاء الأطفال أو المرضى أو اليتامى - لسد احتياجات مؤسسات العلاج وترجمة معنى التكافل!!‏

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية